الصفحة الأخيرة

كي نشبعَ فقط

اقتصادية

الخميس,٢٧ نيسان ٢٠٢٣

زياد غصن-شام إف إم


سمحتْ لي عطلة العيد أن أزورَ قريتي، التي لا تبعدُ عن دمشق سوى 55 كيلو متراً، لكنّها عمليّاً باتت بالنسبة إليّ وكأنها في قارّة أخرى، والسبب عدم توفر مادّة البنزين، وأزمة النّقل المعروفة.

في هذه الزّيارة سمعتُ من المزارعين ما لم أسمعهُ من قبل...

اليوم أسهل قرارٍ يمكنُ أن يتّخذه بعض المزارعين هو ترك أشجارهم المثمرة تموت من العطش وعدم الرِّعاية، أو أن يعرِضوا أرضهم للبيع بعدما كان ذلك من المحرّمات...

أتحدّث عن مزارعين من أقاربي، وليس قيلاً عن قال...

قبل عامين تقريباً أودى سوء المُبيدات الزّراعية بكمّياتٍ كبيرةٍ من محصول التّفاح، واليوم لا قدرة لفلّاحين كُثُر على شراء السّماد، أو تأمين المازوت بأسعار السوق السوداء، أو تحمّل المزيد من خسائر التسويق...

قريتي، وككلّ الرّيف السوري، تحوّلت خضراء بفعل السبع ليرات سعر ليتر المازوت، والجرّافات الحكوميّة التي كانت تعمل مجاناً على استصلاح الأراضي، والغراس المجّانية، والسّماد بسعره الرمزي، والقروض الزراعيّة الميسّرة..

المزارع يدفع اليوم دمَ قلبهِ -كما يقولون- كي لا تموت أشجارٌ عمرها سنواتٌ وسنوات، لكن إلى متى يمكن أن يتحمل؟

لا تقولوا لي إن كميات المازوت المتوفّرة في البلد قليلة، وإلّا كيف تتوفر هذه الكميات لمولّدات الأمبيرات...

لا تقولوا لي إن كمّيات الكهرباء المنتجة قليلة، وإلا كيف تنعم مناطق وأحياء العاصمة بتقنينٍ مريح....

لا تقولوا لي إنّ ارتفاع أسعار السّماد سببه ارتفاع التكاليف، وإلا لماذا عند تسعير بعض المنتجات الزراعية تبخسون المزارعين حقهم.

تصوّروا أنّ القرية التي تصل فيها سماكة الثلج في الشتاء إلى مترٍ ومترين، وتتفجّر فيها الينابيع في الربيع والصيف، يضطّر سكانها اليوم لشراء المياه من الصهاريج...

عندما يكون المزارع هو أولويّة قولاً وفعلاً... عندئذٍ يمكن أن نشبع.

الصفحة الأخيرة
زياد غصن
شام إف إم
اقتصاد
زراعة
دعم