كرة القدم.. شكل آخر للانتماء

كرة القدم.. شكل آخر للانتماء

شام إف إم - هند الشيخ علي

لن نكرر ذكر رحلة دروغبا ورفاقه التي أنهت الحرب في ساحل العاج بعد أن تحولت إلى مثال تحتذي به الشعوب التي عانت من ويلات الحروب، ولن ندخل في التفاصيل التي تجعل بلداً كاليابان يجد في كرة القدم أعظم مدرسة لتخريج مواطنين صالحين، ولكننا سنكتفي باسترجاع الأيام القليلة التي جمعتنا كسوريين نحو هدف واحد بعد سنوات من غربتنا عن بعضنا البعض، غربة الشعور والانتماء الواحد، فلما ركبنا طائرات العودة -على اختلاف محطات إقلاعها- كانت كرة القدم من فعلت ذلك، بعزيمة وإصرار رجال حملوا حب الوطن ووضعوا خلف ظهرهم كل ما دون ذلك.


عاطفة ممزوجة بالمنطق
لاشك أن حال المنتخب السوري قبل سنوات مختلف كلياً عن حاله اليوم، سواء على المستوى الفني أو الإداري، فبعد التحرر من بعض القيود الخانقة، وانتقال الإدارة من حال إلى حال آخر تماماً، وتقديم التسهيلات اللازمة لعودة بعض اللاعبين المحترفين، إضافةً إلى تأمين المعسكرات التدريبية وتعيين مدرب أجنبي قادر على اللحاق بعجلة التطور النوعي الذي يشهده المنتخب ككل الآونة الأخيرة، انتقلت آمال المشجعين من مستوى العاطفة التي تفرض علينا الوقوف بجانب منتخب بلادنا في انكساراته قبل إنجازاته، إلى مستوى العاطفة الممزوجة بالمنطق، فكل مشجع مطلع يمكنه اليوم أن يغمض عينيه ويحلم بتجاوز المنتخب لدور المجموعات ووصوله إلى المربع الذهبي، ألم يكن الأمر وشيكاً قبل عدة أشهر؟ وقبله بسنوات أيضاً؟ ألم يتحقق الحلم بتتويج سورية للمرة الأولى في تاريخها بلقب بطولة غرب آسيا؟ فلم لا تتسع آمالنا لتشمل آسيا كلها؟

 

استعدادات لاعبي المنتخب

قال لاعب منتخبنا الوطني لكرة القدم يوسف قلفا، إن المنتخب حالياً أكثر قوة بوجود نجوم يقدمون مستويات عالية في الدوريات العربية والآسيوية، فيما أكد حارس المنتخب إبراهيم عالمة أن الوصول إلى الدور النهائي من البطولة يحتاج إلى تخطي بعض المراحل واحدة تلو الأخرى ولكنه لن يقبل أن يكون ضيف شرف.

بدوره، أشار اللاعب عبد الملك عنيزان إلى أن المنتخب لديه كل الإمكانات للفوز باللقب، معولين على الجماهير السورية التي تقف خلفهم باستمرار وتشكل حافزاً كبيراً لبذل كل الإمكانات لإسعادها وعدم خذلانها.

تبدل مقاعد الأبطال

لن تجد طفلاً سورياً -حاله في ذلك حال معظم أطفال العالم- يجيب عن سؤال "من هو لاعبك المفضل؟" خارج خيارين اثنين، رونالدو أو ميسي، ولكن الأمر تغير بعض الشيء مع اقتراب تأهل منتخبنا السوري لنهائيات كأس العالم، فتراجع رونالدو وميسي خطوة ليتقدم عمر السومة والخريبين وفراس الخطيب والعالمة وغيرهم ويصبحوا أبطال الأطفال منا والكبار، ولو لم نسقط جميعنا بجوار ذلك القائم، لما عرفت الأجيال أبطالاً غيرهم في إطار هذه اللعبة.

السادسة من مساء الأحد المقبل الواقع في 6 كانون الثاني، يفتتح منتخبنا السوري أولى مبارياته في بطولة أمم آسيا أمام منتخب فلسطين الشقيقة، لتبدأ مع صافرة الحكم رحلة أحد عشر رجلاً على أرض الميدان نحو هدف واحد وهو اللقب، ولست مطالباً كمشجع لمنتخب بلادك أن تعي قواعد لعبة كرة القدم، يكفيك أن تشعر بعضلة قلبك تركض مع لاعبيه نحو مرمى الخصم، لتجد أن للحب والانتماء أشكال أخرى، أحدها كرة موقعة باسم بلادك.