لؤي حسين: السبل المطروحة الآن أمام الواقع السوري تتجسد بخيارات التسلّح

اعرب رئيس تيار "بناء الدولة السوري" لؤي حسين، عن استيائه إزاء السبل المطروحة للمسألة السورية، واعتبر أنّ الغرب لم يُظهر ولا مرة استعداداً لتدخُّل عسكري مباشر، ورغم ذلك قامت بعض شخصيات المعارضة في الخارج منذ وقت طويل بإيهام المتظاهرين بأنّ تدخلاً عسكرياً قريباً سيحدث وسيكون بمثابة المخلص القريب، "في المقابل، قمنا بالضغط على الدوائر الغربية لتقول صراحة إنها لن تتدخل عسكرياً، وقد سمعنا معظم المسؤولين الأوروبيين يصرّحون بذلك".

واوضح حسين في حديث لـ"الأخبار" أنّ ما يخشاه اليوم هو أنّ بعض الدوائر ستشكّل غطاءً لدول أخرى لتمويل من يريد الصراع المسلَّح، وهو ما حصل في مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري" في تونس على حد تعبيره، "الذي شرعن للسعودية وقطر أن تدعما التدخل العسكري، فالسبل المطروحة الآن أمام الواقع السوري تتجسد في خيارات التسلُّح، بعدما فشلنا، نحن دعاة السلمية، بتقديم مبادرة يمكنها أن تنجّي البلاد من الانزلاق لمخاطر كبيرة لا تقتصر على الحرب الأهلية فحسب، بعدما رفضت السلطة كل الحلول السلمية واستمرت بالقمع". وخصص حسين مساحة كبيرة من حديثه لمهاجمة "الخطاب الإعلامي المروِّج للعنف والذي يشيطن السلمية" في إشارة إلى الإعلامين العربي والداخلي الحكومي على حدّ سواء.
لكن رئيس "بناء الدولة" استدرك بأن الحل "لا بد أن يكون سلمياً وآمناً، بمعنى ألا يتسبب بانهيار مؤسسات الدولة وانقسام المجتمع"، مع تشديده على أن عدداً من الأطراف المشاركة في الصراع "ترفض أي حل مماثل، وبالعكس، فإنّ كل وسائل العنف لا تشكل حلاً عادلاً، ولا يمكن حتى أن تكون سبيلاً لتحقيق الديمقراطية في سوريا".
في المقابل، شنّ حسين هجوماً على معارضة الخارج، ويتساءل "أليس من يدعو الآن إلى التسلُّح ويبارك العمليات ضد الجنود هو أيضاً صاحب أياد ملطخة بالدماء؟". كلام خلص منه إلى اعتبار أن "كل دعاة التسلح لا يحق لهم وضع أي شرط للحوار أو التفاوض، فهم مثل الطرف الآخر دعوا إلى القتل وتسببوا مباشرة بانقسام المجتمع السوري، وتلطخت أيدي بعضهم بمال دنس فاسد".

واكد أن "قسماً كبيراً من تنظيمات معارضة الخارج هي هيكليات تنظيمية مفبركة من دوائر خارجية، وبالتالي ليس من المستغرب أن نسمع منها مواقف متناقضة نابعة من تخبط في تحديد مرجعيتها أو العجز عن فهم ما تريده تلك الدوائر التي فبركت قطباً معارضاً يمكنه أن يحظى بشرعية تؤهله لطلب مساعدات من الغرب". وفيما رفض حسين "ابتكار معارضات مفبركة أو التوحُّد معها إرضاءً للغربيين"، يوقع "ألا يطول الأمر حتى تبرز قيادات جديدة حقيقية من الواقع السوري لتشكل ريادة حقيقية لكل القوى السياسية في البلاد رفضاً لبقاء النظام والحلول العسكرية، ورفضاً للتدويل الذي يريد أن يقرر مصير السوريين ومستقبلهم".
غير أنّ نقد لؤي حسين لا يتوقف عند المعارضة، بل يمتد إلى بعض الساسة في الخليج، من أصحاب التصريحات النارية على حدّ وصفه. هؤلاء بحسب تعبيره، "فاقدون للأهلية في تقدير مآل ما يدعون إليه، وحجم الأذى الذي سيصيب بلدانهم إن وقعت الفوضى في سوريا". هي فوضى "تقدّم خدمات كبيرة للنظام بالدعوة إلى التسلح كي تبرر له ممارسة القمع، وتعطيه الذريعة لضرب المحتجين بما أنّ الاحتكام للسلاح من قبل الجيش الحر، أو التدخل العسكري الخارجي، سيكون الرابح منه الطرف الأقوى عسكرياً، وليس صاحب الحق". وعن هذا الموضوع، اعرب حسين عن خشيته من أن تتمكن السلطة من الانتصار "لتتحول إلى سلطة فاشية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً". أما عن موقف الحليف الأكبر لحكام دمشق، أي روسيا، فرأى أن من المنتظر أن تفرض على النظام السوري "القيام بخطوة أولى تجاه الحل، أو التعويل على حل تلقائي من السلطة، وهو ضرب من الغباء السياسي"، ذلك أن الحل، وفق حسين، "يبدأ بتوافق دولي-روسي" بما أن موسكو "بدأت باستيعاب ضرورة فرض حلول جزئية قد تشكل مدخلاً للحل وليس حلاً".