فيلتمان-حمد على قناة "الجزيرة": قاسم مشترك

معن حمية . الوطــن
قبل أيام قليلة خصّ أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قناته "الجزيرة" بمقابلة، "صودف" أنها أتت بعد أقل من 48 ساعة على مقابلة أجرتها القناة نفسها مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان الذي حاول ممارسة "الأستذة" حول كيفية تطبيق الديمقراطية في بلادنا.. كما أنه لم ينس اللجوء إلى وقاحته الموصوفة والمعروفة من خلال استخدامه العبارات والمفردات السوقية التي تحفل بها ثنايا "الديمقراطية الأميركية"!
وفي محاولة لتثبيت عامل "الصدفة" بين المقابلتين، سارع "جهابذة" الإعلام الأميري، إلى التعميم بأن مقابلة الأمير هي لنفي ما أشيع عن محاولة لاغتياله! لكن ما هو لافت أن "النفي" كان هدفه فقط التسويق لإطلالة "الأمير المفدّى"، في حين كان واضحاً أن التصويب على سوريا، هو جوهر المقابلة، وقد جزم حمد بأنَّ "الإحتجاجات الشعبية لن تتوقف"، وبأنَّ "الشعب السوري لن يتراجع عن مطالبه"، وفي قوله هذا تناغم وتأكيد على أن المقابلتين هما بمثابة "التابع والمتبوع".
وإذا كان حديث فيلتمان لـ "الجزيرة" عن شؤون بلادنا وتحريضه على سوريا وقيادتها، "أمراً طبيعياً" نظراً لوظيفة فيلتمان كمندوب سامي يمارس بوقاحة كل أشكال التسلط الاستعماري الجديد، فإن قول أمير قطر، بأن "الإحتجاجات الشعبية لن تتوقف"، أمر يثير الدهشة والإستغراب، إذ كيف لشخص برتبة "أمير دولة" أن يتدخل بشكل سافر في شؤون دول أخرى. إلا إذا كان مطلوباً منه فضح دوره في المشروع المعادي الذي يستهدف قوى الصمود والمقاومة..
على أية حال، ما ظهر من خلال المقابلتين المشار اليهما، أن هناك قاسماً مشتركاً بين فيلتمان وحمد، هو العداء لسوريا وقيادتها.. وشعورهما بالإفلاس. فعبارات فيلتمان الوقحة وشتائمه بحق سوريا وقائدها، دليل افلاس، ومسارعة الشيخ حمد إلى تسميع الدرس تأكيد حاسم على هذا الإفلاس.. وهنا ينطبق على الإثنين معاً قول الشاعر (وكورك فوق طويل المطا .. وسرجك فوق شديد القرا)، أي أنهما يضعان الرحال على ظهر الفرس والسرج على ظهر البعير، وهذا لن يوصلهما إلى شيء.
لكن الفوارق بين الشخصين كثيرة، ففي حين ظهر فيلتمان كـ "أستاذ ديمقراطية" يمارس اللصوصية والوقاحة في السياسة، فإن الأمير القطري ظهر بمظهر التلميذ العاجز عن حفظ درس "الأستاذ" الأميركي، حتى أن بعض الظرفاء الذين تابعوا مقابلة "الأمير" على "الجزيرة" أطلقوا عليه توصيفات متعددة، منها "شاهد عيان"، "ناشط حقوقي"، "عضو تنسيقية" أو ممثل "جمعية حقوق إنسان".. لأنه لم يضف إلى أقوال ضيوف "الجزيرة" المداومين على شاشاتها صبح مساء، أي جديد..
وثمة فارق بين "التابع والمتبوع"، فالأول، يفهم الديمقراطية على أنها عملية غدر بالأقربين، وهل مَن ينسى كيف غدر الإبن بأبيه؟
أما الثاني، فهو "سيد" في "الديمقراطية"، وعندما يتحدث عنها وفيها، فلأنه يدرك جيداً أن أحداً من الأتباع لن يناقشه في مفاهيم الديمقراطية، ولن يسأله عن ديمقراطية قتل ملايين البشر في فلسطين ولبنان والعراق وفيتنام وافغانستان والقائمة تطول..
وعلى الرغم من ظهور فارق نوعي في سعة "الثقافة" بين الملقن والمتلقي، فإن المقابلتين جاءتا في سياق واحد، وهو التحريض على سوريا. والسبب هو أن حملة التحريض المسعورة منذ أشهر لم يعد لها أي تأثير، وسوريا برغم كل الضغوط والعقوبات تتجه إلى الخروج كلياً من الأزمة، لتفتح صفحة جديدة تصفي فيها كل الحسابات مع الأعداء والخصوم.