كيان مفروض بلا دستور … ينال عاصمة!

كيان مفروض بلا دستور … ينال عاصمة!

شام إف إم - نيفين الهندي:

قالتها يوماً رئيسة الوزراء “الإسرائيلية”، عشية حرق الصهاينة للمسجد الأقصى، “بمقدورنا أن نفعل ما نشاء فهذه أمة نائمة”، ومن هذه الجملة لربما قرر ترامب إعلان القدس عاصمة لـ”إسرائيل”، بعد قراره بنقل السفارة الأميريكة إليها.

تضم المدينة التاريخية، أحد أقدم المساجد في العالم، وسمي أقصى لأنه أبعد المساجد التي تشد إليها الرحال بعد الكعبة، وهو أولى القبلتين لدى المسلمين، وثالث الحرمين الشريفين، وتقع إلى الغرب منه قبة الصخرة التي تتوسط الحرم القدسي، والتي عرج منها رسول الإسلام محمد عليه السلام.

وتضم القدس أيضاً كنيسة القيامة، موقع صلب المسيح و فيها قبره بحسب الرواية الدينية، وهي أكثر الكنائس قدسية، يضاف إلى الكنيسة حائط البراق الذي يعتبره اليهود جزءاً من هيكل سليمان، ويلف المدينة ذات السبع أبواب، سورا تاريخيا وسطه شارع “الكاردو” الذي يفصل المدينة شمالا وجنوبا.

ويزعم الصهاينة بوجود هيكل سليمان تحت الأقصى، ولم يتم العثور على أي دليل أثري يؤكد وجوده، وتم الكشف عام ١٩٨١عن نفق أسفل الحرم القدسي، يبدأ من حائط البراق، ورغم تحذيرات التقارير الدولية، بتصدع الأبنية الملاصقة للسور الغربي، استمر الصهاينة بالحفر.

القدس والانتفاضة سياسيا..

منذ أن أعطى وزير الخارجية البريطاني، آرثر بلفور، وعداً بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين عام ١٩١٧، والذي وصفه العرب بـ”وعد من لا يملك لمن لا يستحق”، بدأت سلسلة من الاعتداءات الصهيونية، ففي عام ١٩٤٧ كانت القدس تحت الوصاية الدولية، وقسمت إلى شقين عام ١٩٤٨شرقي تحت الوصاية الأردنية، وغربي تحت وصاية الاحتلال.

وفي عام ١٩٦٧ رفع الصهاينة العلم الإسرائيلي على قبة الصخرة، وأحرقوا المصاحف ومنعوا المصلين من الصلاة فيه، وصادروا مفاتيح أبوابه، وسيطرت “إسرائيل” على كامل القدس، كما ألغت البرامج التعليمية الأردنية التي كانت مطبقة سابقاً في مدارس القدس، وإبدالها بالبرامج التعليمية المطبقة في المدارس العربية في الاراضي المحتلة سنة ١٩٤٨م.

وقام سائق شاحنة “إسرائيلي” عام ١٩٨٧بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين، فكانت هذه الحادثة الشرارة التي أشعلت الانتفاضة الأولى، وتوقفت مع توقيع اتفاقية أوسلو بين “إسرائيل” ومنظمة التحرير الفلسطينية عام١٩٩٣.

وفي عام ٢٠٠٠ قام رئيس الوزراء الصهيوني، أرئيل شارون، باقتحام ساحات المسجد وتجول في ساحاته وقال إن الحرم القدسي سيبقى منطقة “إسرائيلة”، مما أثار استفزاز المصلين الفلسطينيين الذين تصدوا له، فرسم ذلك التحدي شرارة اندلاع “انتفاضة الأقصى” وفي العام نفسه ارتكبت ”إسرائيل” مجزرة جديدة بحق المصلين.

وفي عام ٢٠١٧ جرى إقفال المسجد الأقصى كلياً أمام المصلين، واعترف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لـ”اسرائيل”.

وسعت "إسرائيل" خلال العقود الماضية إلى استكمال مخططها الاستيطاني، الهادف للسيطرة الكاملة على مدينة القدس، وعملت على تحقيق ذلك من خلال توسيع ما يسمى بحدود القدس شرقاً وشمالاً، فقامت بمضاعفة عدد المستوطنين، وفي نفس الوقت قللت نسبة السكان الفلسطينيين، الذين يشكلون ثلث سكان القدس أي حوالي٢٢٠ألف نسمة.

وبلغ عدد المستوطنات في القدس حسب إحصائيات مركز أبحاث الأراضي، ٢٩ مستوطنة، ١٤ منها في الجزء المضموم من القدس، أي ما يسمى حدود القدس الشرقية، وتنتشر هذه المستوطنات في محافظة القدس، على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة.

وقامت سلطات الاحتلال بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي التابعة للقرى التي أقيمت عليها المستوطنات، وإلى تطويق التجمعات السكنية الفلسطينية، والحد من توسعها الأفقي والعمودي لاستيعاب التزايد الطبيعي للشعب الفلسطيني.

إضافة إلى تهديد بعض التجمعات السكانية الفلسطينية بالإزالة، والسعي في قطع التواصل الجغرافي بين أنحاء الضفة الغربية وتقسيمها إلى بقع متناثرة، وبالتالي الحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومتواصلة جغرافيا وبالتالي إلغاء حدود الدولة وهي من مقومات الاعتراف بها.

كما سعت إسرائيل إلى طمس أسماء القرى والمدن الفلسطينية، في محاولة جديدة لتهويد فلسطين، الأمر الذي منع من تغطية عجزها عن إقامة دولة، حيث تفتقد دولة الاحتلال إلى أهم مقومات نشوء الوطن فلا سيادة بدون دستور ولا أرض بدون حدود و لا شعب بدون قومية موحدة.