قبل الانتخابات الاستثنائية لاتحاد كرة القدم...آلية العمل وأسلوبه هما طريق النجاح وأساسه

الترشيحات إلى انتخابات اتحاد كرة القدم أفرزت جملة من الملاحظات التي دارت بين المضحك والمبكي والتي أشارت بما لا يدع للشك إلى أن مؤسستنا الرياضية تعاني من خلل تنظيمي في جانب وأن بعض أفراد المؤسسة يحاولون ممارسة خرق النظام أملاً بمرورهم نحو الاتحاد الأكثر أهمية بين كل الاتحادات
من جانب آخر وفي مجمل الترشيحات نجد أن بعض المتقدمين هم من الخبرة التي سبق لها أن عملت في الاتحاد بدورات ماضية متعددة وبعضهم الآخر يقرع أبواب الاتحاد لأول مرة وأغلبهم يفتقر إلى الخبرة ولم يسبق له أن مارس أي عمل قيادي.
المؤهل العلمي
شرط الشهادة قضية وقف عندها البعض ودارت حولها نقاشات إعلامية واعتراضات رسمية، وبغض النظر عن المؤهل العلمي ومدى مطابقته للنظام الأساسي المعتمد في اتحاد كرة القدم فإننا نقف هنا أمام أمرين أولهما: ظهرت هذه القضية أكثر من مرة في أكثر من اتحاد وناد ولجنة، وهذا أدى إلى اضطراب في مفاصل العمل وإلى شكوك وجّه من خلاله البعض سهامه نحو المنظمة ونحو الآخرين، ولإنهاء هذا الجدل بشكل نهائي أرى أن الفصل فيه من واجب المكتب التنفيذي عبر إصداره بياناً يحدد فيه الشهادات القديمة بما يعادلها من المستوى الحديث، ويُفصل بنفس القرار موضوع الشهادات الواردة من الخارج ضمن الأنظمة والقوانين وبذلك ننهي كل جدل حول هذا الموضوع المفترض ألا يأخذ أي حيز من النقاش والتفكير.
ثانيهما: علينا البحث في جوهر المرشح لا في شهاداته فربما نجد يوماً ما مرشحاً يملك كل شهادات العالم وهو غير صالح لقيادة المكان المرشح له، فماذا سنستفيد من شهاداته؟
النظر إلى المرشح يجب أن يكون من باب الخبرة ومن باب السلوك بالدرجة الأولى، والمرشحون لرئاسة وعضوية الاتحاد معرفون لدى الجميع بخبرتهم وسلوكهم ومستوى أدائهم وعلينا المفاضلة فيما بينهم من خلال هذا الميزان بعيداً عن الشهادة أو أي أمر آخر، وأعتقد أن المسؤولية اليوم تقع على من يملك أصواتاً انتخابية ليقرر الرجل الأصلح الذي سينهض بأعباء الكرة السورية.
اللعب على الحبال
بعد انتهاء دراسة الطلبات والاعتراضات وصلت الأمور إلى مرحلتها النهائية وبات المرشحون معروفين، ولأن الصراع على الرئاسة سيكون بين ثلاثة فأتمنى أن ينظم كل منهم قائمته التي سيدخل فيها الانتخابات وهو أمر مفيد من وجهة نظري باتجاهين، الاتجاه الأول: وجود قائمة توافقية في اتحاد كرة القدم تعني الانسجام وهذا أفضل من رؤية اتحاد مخترق كما حدث في كل الاتحادات السابقة، فإذا فاز (فلان) في الرئاسة ودخل معه عضوية الاتحاد مرشحون من منافسية الآخرين، فإن الأمور لن تسير في الصحيح وستصب في دائرة الخلافات والاختلافات من اليوم الأول في عمل الاتحاد، وهو أمر شاهدناه في كل الدورات الانتخابية ونأمل ألا نراه في هذه الدورة.
الاتجاه الثاني: هناك متطفلون على الانتخابات من المرشحين الذين يمارسون اللعب على الحبال بين المرشحين الثلاثة فنجدهم في مجالس الجميع ويوزعون وعودهم على الجميع، ولا يهمهم من يفوز بالرئاسة بقدر ما تهمهم أنفسهم، ويفعلون ذلك حتى يحظوا برضا رئيس الاتحاد المنتخب وخصوصاً أن انتخاب الرئيس يتم قبل انتخاب الأعضاء، وأعتقد أن الفكرة هنا واضحة، لذلك نأمل أن يعلن المرشحون جميعاً إلى أي قائمة ينتمون وإن أراد البعض أن يكون مستقلاً فلا بأس وهذا وضوح جيد في الرأي والموقف.
آلية العمل
إذا كانت عواطفي كشخص تصب في مصلحة بعض المرشحين سواء على الرئاسة أو على العضوية، فهذا أمر ثانوي لأن القضية يجب أن تسمو وأن تتجاوز مسألة العواطف والمواقف الشخصية، من هذا المبدأ علينا أن نعمل للمصلحة العامة وأن نسعى لها حرصاً على فتح صفحة جديدة مع كرتنا الوطنية ونجد في صفحتها الأولى اتحاداً مميزاً بخبرته وسمعته وسلوكه وأخلاقه ويده النظيفة.
والصفحة الثانية نتمنى أن نجد فيها عقلية متفتحة على الحضارة والتطور الكبير الذي تشهده الكرة في كل دول العالم.
والصفحة الثالثة نأمل أن نجد القادر على محو أمية كرتنا من خلال تغيير آليات العمل وأسلوبه وهنا نقف عند نقطة (الديكتاتورية) التي مارسها الجميع في الاتحادات السابقة باستثناءات بسيطة فكان الاتجاه الدائم يصب في إلغاء الآخر وتجميد عمل الآخرين وكأن صاحب القرار هو الوحيد الفهيم والآخرين لا يفهمون شيئاً، وإذا بحثنا في الحكمة الإلهية وجدنا رب العزة يقول (وأمرهم شورى بينهم) وهذا هو المدخل الصحيح لعمل جماعي بلعبة جماعية.
من هنا نتمنى من باقي صفحات اتحاد كرة القدم البيضاء أن تؤسس للعمل الجماعي الذي يصب في مصلحة الكرة الوطنية، وأعتقد أن الأمثلة موجودة في كل الاتحادات وعلى رأسها الاتحادالدولي.
نجاح العمل في الاتحاد يبدأ من الاختصاص وهو عنوان عريض يجب أن يكون شعارنا في عملنا والقاعدة الرئيسة، في الاتحاد هي موظفوه ويجب أن يكونوا ملمين بأعمالهم دون أن يكونوا مخترقين كما حدث في كل الدورات الماضية، والموظفون هم أساس العمل وهم سبب نجاحه.. اللجان الفنية وغيرها في الاتحاد هي مشكلة المشاكل ومنذ أكثر من أربعين سنة ونحن نرى هذه اللجان خلبية وبعضها شرفي، وفي كل الدورات كان الجميع يطالب بتفعيل هذه اللجان، لكن العقلية النرجسية والمصالح الشخصية التي كانت تحكم عمل الاتحادات السابقة وفرملت كل هذه اللجان وعطلت أعمالها، وكان ذلك سبباً مباشراً بوصولنا إلى الدرك الأسفل من التخلف على جميع الصعد (الإدارية والتنظيمية والفنية والمالية).
في كل دول العالم يدير الاتحاد شبكة من الموظفين الاختصاصيين بالتعاون مع اللجان المشكلة، ولا يهمنا هنا بحجة اللجان وتعدد أعضائها وتعدد مهامها، بل نطلب لجاناً أقل بعدد أقل من صفوة أهل اللعبة حتى يتم العمل بحرفية تامة، وعلينا أن ننسى فكرة الماضي وهي تؤسس لعملية تطييب الخواطر فنزج كل العالم في هذه اللجان، الحد الأدنى للجنة الواحدة يجب ألا يتجاوز أعضاؤها الخمسة، سواء كانت مشرفة على الحكام أو المدربين أو الاحتراف أو حتى على دوري الدرجة الأولى.
نؤكد أخيراً أن أعضاء الاتحاد دورهم المشرف والرقيب على العمل لأن العمل الحقيقي هو للموظفين واللجان.. أما رئيس الاتحاد فأعتقد أنه ميزان العمل ويجب أن يبحث عن آفاق فنية ومشاريع تطويرية وآلية جديدة للاستثمار بعيداً عن حسابات النقاط والإنذارات والعقوبات.
فالقانون أو كما يسمى النظام الأساسي هو الفيصل في ذلك بعيداً عن الاجتهادات والتفسيرات.
من هذه النقطة نختم لنؤكد أن وضوح العمل شرط نجاحه لذلك نتمنى أن يكون عمل الاتحاد القادم شرعياً من خلال أنظمته الموضوعة سواء لوائح الأنظمة أو العقوبات أو اللوائح المالية أو الاحترافية أو القانونية، وهذا أمر مهم وعلينا أن نبتعد عن الشبهات والمجاملات والمحابات لأنه من المفترض أن تكون هذه اللوائح واضحة غير قابلة للتفسير أو التأويل كما كان يحدث في السابق عندما كانت اللوائح (شوربة) ويمكننا أن نفصلها كيفما نرد وحسب مصالحنا الفردية وعلاقاتنا الشخصية