لأميركا ما تخفيه عن إسرائيل بشأن النووي الإيراني

ليس فقط أن إسرائيل لا تعتزم كشف جميع أوراقها أمام الأميركيين. فللأميركيين أيضاً أسرار خاصة بهم. بعد اللقاءات التي عقدها هنا، هذا الأسبوع، رئيس مجلس الأمن القومي، توم دونيلون، يتبين أن لدى الولايات المتحدة ما تخفيه عن إسرائيل في مسألة النووي الإيراني أكثر مما لدى إسرائيل لتخفيه عن الولايات المتحدة.
في كل ما يتعلق بالصورة الاستخبارية عن النووي العسكري الإيراني، يسود بالنسبة لنوايا الإيرانيين ومدى خطورتهم إجماع مطلق بين الطرفين. ولكن لا يوجد بينهما ثقة كبيرة. كل واحد يخشى من أن يكون الطرف الآخر يوشك على أن يخوزقه. كل واحد مقتنع بأن الآخر سيسحب البساط من تحت أقدامه.
لقد سبق أن نُشر أن الأميركيين يحتجون على أن إسرائيل غير مستعدة لان تتعهد بإعطائهم إخطارا إذا ما قررت مهاجمة إيران. ومع أن "نيويورك تايمز" تعرض مصاعب إسرائيل في الهجوم، ففي الإدارة الأميركية، وفي البنتاغون على نحو خاص، يوجد تقدير أكبر للقدرات الإسرائيلية. يمكن الافتراض بان وكالات الاستخبارات الأميركية تعمل في منطقتنا ساعات إضافية، وليس صدفة أن دخلت الإدارة الأميركية في حالة قلق.
تشرح إسرائيل رفضها إعطاء إخطار للأميركيين بدعوى مجال المجاملة واللياقة: لماذا تحتاجون إلى التورط؟ إذا ما علمتم، فسيتعين عليكم بعد ذلك أن تشرحوا ما الذي فعلتموه في هذا الشأن.
أما الأميركيون فلا يشترون هذا التفسير. بالمقابل، يرفضون في الإدارة إعطاء أجوبة مباشرة على الأسئلة التي تطرحها إسرائيل مثل: ما هو الخط الأحمر الأميركي بالنسبة للنووي العسكري الإيراني؟ هل خطكم الأحمر هو تجارب يقوم بها الإيرانيون قبيل تركيب رأس متفجر؟ هل هو قنبلة جاهزة في المخزن؟ وماذا ستفعلون إذا اكتشفتم بأن الخط الأحمر الذي قررتموه قد اجتيز؟
الأميركيون، وزير الدفاع بانيتا مثلا، يكتفون بجواب علني مجرب: خطنا الأحمر هو تحقيق قنبلة نووية لدى إيران. في اللقاءات الرسمية والثنائية يكررون عبارة"الرئيس الأميركي تعهد ألا تكون لإيران قنبلة وهو يقصد ذلك". إسرائيل ترغب في أن تعرف أكثر عن التفصيل ماذا يقصد الشاعر وماذا سيفعل الرئيس بالضبط، ولا تحصل على جواب حقيقي.
في اللقاءات بين الطرفين، بما في ذلك تلك التي عقدت، هذا الأسبوع، لا يوجد ضغط أميركي. توجد محاولة متكررة لإقناع إسرائيل: ثقوا بنا، نحن نعرف ماذا نفعل، العقوبات تتقدم على نحو جميل، يوجد احتمال جيد في أن يقتنع الإيرانيون بأن من المجدي لهم وقت المشروع العسكري مثلما فعلوا في 2003.
في إسرائيل لا يصدقون. تعتقد القيادة الإسرائيلية أن الأميركيين يحاولون التسويف حتى تشرين الثاني من أجل الوصول إلى الانتخابات الرئاسية دون أزمة اقتصادية كبيرة على خلفية ارتفاع أسعار النفط ودون التدهور إلى مواجهة عسكرية ذات مغزى.
من ناحية إسرائيل الانتظار إلى ما بعد موعد وصول إيران إلى نطاق الحصانة معناه انعدام القدرة على مهاجمة المشروع النووي الإيراني بشكل فاعل.
الأميركيون، الذين لديهم قدرة تدمير أكبر بأضعاف من قدرة الجيش الإسرائيلي، لا يفهمون حقا العناد الإسرائيلي على بضعة اشهر إلى هنا أو إلى هناك. فهم يمكنهم أن يصلوا إلى الأعماق السحيقة حتى بعد بضعة اشهر.
في إسرائيل يخافون: إذا وصلنا إلى وضع يكون فيه هجوم أميركي وحده يمكنه أن يوفر البضاعة، فإننا سنخرج إلى الصورة. الأميركيون سيأخذون الخيوط ويفعلون بها ما يشاؤون، وهذا لن يكون بالضرورة الهجوم.
في واشنطن يعرفون جيدا: التهديد على إسرائيل هو وصفة معروفة لإثارة الشبهات بها. الطريق السليم لمعالجة إسرائيل هو التملق لها والدفع لها. لدى إسرائيل مشاكل مع ميزانية الدفاع؟ نساعدها قليلا رغم أن عندنا أيضاً نقلصاً.
الاشتباه المتبادل بين الحليفتين يحتدم من زيارة إلى أخرى. والنوبة التالية متوقعة في آذار. حين سيزور نتنياهو الولايات المتحدة، وعندها أيضاً سينشر مجلس أمناء وكالة الطاقة الذرية تقريرا إجماليا عن النشاط النووي العسكري الإيراني.