قمة العرب التشاورية الأولى تبحث الإصلاح الهيكلي وسياسة دول الجوار

من غير الملائم أن نقلل من قيمة قمة العرب التشاورية الأولى، وتعقد بعد أيام في مدينة سرت في ليبيا، وذلك أن العادة درجت على القول إن قمم العرب لفظية لا تقود إلى نتيجة ولا تعنى بتنفيذ.
ورغم أن هذا الكلام ينطوي على واقع فعلي مجرب، إلا أن قمة سرت التشاورية الأولى هي محطة مهمة من حيث تمكن العرب من الاتفاق على لقاءين جماعيين في العام بدلاً من واحد، وهو ثمرة إجماع بعد أن كانوا يلتقون مرة واحدة كل عامين، ووفقاً لقمة سرت الأولى في آذار الماضي فإن الغرض من قمة السبت القادم هو التشاور في قضايا تنظيمية أكثر منه في السياسة، إذ يتصدر أجندة الزعماء العرب موضوعان رئيسيان هما إعادة هيكلة الجامعة العربية وتحويلها إلى اتحاد الدول العربية، ومشروع يجري العمل عليه لوضع سياسة دول الجوار للعالم العربي في قمة يوم السبت، وبينما يبقى الموضوع الثاني مثار جدل إلى حد ما، باعتبار أن الدول التي وافقت على المذكرة المرسلة من أمانة الجامعة العربية قليلة حتى لحظة كتابة هذا التقرير، ما «يبشر ببعض الإثارة» في اجتماع سرت السبت، من المرتقب أن يتم إقرار المشروع الأول باعتباره وليد تعاون يمني جزائري ليبي بخلاصة من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وذلك بعد التشاور مع اللجنة الرئاسية الخماسية التي أقرتها قمة سرت السابقة وتتألف من عضوية كل من مصر وقطر والعراق واليمن وليبيا.
ووفقاً للمشروع الذي ينشر اليوم بهدف إلقاء الضوء على الوليد الذي ستأتي به الأسابيع القادمة بتسمية اتحاد الدول العربية، فإن موسى يقترح في مذكرته الخاصة بإعادة الهيكلة إلى تحويل الجامعة العربية إلى اتحاد جامعة الدول العربية أو اتحاد الدول العربية بحيث تتغير تسميته الوظيفية من الأمين العام إلى المفوض العام، أسوة بعمل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.
وتقسم الهيكلة الجديدة الاتحاد إلى عدة مستويات تتمتع كل منها بصلاحيات محددة، تبدأ بالمجلس الأعلى ويمثل الزعماء العرب والمفوض العام (الأمين العام للجامعة حاليا)، يليه مجلس تنفيذي على مستوى رؤساء الحكومات العربية، ثم مجالس متفرعة لشؤون الخارجية والأمن وغيرها. كما يوسع عمل مكتب الأمانة العامة الحالية أو المفوضية العامة كما ستسمى، ويعين مفوضين للشؤون المختلفة وبينها الشؤون الخارجية والدفاع وغيرها.
وستتيح قراءة نص المشروع المنشور النظر إن كان التغيير الذي تعد به هذه الإعادة هو تغييراً بنيوياً وسيساهم في تحسين العمل العربي المشترك أم لا. وفي هذا السياق يعتقد البعض أن التغيير شكلي ولا يؤثر في آلية عمل الجامعة ولا في قراراتها. ويعلق دبلوماسي عربي مطلع على عمل الجامعة العربية ومشروع الإصلاح أن هذا المشروع يطرح التساؤل إن «كانت الحاجة للإصلاح هيكلية أم بنيوية في العمل العربي؟ «ويضيف بصيغة سؤال» وهذا يدفع للسؤال إن كان رداء العرب الحالي متمثلاً بالجامعة العربية أصبح ضيقاً على قدراتهم وبالتالي باتوا بحاجة لرداء جديد يتيح حرية أكبر للحركة؟».
أما في الموضوع الثاني المتعلق بسياسة دول الجوار فيدعو الأمين العام للجامعة عمرو موسى إلى وضع سياسة عربية عامة تجاه دول الجوار معتبراً أن هذا السبيل الوحيد لمواجهة ما يتعرض له الشرق الأوسط «من إعادة رسم» على حد تعبيره في المذكرة الموجهة للدول العربية لدراستها قبل عرضها على الزعماء يوم السبت القادم، وترسم المذكرة خريطة بأسماء الدول المعنية بإقامة هذه الرابطة في قارات إفريقية وأوروبا وآسيا، مشيرة إلى الدول المعنية مع تحفظين رئيسيين الأول على إيران والثاني تجاه أريتريا.
وتأتي المذكرة على التقديم للموضوع عبر القول إنه في «ضوء ما يتعرض له الشرق الأوسط من إعادة رسم يأتي موضوع طرح سياسة عربية تجاه دول الجوار واتخاذ زمام المبادرة ووضعها في أيد عربية» ولذا تقترح الجامعة العربية رابطة إقليمية أو محفلاً أو منتدى إقليمياً بينها وبين محيطها الجغرافي» وتقسم الأمانة في مذكرتها الدول المعنية بهذا الاقتراح إلى الدول المتاخمة للعالم العربي في آسيا وهي تركيا وإيران، وفي إفريقية وهي إثيوبيا واريتريا وأوغندا وتنزانيا وكينيا والسنغال ومالي والنيجر وتشاد، على حين يقتصر من ناحية الدول المتوسطية على مالطا وقبرص وتدخل في السياق الأوروبي إسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا واليونان وكما ذكرنا يستبعد الأمين العام بمذكرته إيران وإريتريا والأولى من غير سبب واضح يشير دبلوماسيون لـ«الوطن» إلى أن السبب المعلن هو الجزر الإماراتية على حين أن السبب المضمر هو تحفظات مصرية وخليجية بسبب سياساتها في المنطقة! كما وضع تحفظاً على إريتريا بسبب مشاكلها مع جيبوتي بينما إسرائيل مستبعدة تماماً حتى تعيد الأراضي العربية المحتلة وفق حدود 67 بما فيها القدس الشرقية، أما تشاد فتعتبر من أولى الأعضاء باعتبارها تعتمد اللغة العربية لغة رسمية وإن كان هنالك إشارة لسياساتها اتجاه السودان.
وتنص المذكرة على أن الهدف من المنظومة إقامة منتديات على شاكلة المنتدى العربي التركي والمنتدى العربي الصيني، وعلمت «الوطن» أن دولاً مختلفة تحمست للمقترح وأرسلت رسائل تشجيعية كالأردن وجيبوتي وجزر القمر وسلطنة عمان والعراق وإسبانيا على حين أبقت دول كثيرة على تحفظاتها بانتظار اجتماعات كبار الموظفين ووزراء الخارجية ومن ثم القمة للوصول لصياغة نهائية.
الوطن