كيف يمكن تأمين بدائل المواد المستوردة مع العقوبات الاقتصادية؟

الأزمة الحالية، مع ما حملته من ضغوط وتهديدات اقتصادية غربية وعربية، جعلت التوجه الاقتصادي لسورية يسلك مساره نحو الشرق لتوزيع المخاطر الاقتصادية في ذروة الأزمات،

خاصة أننا سنجد في تلك الوجهات فرصة للعديد من السلع التصديرية لدخول أسواق تلك الدول، مع إيجاد بدائل لكثير من المواد التي كانت تستوردها سورية من بعض الدول الأوروبية في الأسواق الجديدة، ناهيك عن إمكانية أن نجد نحن بدائل محلية للعديد من السلع المستوردة.‏‏


 

وبحسب الإحصاءات فإن مستوردات سورية حتى نهاية الشهر الثامن من العام الجاري بلغت ما يقارب 144 مليار ليرة سورية.‏‏

ماذا تستورد سورية؟ وهل تستطيع تأمين بدائل تلك المواد المستوردة؟ بالعودة إلى الوراء، استطاعت سورية أن تحقق ميزات عديدة من خلال اعتمادها على الذات وإيجاد بدائل، في الصناعات النسيجية وصناعة الألبسة إضافة إلى الصناعات الغذائية والدوائية والتي شكلت منافساً في السوق المحلية والإقليمية.‏‏

بالمقابل يتم طرح وتداول مبدأ إحلال المستوردات أو إعادة الربط بين المستوردات والصادرات، وهو المبدأ الذي يقوم على أن تكون الصناعة المحلية بديلاً للعديد من السلع المتستوردة وخاصة تلك التي يوجد لها بديل الأمر الذي يتطلب تفعيلاً للصناعة التحويلية على اعتبار أنها تسهم في تطوير الصناعات الأخرى من خلال تحويل المنتجات الزراعية إلى سلع مصنعة.‏‏

يقول المستشار الاقتصادي سعد بساطة إن الوضع استثنائي بامتياز، وبالتالي نحن نحتاج لحلول استثنائية تستلزم وجود فريق عمل لإدارة الأزمات يضم كافة الفعاليات الاقتصادية والشعبية بهدف استمرارية العلاقة التجارية المتميزة مع بعض البلدان (العراق - لبنان) وضرورة رفع التبادل التجاري مع إيران واستكشاف دول رديفة مثل بعض الدول في أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية وآسيا.‏‏

ويشير بساطة إلى أهمية تحفيز الصناعة الوطنية للتوجه نحو الاكتفاء الذاتي في السوق المحلية وفق جدول مدروس للسلع المطلوبة.‏‏

الصناعي أيمن مولوي قال للثورة: هناك بعض الصناعات تستطيع أن تحقق اكتفاء ذاتياً مثل الصناعة النسيجية من خلال تصنيع الخيط، والأمر كذلك بالنسبة للصناعة الغذائية التي تحقق 80٪ من الاكتفاء الذاتي.‏‏

وأشار مولوي إلى أهمية الحفاظ على الأسواق التصديرية المهمة بالنسبة لسورية في هذه المرحلة وخاصة دول الجوار لأنها تعطي نوعاً من الطمأنينة للصناعي والعمالة.‏‏

ومن جهة أخرى هناك صناعات كثيرة تعتمد على المواد الأولية التي لابد من استيرادها خاصة أن كل الصناعة التحويلية تعتمد عليها وبالتالي يمكن استيرادها من الصين وبعض دول أوروبا الشرقية.‏‏

الدكتور عابد فضلية أستاذ التحليل الاقتصادي في جامعة دمشق رأى أنه لا يوجد دولة في العالم تستطيع أن تكون مكتفية من كل شيء تحتاجه على الاطلاق، قد يكون هناك اقتصادات تستطيع أن تغطي نسبة كبيرة من احتياجاتها محلياً خاصة في مجال الكساء والغذاء إلى حد ما الطاقة.‏‏

ويضيف إنه في ظل الأزمة الحالية لاشك أن هناك الكثير من السلع والمواد المستوردة يوجد لها في سورية بديل كامل مثل الألبسة والأحذية والحليب والخضار وبعض الفواكه وهو بديل أفضل، يبقى أن هناك بعض السلع لها بديل جيد لكن ليس كاملاً مثل السمون والزيوت فإنتاجها لا يكفي أن يغطي السوق المحلية حالياً إلا أنه بسبب الطبيعة الحقيقية للاقتصاد السوري ووجود ثروة حيوانية ونباتية، يمكن تغطية كامل الحاجة من هذه السلع والمواد ومعظم السلع الغذائية الضرورية وكثير من سلع السكن والملبس.‏‏

وأشار إلى ضرورة تغيير في بنية الاستثمارات العامة والخاصة وإلى سياسة استثمارية وصناعية وزراعية تأخذ هذا الهدف بعين الاعتبار وهذا ما يسمى بسياسة الاكتفاء الذاتي.‏‏

إلا أنه أشار إلى ضرورة عدم الخلط بين هذه السياسة التي يجب أن نحققها بأسرع ما يمكن وحتى في ظل الظروف العادية، ولكن ألا نجعلها هدفاً بل الهدف الأعلى هو الاعتماد على الطاقات الذاتية واستغلال الموارد المادية والبشرية بالشكل الأمثل من خلال دراسة علمية في إطار الهدف الاستراتيجي، الأشمل وهو الاعتماد على الاقتصاد الحقيقي أولا مع ضرورة الاهتمام الشديد بالسياحة والقطاعات الخدمية الأخرى بالقدر اللازم لخدمة إنتاج القطاعات الحقيقية.‏‏

 

شام نيوز. الثورة