قبر مجهول الهوية يعترض الطريق في منطقة شورا
ساهرة صالح. شام نيوز
تكثر المفاجآت في أيامنا هذه , فمنهاما هو سار ومنها ماهو مفجع ومنها أيضاً ما يحمل معنى كلمة مفاجأة حرفيا ...
فكيف على سبيل المثال إذا كان يسير في الطريق أحد المتشائمين ورآى قبراً في المنتصف يعترض طريق المارة و السيارات.من المؤكد أنه سيعتبر ما رأه مجرد وهم وأنّه يستقبل إشارات مشؤومة ليس إلا.
وإذا كان من أصدقائنا المتفائلين فسيكتفي ربما بالإستغراب والإندهاش والتحليل والتمحيص ووضع الفرضيات .
أما إذا كان صحفيا فمباشرة سيلتقط الصور و يجري اللقاءات و ينقل ما شاهدت عيناه و سمعت اذناه اليكم , و هذا ما كان .......
هذه صور حقيقية كحقيقة وجودنا ومماتنا,التقطناها في منطقة الشيخ محي الدين وتحديداً في جادة الفاخورة التابعة لشورا,وفي حديث سريع أجريناه مع السيد سمير الدادا صاحب محل اللحامة المواجه لهذا القبر(كما يتضح في الصور) قال:
_(( لقد سكنت هذا الحي مع عائلتي في سنة 1983 و كان هذا القبر موجودا و كما يقال فهو قديم جداً لأحد الأولياء الصالحين والله أعلم ....وأنا من قام بترميمه و دهنه باللون الأخضر.. و لم يسبق أن اشتكى أحد من وجوده في منتصف الطريق لا من المارة ولا حتى من السيارات فلقد تعود الجميع عليه..))
وعندما سألناه عن الشاهدة البيضاء على القبرواللتي تخلو من أي تعريف لصاحبه أو عن سنة وفاته, قال :
((لا أحد يعرف أصلا إن كان صاحبه رجل أو إمرأة,ولا أحد يأتي طبعا لزيارته بحكم تاريخه القديم ...وللأسف كلّ من كان بإمكانه إعطاؤكم بعض المعلومات فهو إمّا قد فارق الحياة وإّما كبير جداً في السن ..))
ليقول لنا أيضا السيد عماد قاسم صاحب البقالية القريبة من المكان :
((إن صاحب هذا القبر كما قيل لنا يدعى القاضي جريح و لكننا لا نملك أية وثائق أو دليل على صحة هذا الكلام فهي مجرد قيل عن قال..))
و قال السيد سمير:
((بالمناسبة هذه الحارة تدعى حارة الأولياء و أينما توجهتم ستجدون قبرا لأحد الصالحين إما داخل بيت أو في الطريق ... و عندما رأى ملامح الدهشة ترتسم على وجوهنا , ضحك قائلا : لا ...لا, هذا هو القبر الوحيد الذي يعترض الطريق بهذا الشكل أما الأخرون فقد أقيم حولهم البناء و يمكنكم رؤيتهم من وراء الشبابيك و الزجاج فقط ..))
و بالفعل إتجهنا من جديد عبر أزقة هذه الحارة القديمة لنبحث عن ما أخبرنا به السيد سمير . وهكذا وجدنا و كما قال (إنها حارة الأولياء)
مقام للعارف بالله أبو بكر العرود كي المقام من خلف الزجاج
و أخر لأسد الدين و أخرون أيضا في ما تسمى حارة الأولياء.
هذه كانت بداية القصة في حارة الأولياء منطقة شورا والقبر المجهول الهوية .... وطبعاً للحديث تتمة في نفس المكان وماسوف تخبرنا به الحاجة أم أحمد عويس عن طبيعة سكنها مع عائلتها في بيت داخل مقام الوزير تقي الدين التكريتي المتوفي سنة 698 للهجرة
الحاجة أم أحمد عويس و المقام التكريتي
فكما لكل مقام تارخ وقصة ,منها ماهومهمل ومنها ما يرمم,إما عن طريق الأوقاف أو تبرعات عينية,
وهذا ما أخبرتنا به الحاجة أم أحمد عويس بقولها:
((هذا المقام رمم بجهد شخصي من سيدة سورية لا تربطها بالوزير التكريرتي أي صلة))
و عند سألناها عن سبب وجود منزلها داخل المقام قالت:
-((الروايات تقول أن البناء كاملا كان قصرا للوزير التكريتي منذ حوالي 800 سنة,والأن قُسّم الى بيتين بالإضافة إلى المقام,و أنا أسكن في واحد من هذين البيتين))
وطبعا لم نخفي عنها إستغرابنا من كيفية تأقلمها والعائلة بالسكن داخل مقام كبير رمم حديثا فالغريب انهم تعودوا على وجود المقامات داخل البيوت وليس العكس, بقولها :
((إنه أمر طبيعي جداً فالمقام هو في الواجهة فقط , ولكي تدخل أحد البيتين لا بد من أن تدخل المقام أولاً وأنا سعيدة جداً بسكني هنا,فهو بيت شرح و مبارك و من يدخل إليه لا بد من أن يصله هذا الشعور))
وأضافت قائلة :
-((على فكرة عندما رمم هذا المقام أخبرونا عن زخرفات فنية تغطي جدران أحد الغرف و تقدر قيمتها بملايين الليرات لتاريخها و جمالها و لابد من أن تروها...))
فزاد حماسنا طبعا عند سماع هذه الأرقام و هذه القيمة الفنية . وإتجهنا مباشرةً للمكان,ومن وراء الأبواب والنوافذ المقفلة استطعنا أن نلتقط بعض هذه الصور..
وهكذا كان يوما أخر في مدينة دمشق حافلا بالمفاجآة و التاريخ و الفن و أيضا الروحانيات التي طالما أحاطت بهذه المدينة و نسجت حولها القصص و الأساطير.