كشف قضية فساد بإدخال آليات ثقيلة مهربة وتزوير أوراقها بحمص

أنهى الأمن الجنائي بحمص تحقيقات واسعة وطويلة مع /22/ متهماً وأحالهم إلى القضاء بجرم إدخال آليات ثقيلة بينها (تركسات -وبواغر - وجرافات) تهريباً إلى أراضي القطر وتزوير أوراقها و استخراج أوراق جمارك مزورة لها وتسجيلها بالتواطؤ مع شبكة كبيرة في أكثر من مديرية نقل بسورية بينها مديريات نقل السويداء ودرعا وريف دمشق ، قبل أن يتم نقل هذه الآليات إلى حمص .

وكانت بداية التحقيقات التي أجراها العميد مصطفى معيوف رئيس فرع الأمن الجنائي بحمص قد وضعت يد السلطات المختصة على مجموعة من المشتبهين ، وصل عددهم إلى عشرة حين ألقي القبض نهاية نيسان الماضي على عدد منهم كانوا يرصدون توضع الآليات الثقيلة (تركسات وغيرها) ويقومون بسرقة قطع ثمينة منها وبالتعاون مع أحد الصناعيين بحمص يعمدون إلى تغيير لون القطعة ويبيعونها لمالك الآلية الذي فقدها من آليته من دون أن يعلم أن هذه القطعة له أصلاً.

إدراك الأمن الجنائي بأن القصة أكثر من عمليات سرقة عادية ..‏ وأن عشرات التركسات والبواكر والآليات الثقيلة دخلت إلى القطر بصورة غير مشروعة قبل أن يتم تسجيلها تزويراً لدى مديريات النقل في المحافظات السورية ويتم نقل عدد كبير منها إلى حمص بطريقة مشبوهة أيضاً .

والآليات المشار إليها تجاوز سعر الواحدة منها /5/ ملايين ليرة سورية لدى مبيعها ، وفي حين عمل /10/ مشبوهين أساسيين وتوزعوا الأدوار فيما بينهم في سبيل شراء الآليات من لبنان وإدخالها وتأمين "الزبون" لها في سورية واستخراج ثبوتيات وأوراق مزورة من جمارك اللاذقية وحماه وغيرها من المحافظات على أنها أوراق الإدخال النظامي لهذه الآليات وهي ثبوتيات أساسية في تسجيل هذه الآليات بمديريات النقل ، تقول أنهم تقاسموا الأدوار وأدخلوا وباعوا بهذه الطريقة بضعة عشرات من هذه الآليات ، تمكن الأمن الجنائي من ضبط عدد كبير منها تمهيداً لتسليمها للجمارك تبعاً للأصول القانونية المتبعة .

وكشفت التحقيقات التي تولى القيام بها إلى جانب العميد معيوف الرائد حسين حمادي من ضباط البحث الجنائي عن وجود موظفين لكنهم غير شركاء مع هذه الشبكة تورطوا في نقل وتسجيل الآليات بمديرية النقل بحمص وبعضهم يعلم أنها مهربة بالأصل.

 في حين أن البعض الأخر كان يتقاضى مبالغ لا تتجاوز أحياناً الـ (500) ليرة سورية ، وتصل في بعض الأحيان إلى /100/ و /150/ ليرة سورية مقابل (إسدائه) للخدمات التي كان يقدمها لإنجاز معاملة نقل الآلية.

وكان (ع-س) 37 سنة من حي باب هود بحمص و (ز-ز) 27 سنة من المخرم الفوقاني و (ق-م) 26 سنة من حي باب السباع بحمص اعترفوا بداية بعمليات السرقة التي أشرنا إليها و فك قطع ثمينة من آليات ثقيلة وبيعها لأصحابها بمبالغ تتجاوز المائة ألف ليرة سورية.

 واعترفوا أيضاً بالعمل مع آخرين متوارين - (تمكن الأمن الجنائي من القبض عليهم فيما بعد )- بتزوير أوراق آليات ثقيلة مهربة من لبنان والقيام "بدق" أرقام المراقبة عليها و تزوير الأوراق الرسمية والمعاملات المتعلقة بتسجيل الآليات لدى مديريات النقل وتأمين زبائن سوريين لبيعها لهم على أنها آليات نظامية ..

ومنذ نهاية نيسان الماضي والجهة الأمنية تواصل أبحاثها عن المشتبه بهم وتواصل أيضاً ضبط الآليات الثقيلة التي تم إدخالها بهذه الطريقة .. قبل إقفال هذا الملف أول الأسبوع الجاري وإحالة كل من له صلة إلى القضاء وفق الأصول القانونية .. وقد اعترف أفراد هذه الشبكة لدى التحقيق مع كل واحد منهم بعد إلقاء القبض عليه بدوره الذي "يتكامل" مع دور الآخرين في عمليات التهريب والإدخال والتزوير والبيع في سورية إذ أنهم كانوا يشترون هذه الآليات من لبنان ليتم إدخالها عبر الطرق الترابية غير المشروعة فيما كان آخرون من بينهم يقوم باستلام هذه الآليات على الحدود السورية فيما تخصص عدد آخر منهم في "دق" أرقام المراقبة على هذه الآليات وإنشاء الشهادات الجمركية والأوراق المطلوبة وإنجاز المعاملات المتعلقة بتسجيلها بواسطة أجهزة كمبيوتر تم مصادرتها أيضاً مع ملحقاتها والمتورطين في العمل عليها ، حيث أنهم اعترفوا بتزوير أوراق الآليات.

 وعلى هذا المسار فقد كشفت التحقيقات عن تورط اثنين عملا في تزوير الأوراق و الثبوتيات وتم مصادرة جهازي كمبيوتر مع الطابعات والملحقات المستخدمة مع "إزميل" حديدي استخدم في (دق) مراقبة محافظة اللاذقية على هياكل الآليات خاصة وأنه يحمل أحرف نافرة بمقدمته تشير إلى اسم المحافظة ، وتم في البداية حجز وضبط /14/ آلية مهربة ومسجلة تزويراً قبل أن يطول حبل حجز هذه الآليات ويصل إلى ما وصل إليه ..!

اكتملت التحقيقات والاعترافات اليوم وأسدلت الستارة على أكبر عملية تزوير وإدخال آليات ثقيلة لأراضي القطر بهذه الطريقة .. ونقدم هنا مثلاً يبين كيف كانت تتم بعض "إجراءات" أو خطوات الإدخال والبيع ؟فقد أوضحت اعترفات "الشركاء" أنهم ومنذ ما يزيد على السنة والنصف أقدموا على شراء آلية تركس نوع فولفو قياس (L60) مهربة من أحد المشبوهين من دير الزور ومسجلة بمديرية نقل ريف دمشق بأوراق مزورة بمبلغ (5ر4) مليون ليرة سورية وبيعه لمواطن من بلدة حسياء بربح وصل إلى النصف مليون تقريباً وهذا المواطن لا يعلم إلا (خيراً) عن الآلية وفيما بعد تم نقل الآلية من مديرية نقل ريف دمشق إلى نقل حمص بناء على طلب المشتري بمساعدة (العصابة) .

ومن الوسائل الأخرى التي أدخلوا فيها آليات مهربة وقاموا بتسجيلها تزويراً .. إقدامهم على اعطاء مواصفات (باكر) نوع كاتربلر موديل ال 1994 طراز 235 مع رقم المحرك والهيكل والعمل على تأمين أوراق وثبوتيات مزورة لتسجيل الآلية وتأمينها واستخراج كافة الأوراق الخاصة بها بواسطة "شركاء" آخرين لهم مقابل مبلغ /50/ ألف ليرة سورية عن طريق مشبوه يعلم بأن الآلية صاحبة هذه المواصفات ستدخل تهريباً .. هذا المشبوه المقيم بحماه صاحب مكتب بيع وشراء آليات ثقيلة .. "أوهم" أحد اللاهثين خلف المنفعة غير المشروعة أن لديه زبوناً يرغب بتسجيل آلية ثقيلة لدى أية مديرية نقل في القطر .. فوقع الاختيار على نقل درعا ثم السويداء قبل نقلها إلى دير الزور و بيعها بـ (5ر7) مليون ليرة سورية.

وأوضحت التحقيقات أن العصابة بدأت بثلاثة وامتدت إلى /7/ ثم إلى /10/ مشبوهين ، عمدوا بداية إلى شراء آليات مهربة تعمل في سورية وتزوير أوراقها وبيعها من جديد ثم تطور بهم المآل ليقوموا بأنفسهم بشراء الآليات من لبنان وإدخالها وتزوير أوراقها قبل بيعها على أنها نظامية ..

فقد تم مخاطبة مديرية نقل حمص لإرسال لجنة فنية تكشف على جميع الآليات الثقيلة التي حجزها الأمن الجنائي .. و أفادت هذه اللجنة ان سمة رقم هيكل ورقم المحرك أساسي أو دق ورشات بلد المنشأ أما سمة أرقام الدق و المراقبة فهي غير مطابقة للمراقبات الصادرة عن الأمانات الجمركية المختصة وتبين أن فعل التزوير طرأ على الشهادة الجمركية والأوراق الثبوتية لكل آلية بما يتطابق مع الأرقام الأساسية الموجودة على الهيكل والمحرك لكل آلية .

وقد تم إحضار أضابير تسجيل هذه الآليات لإجراء الخبرة الفنية بقسم الأدلة بالأمن الجنائي حيث تبين خلال دراسة هذه الأضابير عدم انتظام في رسوم وحواف الأختام من حيث الشكل و الدقة ووجود مخلفات حبر متعددة الألوان حول حواف وكلمات الأختام نتيجة لسحبها بآلة تصوير (سكنر) وطابعة ملونة.

كما لوحظ أيضاً عدم انتظام في حواف وكلمات الوثائق الرسمية ومحتوياتها . وتشويه ناتج عن مادة الحبر حولها نتيجة سحب وتصوير هذه الوثائق عن وثائق رسمية صحيحة مطابقة للأصل وذلك باستخدام سكنر وطابعة ملونة حديثة في الطباعة وثيقة الشهادة الجمركية مخالفة للأصل نتيجة سحبها عن طريق الماسح الضوئي .

 وبعد سحب الشهادات الجمركية من هذه الأضابير تبين وجود /23/ شهادة صادرة عن مديرية جمارك اللاذقية و /4/ شهادات جمركية صادرة عن مديرية جمارك حلب وواحدة صادرة عن مديرية جمارك حماه .

وتم إرسال هذه الشهادات للجهات الصادرة عنها لمطابقتها مع الأرومات المحفوظة لديها ، حيث جاء رد هذه المديريات بأن جميع الشهادات غير صادرة عن أمانة المديريات المذكورة وليس لها قيود في هذه المديريات وأنها مزورة من حيث الأختام والتواقيع والمضمون ..

 وقالت معلومات انه تم القاء القبض أيضاً على عدد من الموظفين في نقل حمص لتقاضيهم الرشاوي من الموقوفين والمشبوهين وتسهيل أمور تسجيل المعاملات من دون علم هؤلاء الموظفين بتزوير أوراق الجمارك . فيما تواصل الجهات الأمنية البحث عن آخرين تورطوا مع أفراد هذه الشبكة .‏

 

شام نيوز- صحيفة العروبة