كيف وثق التراث السمعي والبصري الأحداث التاريخية والاجتماعية في سورية؟

كيف وثق التراث السمعي والبصري الأحداث التاريخية والاجتماعية في سورية؟

رزان حبش – شام إف إم

يصادف الـ 27 من تشرين الأول اليوم العالمي للتراث السمعي والبصري، وهو وفقاً للـ "يونسكو" يحمل حكايات عن أشكال حياة الأشخاص وثقافاتهم في جميع أنحاء العالم.

ويؤكد الذاكرة الجماعية، ويجسد التنوع الثقافي والاجتماعي واللغوي في المجتمعات، كما تساعد محفوظات التراث السمعي والبصري على النضوج وفهم العالم الذي يتشاركه الجميع، وتشمل كل أنوع المواد المسموعة أو المرئية.

 

وقال الباحث في التراث محمد حبش لبرنامج "البلد اليوم" على "شام إف إم" إن التراث السمعي والبصري يشمل الصور الفوتوغرافية والأفلام والتسجيلات الصوتية والمرئية، وأي أشكال أخرى توثق تاريخ الفن والثقافة والحياة اليومية للمجتمع.

وحول تحديد ما يمكن اعتباره تراثاً وما لا يمكن اعتباره كذلك، بيّن حبش أن كل ما ذُكر يُعد تراثاً إذا ما مرَّ عليه الزمن، بينما يؤرخ الجديد للحظة الراهنة، ويمكن أن يُصبح تراثاً بعد تقادم السنين.

وأشار حبش إلى أهمية رقمنة التراث السمعي والبصري، عبر تحويل مضامين الأشرطة الممغنطة وأشرطة الكاسيت إلى مواد رقمية إلكترونية للحفاظ عليها من الضياع أو الاهتلاك.

وروى الباحث في التراث عدة قصص حول تأريخ التراث السمعي والبصري السوري، ومنها في فيلم المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد "ما يطلبه المستمعون" موظفاً البرنامج الإذاعي الذي يحمل الاسم ذاته في الفيلم، وتقول قصة الفيلم إن فتاة تُحب جندياً في الجيش اسمه جمال، وكانت قد أرسلت له أغنية "جايبلي سلام" للمطربة فيروز عبر برنامج "ما يطلبه المستمعون".

وقد أرسلت الرسالة تحت اسم مستعار "من الأميرة العاشقة إلى الفارس العتيق"، إلا أن رسالتها قُرئت في اليوم الذي استشهد فيه حبيبها جمال وجاء إلى القرية ملفوفاً بالعلم السوري، وذلك على ألحان أغنية "جايبلي سلام"، وهذا نوعٌ من التوثيق السمعي والبصري، وفقاً للباحث.

كما تحدث عن فيلم "مطر أيلول" للمخرج عبد الحميد أيضاً، حيث وجّه تحية لأمير البزق محمد عبد الكريم، حيث عُرِضت في بداية الفيلم صورة له بالأبيض والأسود وهو يمشي باتجاه دار الإذاعة السورية للإشارة إلى موسيقاه الشهيرة التي كان يبدأ بها البث الإذاعي.

وقصّ حبش رواية تتعلق بالفترة التي شن فيها العدوان الثلاثي الإسرائيلي البريطاني الفرنسي على مصر، وتحديداً عندما قُصفت محطة بث إذاعة القاهرة، فقال المذيع السوري عبد الهادي بكار عبر إذاعة دمشق جملته الشهيرة: "من دمشق هنا القاهرة".

كما لفت حبش إلى التوثيق البصري والسمعي الذي عمل عليه المخرج السوري محمد ملص في الفيلم الوثائقي "المنام"، والذي يدور حول الأحلام التي راودت منام الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا بلبنان، حيث تم توثيق 600 حلم عام 1981، وذلك عبر الصوت والصورة.

وقد استشهد لاحقاً الكثير من هؤلاء الذين تحدثوا عن أحلامهم في الفيلم، في مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها جيش الاحتلال بحقهم، فيما بقيت صورهم وأصواتهم حاضرة وموثقة.

بالإضافة إلى ذلك تعتبر "خبطة قدمكم" لـ "فيروز" أغنية حاضرة في ذاكرة التراث السمعي للسوريين، وذلك بعد اعتمادها ككلمة سر موجهة لقوات الجيش العربي السوري لبدء الحرب ضد العدو الإسرائيلي في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السادس من تشرين الأول عام 1973، بحسب ما أوضح حبش.

وكذلك الأمر بالنسبة لجملة "ألف حبل مشنقة ولا يقولو أبو عمر خاين يا خديجة"، حيث قال الباحث إن هذه الجملة موثقة في التراث السمعي لدى السوريين أيضاً، وهي جملة تضمنتها التمثيلية السورية "عواء الذئب".

 

يمكن اعتبار هذا اليوم العالمي للتراث السمعي البصري بمثابة نافذة إلى العالم، لبناء معرفة أكبر حول التراث السوري والعربي أولاً، وعن التراث الإنساني والبشري بكل أشكاله ومسمياته.