كثر الحديث عن التي نهواها....

 

كثر الحديث عن التي نهواها

 

ساهرة صالح. شام نيوز

 

كيف لا وهي دمشق , قبلة الشعراء و أرض المقامات و أوّل عاصمةٍ في التاريخ , فلن نمل الكلام عنها يوماً و لن نملّ من التساؤل عن الوعود الكثيرة التي قطعتها المحافظة ونفذت بعضها ...
كما جاء بقرار صريح من السيد المحافظ د. بشرالصبان و الذي يقضي بإزالة كلّ صحون الستلايت التي نصبت على أسطح الأبنية " لتصبح المنظرالأميز لمدينة دمشق " واستبدالها بلاقط مركزيّ لكلّ بناء ..
إذ يكفي أن نصعد إلى أيّ سطح وفي أي مكان حتى نرى مشهد بانورامياً في غاية الروعة. إنها غابة من الصحون اللاقطة , ((حديد على مد النظر ))

 

دمشق التي قال فيها مهدي الجواهري :
وســرت قصــدك لا كالمشتهي بلـــــدا               لكن كمن يتشهّى وجه من عشقـــــا
أهذا هو وجه من عشق الجواهري يوما ؟
 

- فمن بين كلّ الأشياء وقع اختيارنا كمواطنين سوريين على هذه الصحون اللاقطة لمختلف الإشارات ,لنزين بها ليس فقط أسطح الأبنية و إنّما أيضا جدرانها وشرفاتها, علّها تكون لنا عوناً ونافذة على العالم ..

 

إستطلاع رأي

أحمد ( صاحب ميني ماركت ) :  (( يجب أن تهتم المحافظة بجمالية الشوارع و الأرصفة قبل اهتمامها بالأسطح , فمن غير المنطقي أن ندفع نحن من لقمة عيالنا لتركيب لاقط مركزي ))

فايز ( مهندس كهرباء ) : (( نحن نرى المحافظة  تصرف الأموال لتغيرالأرصفة كل يوم وبدون سبب , فلماذا يجب أن ندفع نحن لتركيب هذا اللاقط ))

أيهم ( طالب ) : (( لا أرى مانع من إزالة هذه الستلايتات و تركيب لاقط مركزي , إنه أمرٌ حضاري و جميل , و يمكننا من استخدام الأسطح من جديد كمتنفس لأهل البناء ))

خالد ( موسيقي ) : (( أعتقد أن المحافظة تقوم بخطوات جيدة وإن كانت بطيئة لتجميل محافظة دمشق , وهذا أمر يعود بالخير على الجميع , ولكن نحن تعودنا أن ننظف بيوتنا لنلقي بأوساخها إلى الخارج , أي أن خارج حيطان بيتي لا يعنيني ))

 

 

هل نحن حقاً كما قال خالد لا يعنينا ما هو خارج بيوتنا ؟
أم أننا نراها كما رأها يوما نزار قباني عندما قال :

حبيبتي أنـتِ... فاستلقي كأغنيـةٍ
على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من امـرأةٍ
أحببتُ بعدك.. إلا خلتُها كـذبا
يا شامُ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها
فمسّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا


سؤال كان لا بد من طرحه بعد أن جاءتنا بعض الأجوبة الجازمة كما قال السيد عدنان :

 (( جاءت المحافظة و نزعت الصحون اللاقطة من على السطح وطلبت تركيب لاقط مركزي ولكننا لن نستجيب لأننا لن ندفع من جديد ))

 

 


فما هو الحل إذا ؟

 
أجاب بكلّ ثقة : (( سيضع كلّ بيت الصحن الخاص به على الشرفة أو على حائط البناء فهذا غير ممنوع ))


هكذا و بكل بساطة تصدر المحافظة أمراً بإزالة هذه الصحون من الأسطح لتفسح المجال بتركيبها على شرفات المنازل و جدران الأبنية , و كأن أبنية دمشق لا يكفيها ما قد حلّ بها من تشوهات , جزاء ما صنعت أيدي السكان .

 

ما هو هذا اللاقط المركزي ؟

 

 ولكي نفهم أكثر معنى و ماهيّة اللّاقط المركزي كان لا بدّ أن نسأل من كان به خبير .
السيد أحمد صاحب محل تركيب ستلايتات و موظف حكومي , قال : (( اللاقط المركزي هو عبارة عن صحن لاقط عادي من الحجم الكبير لكي يستوعب عدد من الإبر و له عدة مخارج بعدد بيوت البناء وقابلة للزيادة أيضا ))

 
هل تكلفته كبيرة ؟
(( لا أبدا , ربما كل بيت في البناء الذي سيركب لاقط مركزي مثلا سيدفع بحدود ال 2000 ل س ))
هل يستطيع كل بيت عل حدا أن يشاهد ما يشاء ؟
ضحك قبل أن يجيب : (( طبعا, متل ما كان و أحسن ))....

أذكر حديثا  قاله لي يوما صديق مغترب في إحدى الدول الأوربية , أنه  إذا أراد سكان بناء ما تركيب مظلات تحمي من أشعة الشمس على الشرفات فلا بدّ من أن يتفقوا جميعاً على لون وشكل و نقشة القماش , وإذا خالف أحدهم هذا المعيار البسيط فالبلدية هناك ستتكفل بفك ( الشادر) و إرغام الساكن على التركيب كباقي سكان البناء . هذا على مستوى  ( شادر) بسيط , فكيف إذا قرر أحد السكان تزيين منزله دوناً عن البناء بالرخام , أو ضم الشرفة مثلا إلى إحدى الغرف , أو دهن محيط بيته فقط بلون يختلف عن باقي البناء , أو...إلخ كما نراه حاصلاً في أبنية دمشق ...

 

ألم يقل الشاعر الكبير سعيد عقل :
وأين في غير شام يطرب الحجر؟

 


مدينة أطرب جمالها حتى الحجر, الذي تحول بدوره إلى إسمنت مسلح تقاسمته أبنية دمشق لتثبت للشاعر أنّ الإسمنت أيضا له عشاقه من الشعراء الذين لم يولدوا بعد , ولكنهم و مع إنتشار ثقافة ( بيتي و أنا حر في مو بس من جوا و من برا كمان ) سيولدون في الزمان القريب لا محالة....

 


لهذا و كما نأمل أن تثمر عمليات التجميل السطحيّة , كذلك نأمل أن تثمر عمليات التجميل الأرضيّة , وتفعيل القوانين الخاصة بالحفاظ على شكل موحّد لكلّ بناء , فمحافظة دمشق ومعها كلّ المحافظات السورية كانت وما زالت موطننا للجمال و أهله....