لافروف: لن نمرر قرارا امميا لاستعمال القوة ضد سورية

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تصاعد دعوات التدخل الخارجي في سورية تنطوي على مخاطر جسيمة تضر بالمنطقة برمتها ومن شأنها أن تؤدي الى نتائج وخيمة داعيا الى عقد مؤتمر دولي للأطراف المعنية بحل الأزمة السورية بالطرق السلمية بناء على خطة المبعوث الدولي الى سورية كوفي عنان.
وأكد لافروف ثبات موقف بلاده تجاه سورية ورفضها القاطع للتدخل الخارجي بشوءونها الداخلية والحفاظ على وحدة اراضيها واستقلالها انطلاقا من حرص روسيا على احترام القانون الدولي وبناء نظام عالمي يقوم على ميثاق الأمم المتحدة.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي عقده في موسكو أمس: إن روسيا قلقة مما يجري من قبل الأطراف الخارجية المؤثرة التي تقوم بدعم سافر للمعارضة السورية المسلحة وفي نفس الوقت تطالب المجتمع الدولي بتغيير النظام السياسي في الجمهورية العربية السورية.. ولأول مرة خلال الأزمة في سورية وبشكل حاد وانفعالي نسمع مقترحا حول التدخل العسكري وذلك نتيجة للدفع الكبير من قبل الأطراف الخارجية للمعارضة.. وإن التطورات الجارية في سورية تثير قلقا متزايدا نتيجة دفع البلاد نحو حافة حرب أهلية.
المعارضون يأملون بتكرار السيناريو الليبي في سورية وهذه اللعبة خطرة جدا
وأضاف لافروف.. إن هؤلاء المعارضين يأملون بتكرار السيناريو الليبي في سورية.. وهذه اللعبة خطرة جدا ولم يتغير موقفنا منها ولن نوافق على تفويض مسألة استخدام القوة في سورية لأنها أمر قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة برمتها.. وقد شهدنا عواقب هذه التطورات في العراق وليبيا ومالي وغيرها من الأماكن.. ومن غير الواضح متى ستنعقد الانتخابات في ليبيا وقد أجلت مرارا ونأمل عدم حصول مشاكل كبيرة في لبنان رغم أن بوادرها بدأت تظهر الآن.
وأكد وزير الخارجية الروسي أن بلدان المنطقة كلها ستتأثر في حالة استخدام القوة الخارجية لحل الأزمة السورية وأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى نتائج وخيمة تتمثل في ظهور منطقة لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط والمناطق القريبة منها الأمر الذي لا تريد روسيا وقوعه في المستقبل من منطلق حرصها على أن تعيش شعوب هذه المنطقة المهمة جيوسياسيا بسلام وأمان وأن تقرر مصيرها بنفسها.
الجرائم في سورية هي نتيجة للتصعيد الذي تتم تغذيته من قبل الأطراف الخارجية
ورفض لافروف محاولات بعض الأطراف لحصر مسؤولية تصاعد العنف في سورية بالحكومة السورية معربا عن استغرابه من قيام وسائل الإعلام الغربية بتوجيه اللوم تلقائيا للسلطات السورية فور ورود معلومات حول ارتكاب جريمة جديدة متناسية أنه قبل سنة لم يكن أحد يتصور أن سورية ستشهد هذه الجرائم ما يؤكد أن الأمر لا يتوقف على الحكومة السورية فقط مؤكدا أن الجرائم التي ارتكبت في الحولة والقبير وغيرها من الأماكن بما فيها التفجيرات في دمشق وحلب والتي استنكرها مجلس الأمن الدولي هي نتيجة للتصعيد الذي تتم تغذيته من قبل الأطراف الخارجية عبر تقديم الدعم المعنوي والمالي والمسلح للمعارضين المسلحين وتسهيل تنقلهم من دول الجوار إلى سورية وبالعكس.
القنوات التلفزيونية الإقليمية تصف جرائم المجموعات المسلحة بأنها مآثر خالدة رغم أنها تطال المؤسسات الخدمية ورجال الدين وأصحاب الاختصاصات العلمية
وانتقد وزير الخارجية الروسي اعتماد وسائل الإعلام العالمية في تقييماتها على مواقف وآراء القنوات التلفزيونية الإقليمية التي تصف الجرائم التي ترتكبها الفصائل والمجموعات المسلحة بأنها مآثر خالدة وبطولات رغم أن هذه الأعمال تطال العديد من المؤسسات الخدمية ورعايا الدول وتتوجه في استهدافها إلى رجال الدين وأصحاب الاختصاصات العلمية وأطقم الإسعاف حيث قامت المجموعات المسلحة قبل أيام بشن هجوم على إحدى البلدات في ضواحي دمشق تم تدمير سيارة إسعاف لتضاف إلى أكثر من 200 سيارة إسعاف تم تدميرها سابقا إضافة إلى قتل 24 طبيبا بعضهم تمت تصفيتهم في اماكن سكنهم مع أسرهم علاوة على العديد من الإضرار التي لحقت بالمشافي جراء هذه العمليات.
ولفت لافروف إلى أن الاعتداءات امتدت لتطال مقرات إقامة لبعثات وشركات أجنبية كما حصل بالأمس عندما استخدمت قذيفة هاون لقصف بناية يسكن فيها الخبراء الروس والتي أدت إلى أضرار في المبنى ولحسن الحظ لم يتضرر الخبراء.. موضحا أن المجموعات المسلحة استهدفت السبت حافلة تقل الخبراء الروس غرب دمشق وأن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المواطنين الروس ففي العام الماضي استهدفت المجموعات المسلحة بناية إحدى الشركات الروسية.
وتساءل وزير الخارجية الروسي.. مع من يحارب هؤلاء المسلحون.. اليوم نسمع أيضا حالات اغتيال الشخصيات الدينية في سورية وتفيد وسائل الإعلام أن عشرات من المسيحيين قتلوا أو تضرروا جراء الهجمات العرقية والطائفية التي استهدفت دير صيدنايا المشهور عالميا والكنيسة اليعقوبية وغيرها من اماكن العبادة المسيحية.
وأكد لافروف أن بلاده حصلت على معلومات حول عمليات تنكيل ضد مؤيدين للدولة السورية حيث تعرضوا لأشكال مختلفة من عمليات التنكيل والقتل والاغتيال التي جعلت السوريين البسطاء والمراسلين والصحفيين الروس يعملون في ظروف عصيبة وصعبة داخل سورية.
قرار الجامعة العربية وقف بث القنوات الفضائية السورية يعيد إلى الأذهان قصف مركزي التلفزة في بلغراد وليبيا
وأشار لافروف إلى المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام الجمعة حول تعرض الصحفي البريطاني أليكس تونز لمحاولة اغتيال مدبرة من قبل المسلحين في إحدى البلدات السورية على الحدود مع لبنان حيث حاولوا دفعه إلى الذهاب في أحد الممرات غير النظامية التي ينفذون عبرها عمليات ضد قوات الجيش السوري إذ أكد الصحفي تونز أن الهدف من وراء ذلك التسبب بقتله عمدا واتهام القوات السورية بذلك.
وعبر وزير الخارجية الروسي عن رفض بلاده لقرار الجامعة العربية وقف بث القنوات الفضائية السورية مشيرا إلى أن ذلك يعيد إلى الأذهان عمليات القصف التي تعرض لها المركزان التلفزيونيان في بلغراد والعاصمة الليبية وغيرها من الأماكن نتيجة قرارات سلطوية في الاتحاد الأوروبي والبلدان العربية الأمر الذي يثير تساؤلات حول ضرورة توفير الوصول إلى المعلومات مهما كانت مصادرها بحرية مستغربا كيف يسمح للدعاية النازية الجديدة أن تنتشر في أوروبا بذريعة حرية الراي والتعبير في حين يتم حجب وسائل إعلامية رسمية في العالم.
الأحداث الجارية في سورية ناتجة بشكل كبير عن تصرفات الأطراف التي تقوم بتجنيد المرتزقة وتمويلهم وتسليحهم ودعم القوى المتطرفة
واعتبر لافروف أن الأحداث الجارية في سورية ناتجة بشكل كبير عن تصرفات الأطراف التي تقوم بتجنيد المرتزقة وتمويلهم وتسليحهم ودعم القوى المتطرفة من أجل تحقيق أهدافها الجيوسياسية بالاعتماد على إثارة المشاعر العرقية والطائفية دون أن يلغي ذلك مسؤولية الحكومة السورية عن أمن مواطنيها وتوفير حقوقهم كما الحال بالنسبة لحكومة أي بلد في العالم معربا عن قلق بلاده من النمو المتزايد لنشاط الشبكات الإرهابية الإقليمية والدولية في سورية.
وأعرب لافروف عن استغرابه من الضجة الإعلامية التي تثار حول مسألة (اللاجئين السوريين) في الدول المجاورة رغم أن أعدادهم لا تقارن بأعداد اللاجئين العراقيين والفلسطينيين في سورية والذين تجاوز عددهم 5ر1 مليون لاجئ دون أن يثير هذا الرقم ردود فعل دولية مشابهة لما أثاره عشرات آلاف اللاجئين السوريين في الخارج معربا عن أمله في أن يقوم الخبراء العاملون في المفوضية العليا لشؤون النازحين بتقديم المساعدات للاجئين السوريين.
وأكد وزير الخارجية الروسي أن بلاده لا ترى بديلا عن خطة عنان من أجل وقف العنف تمهيدا للتوصل إلى تسوية سلمية على أن يتم تطبيقها بشكل كامل ومن كل الأطراف بما فيها الأطراف الخارجية والابتعاد عن مساعي تغيير النظام باستخدام القوة لما لذلك من تداعيات قد تطرأ على سورية والمنطقة.
وقال لافروف: إن الأهم أن يطبق الجميع خطة عنان بمن في ذلك اللاعبون الخارجيون نظرا لما حققته في البداية حيث كان الوضع أكثر استقرارا وتخلى الآلاف عن أسلحتهم وأطلقت الحكومة العديد من المعتقلين السياسيين على الرغم من أنه ما زال هناك العديد في السجون.
وأضاف لافروف.. إن الحكومة السورية عملت مع الأمم المتحدة من أجل السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى أماكن متضررة من أجل تطبيق برنامج المساعدة الإنسانية الذي وافقت عليه الحكومة السورية وتم إحراز تقدم لجهة السماح للصحفيين ووسائل الإعلام بالوصول إلى الأماكن التي يريدون الوصول إليها.. وفي النهاية هناك مهمة المراقبين على الأرض وقد رأينا إشارات مشجعة على الأرض بعد نشر هذه البعثة.
البعض لم يرغب بدخول بعثة المراقبين الدوليين ليبرر التدخل العسكري في سورية
ونبه وزير الخارجية الروسي إلى أن البعض لم يرغب بدخول بعثة المراقبين الدوليين ليبرر التدخل العسكري في سورية موضحا أن بلاده تريد إنجاح خطة عنان وتبحث مع جميع الأطراف المؤثرة على الأزمة السورية الأسباب الحقيقية وراء تعثرها ملمحا لوجود مخطط لنسف خطة عنان وهذا ما يجب أن نتحدث عنه بصراحة.
وقال لافروف: يجب أن نتحدث عن الأزمة في سورية مع دول أخرى مثل إيران ولبنان والأردن والعراق بناء على خطة عنان وقرار مجلس الأمن الذي وافق على هذه الخطة والقرارات التي أرسلت بعثة المراقبين إلى سورية.. ولابد أن نرتكز إلى هذه الوثائق ويكون هناك محادثات صريحة ونتفق على أننا نقدم كل الدعم الضروري لخطة عنان داخل مجلس الأمن وخارجه.. ولابد من اتخاذ خطوات جدية للتأثير على كل الأطراف السورية المعنية بهذا النزاع ومن أجل دفع هذه الأطراف على التوقف عن أعمال العنف والجلوس الى طاولة المفاوضات مؤكدا أن العمل في هذا الاتجاه سيؤدي إلى نتائج إيجابية وملموسة بناء على خطة عنان التي تتيح فرصة للمعارضة أن تتحد على أرضية الحوار الوطني الشامل.
ندعو للعمل من أجل الإعداد لمؤتمر دولي خاص بالتسوية في سورية يشارك فيه الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن ودول الجوار
ودعا لافروف إلى العمل من أجل الإعداد لمؤتمر دولي خاص بالتسوية في سورية يشارك فيه الاعضاء الدائمون في مجلس الأمن ودول الجوار ممثلة بإيران والعراق ولبنان والاردن وتركيا ومندوبون عن الاتحاد الأوروبي وممثلون عن الجامعة العربية واللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة في سورية إضافة إلى السعودية والأمم المتحدة التي يجب أن تقدم مظلتها واطارها لهذه الفعاليات مؤكدا ضرورة أن يكون هذا المؤتمر المرتقب منفتحا وشفافا وصريحا وأن يعقد في أسرع وقت من أجل التوصل الى الاتفاق حول تنسيق المواقف والإجراءات تجاه الحكومة وكل الاطراف المعارضة.
وقال لافروف: يجب علينا أن نتحدث ونتفق على جميع المبادئ الأساسية خلال لقاء خبرائنا ونحن على تواصل الآن مع جميع شركائنا.. وأعتقد أنه من المهم مبدئيا أن نخلق خلفية اعلامية تساهم في ايجاد سبل للوقف العاجل للعنف والبدء بالحوار.
أدعو الجميع إلى تحمل المسؤولية لأن الكلمة يمكن أن تشعل حرائق
وأضاف لافروف.. أدعو الجميع الى تحمل المسؤولية لأن الكلمة يمكن أن تشعل حرائق لن نتمكن من اخمادها وعلينا ألا نرسل إشارات للمعارضة يمكن أن تفهمها بأنها ستتلقى المساعدات مثلما تلقت المعارضة في ليبيا داعيا إلى وقف الدعوات التي ظهرت مؤخرا من أجل التدخل العسكري في الشؤون السورية والكف عن توجيه الاتهامات دون أي دلائل وحقائق تجاه الحكومة السورية وانتظار نتائج التحقيق الذي تقوم به الأمم المتحدة والوكالات الانسانية ومجلس حقوق الانسان.
وردا على سؤال حول مراهنة البعض على فشل خطة عنان لتبرير التدخل العسكري الخارجي في سورية وهل نجح أصحاب هذا الرهان قال وزير الخارجية الروسي: هناك أطراف مؤثرة تحاول إحباط خطة عنان لإظهار عجز الحكومة السورية عن التعامل مع هذه الخطة وتبرير التدخل العسكري في هذه الأزمة.. وهذه المحاولات جلية وواضحة والجميع يفهم الأهدف الحقيقية لهذه الدعوات والاتهامات إلا أننا في روسيا أوضحنا مرارا أننا لن نسمح بتدخل عسكري في سورية وأنا أكرر ذلك اليوم انطلاقا من معرفتنا بمدى صعوبة وتعقد تركيبة المجتمع السوري التي يسعى المطالبون بالتدخل العسكري إلى نسفها وجعل سورية ميدانا للتجارب من أجل الريادة داخل العالم الإسلامي.. وهذه النزعة خطيرة جدا وسنفعل كل ما في وسعنا من أجل الحيلولة دون هذا السيناريو.
وأضاف لافروف.. عندما يدعونا مجلس الأمن إلى تبني قرارات أو السماح باستخدام الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة نستذكر فورا ما جرى في ليبيا بعد اتخاذ قرار بالإجماع في مجلس الأمن تلاه قرار آخر تم انتهاكهما أثناء تطبيقهما من خلال تصرفات حلف شمال الأطلسي.. كما أن المتمردين في ليبيا لم يلتزموا بالقرارين الأمميين ولا نريد تكرار ذلك في سورية وخاصة أن بعض الدول العربية تتفاخر بأنها تسلح المعارضة السورية في الوقت الذي تدعو فيه لحظر التسليح.
وجدد وزير الخارجية الروسي التأكيد على أن بلاده تدافع عن فرص استتباب الاستقرار في المنطقة والعالم الإسلامي والقانون الدولي وصولا إلى نظام عالمي يعتمد على ميثاق الأمم المتحدة لحل الأزمات في العالم.
لدى موسكو معلومات حول مقر إدارة عمليات ما يسمى الجيش الحر والدول التي تعلن تمويله بصراحة ولاسيما السعودية وقطر
وردا على سؤال آخر أكد لافروف أن بلاده تمتلك معلومات كافية حول تسليح المعارضة السورية وتوريد السلاح وغيرها من الوسائل المادية للحفاظ على القدرات القتالية وأن البعض يزود ما يسمى الجيش السوري الحر بالمعلومات ويقود فصائل مختلفة منه إضافة إلى وجود مجموعات مسلحة تعمل بشكل مستقل على الأرض موضحا أن لدى موسكو معلومات حول مقر إدارة عملياته والدول التي تعلن تمويله بصراحة ولاسيما السعودية وقطر لافتا إلى أن تمويل ما يسمى الجيش الحر لم يعد خافيا وقبل أيام تم الإعلان في اسطنبول عن تشكيل صندوق لتمويله.
ولفت وزير الخارجية الروسي إلى أن الجهات الأطلسية الخاصة وفي مقدمتها الهيئات الخاصة البريطانية تمتلك معلومات كافية وأكثر من كافية حول هذا الموضوع استنادا إلى أن لديها باعا طويلا في هذه الشؤون كما نلمس أثناء المباحثات مع شركائنا ومع الصحفيين أيضا أنهم يعرفون حق المعرفة ماذا يجري في الحقيقة على أرض الواقع في سورية.
سيناريو وحيد للحل في سورية يكون من خلال جلوس جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات دون أي شروط مسبقة
واعتبر لافروف أن هناك سيناريو وحيدا للحل في سورية يكون من خلال جلوس جميع الأطراف الى طاولة المفاوضات دون أي شروط مسبقة والاتفاق فيما بينهم مؤكدا أن بلاده سترحب بجميع ما يتوصل إليه السوريون في الحوار داعيا الأطراف الخارجية الأخرى إلى اتخاذ موقف مشابه يقوم على دعم حق السوريين في تقرير مصيرهم وعدم فرض شروط الحوار من الخارج واعتماد الأساليب الديمقراطية التي تحترم إرادة الشعب السوري.
ولفت لافروف إلى أن المؤتمر الذي دعت إليه روسيا يرمي إلى خلق الظروف المواتية لعملية الحوار بعيدا عن تأثير الأطراف الخارجية التي يجب ألا تعمل على عرقلة هذه العملية أو تأجيج وتحريض أحد الطرفين الساعي إلى جلب التدخل العسكري في سورية مؤكدا أن المؤتمر يجب أن ينعقد خلال عدة مراحل وأن يزيل التأثيرات السلبية للأطراف الخارجية وإعادة توجيه الإرادة والطاقة لجميع الأطراف الخارجية نحو وقف سفك الدماء والبدء بالحوار الوطني.
وأكد لافروف أن روسيا تقوم باستكمال تنفيذ اتفاقيات وصفقات الأسلحة الموقعة مع الحكومة السورية منذ مدة وان هذه الأسلحة تقتصر على وسائل الدفاع الجوي التي تحتاجها سورية لصد أي هجوم من الخارج نافيا بشكل قاطع الإشاعات التي تروجها وسائل الإعلام العالمية حول تزويد سورية بأسلحة يمكن استخدامها ضد المتظاهرين السلميين.
بعض دول الخليج ترسل أسلحة إلى المعارضة السورية يمكن استخدامها ضد الأفراد
ولفت لافروف إلى أن بعض دول الخليج ترسل أسلحة إلى المعارضة السورية يمكن استخدامها ضد الأفراد مذكرا بأن هذا الأمر حصل في ليبيا سابقاً عندما فرضت روسيا حظراً على توريد الأسلحة إلى ليبيا في حين كانت المعارضة تتلقى السلاح بكميات كبيرة اضافة إلى أن القوات الخاصة الأوروبية والفرنسية والبريطانية كانت تقاتل إلى جانب المعارضة الليبية.
ورداً على سؤال حول ما تشيعه وسائل الإعلام العالمية عن تغيرات في الموقف الروسي تجاه سورية مستندة في ذلك إلى دعوة روسيا لعقد مؤتمر حول الأزمة في سورية قال وزير الخارجية الروسي.. ليس هناك أي أسس لإعادة النظر في المواقف الروسية.. ونقول لمن يقرأ المبادرة الروسية لعقد المؤتمر المرتقب كإشارة إلى ذلك بأن هذه القراءة خاطئة.. فموقف روسيا لا يكمن في أنها ستوافق أو تستخدم حق الفيتو ضد كل القرارات الأممية بل تسعى إلى التقدم والمضي قدما.. ولهذا السبب عرضت في آب الماضي مشروعا لقرار مجلس الأمن تم تبنيه كما كانت روسيا أول من لفت انتباه مجلس الأمن للاهتمام بذلك.. وتابع لافروف.. روسيا عرضت مشاريع قرارات كانت تدعو إلى التأثير على الأطراف الغربية.. وفي تشرين الثاني قدمت روسيا مشروعا آخر وحثت الحكومة السورية للقبول بخطة الجامعة العربية ووصل مراقبو الجامعة بناء على ذلك.. غير أن الدول العربية رفضت أن يصل تقرير المراقبين العرب إلى مجلس الأمن.. ونحن في روسيا نعلم لماذا حصل ذلك.. وقد أقنعنا الأطراف المعنية بأن يصل هذا التقرير إلى مجلس الأمن وفورا بعد ذلك انتهى عمل البعثة التابعة للجامعة في سورية.. وكان التقرير موضوعياً وكشف عن الأخطاء التي ترتكبها الحكومة السورية كما أشار إلى أنها تواجه بعمليات مسلحة من قبل مجموعات غير شرعية.
وقال لافروف.. الآن نشهد نفس التطورات وقد تعاملنا مع الأمم المتحدة من أجل تعيين عنان مبعوثا إلى سورية.. ووضعنا صيغة خطة البنود الستة ونحن لا نريد أن نغير موقفنا بل نريد أن يتم تطبيق الخطة التي تمت الموافقة عليها بالإجماع في مجلس الأمن.. ولا نريد أن يكون لهذه الخطة مصير الخطة التي تم وضعها أثناء تسوية الأزمة في ليبيا.. ونحن نريد أن تثبت الأطراف التي أيدت خطة عنان بتصرفاتها أنها عملت لذلك بصدق وإخلاص.
وأضاف لافروف.. إن المؤتمر المرتقب في حال الموافقة على عقده يجب أن يكون الأداة الوحيدة لتقديم الدعم لتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن في إطار خطة عنان.. وهذا المؤتمر ليس بمجموعة أصدقاء سورية التي هي مجموعة أصدقاء المعارضة المنضوية داخل ما يسمى "المجلس الوطني السوري" فقط.. ونحن نقول.. على المعارضة أن توحد مبادئها على أرضية مشتركة من أجل إجراء الحوار مع الحكومة بناء على خطة عنان التي لا تتضمن أي إشارة إلى التدخل العسكري الذي تطالب به معارضة الخارج.
المؤتمر المرتقب لا علاقة له بما يسمى مؤتمر أصدقاء سورية البعيد كل البعد عن المبادىء التي سينطلق منها
وتابع وزير الخارجية الروسي.. إن المؤتمر المرتقب لا علاقة له بما يسمى مؤتمر أصدقاء سورية البعيد كل البعد عن المبادىء التي سينطلق منها المؤتمر الذي تدعو إليه روسيا.. مؤكداً أن موقف بلاده ثابته وأن جوهره لا يتغير وهو ما أكده الرئيس فلاديمير بوتين أثناء زيارته الصين وقمة منظمة شنغهاي للتعاون في بكين باسم جميع أعضاء المنظمة.
ورداً على الإشاعات التي تناقلتها وسائل الإعلام حول اتفاق أمريكي روسي وتعليقات روسيا حول المواقف الغربية الرافضة لمشاركة إيران في الموءتمر المرتقب قال لافروف.. إنه فيما يتعلق بالمشاورات مع الولايات المتحدة التي جرت في روسيا الجمعة لم يكن هناك أي رفض أمريكي للأفكار التي عرضتها روسيا حول عقد المؤتمر.. كما تحدثت هاتفيا مع عنان حول هذا الموضوع وضرورة أن تكون هذه الفعاليات مجدية عبر مشاركة كل الأطراف المؤثرة على الأزمة السورية ومن بينها إيران إذ لا يمكن القول ان إيران لا يمكن أن تشارك فيها لأنها جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل فمثل هذه التصريحات ساذجة من وجهة نظر الدبلوماسية.
وأضاف لافروف.. إن الأمريكيين براغماتيون وعندما يفهمون أن هناك مصالح لهم لا يقفون أمام القضايا الإيديولوجية حتى عندما كانت هناك ضرورة لتخفيف المخاطر على حياة جنودهم كان الأمريكيون يلتقون مع الإيرانيين ويتفاهمون معهم.. فهذه المواقف براغماتية في السياسة الخارجية ولكن إذا كان ذلك من أجل حماية أرواح الجنود الأمريكيين في المنطقة فلماذا لا يمكن أن يستخدموا ذات الأسلوب من أجل حماية أرواح المواطنين السوريين داعياً جميع الأطراف التي ستشارك في هذا المؤتمر لإرسال إشارات إلى جميع الأطراف المعنية بالأزمة في سورية من أجل حماية أرواح المواطنين السوريين بعيدا عن ازدواجية المعايير.
وحول التحقيق في مجزرة الحولة قال لافروف.. إن الحكومة السورية عرضت على روسيا والصين إرسال الخبراء.. ونعتقد أن هناك قراراً حول تنفيذ هذا التحقيق من قبل خبراء الأمم المتحدة إلا أننا ننظر إلى الدعوة السورية على أنها تعبير عن جاهزية الحكومة السورية واستعدادها للسماح للخبراء الدوليين بالوصول إلى أماكن المجازر.. ومن جهة أخرى أيضاً حصلنا على معلومات تفيد أن الخبراء الأمميون سيواجهون عوائق في هذا الصدد.
وأشار لافروف إلى أن المجازر التي ترتكب في سورية ومنها مجزرة الحولة تشير إلى التجاذبات العرقية والطائفية التي تتصاعد كلما تصاعدت الأزمة وهذا ما حذرت روسيا منه إذ أن الإرهاب والتطرف سيتصاعدان ويخرجان إلى أرض الواقع كلما استمرت الفوضى الأمر الذي يحتم على الأطراف القادرة على التأثير على المسلحين أن تطالبهم بعدم عرقلة تنفيذ التحقيق وهذا ما سنقوم به بدورنا مع الحكومة السورية.
خطة عنان لا تزال ملحة بكافة مقوماتها وقرار الجامعة العربية بسحب مراقبيها كان خطأ
ورأى وزير الخارجية الروسي أن خطة عنان لا تزال ملحة بكافة مقوماتها ولها أهمية إلا أنها تحتاج إلى بعض التدقيق والتفصيل من أجل وضع آلية لمراقبة وقف العنف لتوفير الظروف للبدء بالحوار السياسي بعيدا عن محاولات البعض إعلان إنذار أخير ومهلة زمنية حتى يقولوا بعد ذلك أنهم لا يؤجلون صلاحيات المراقبين الأمميين من أجل خلق ظروف مواتية أثناء التصويت في مجلس الأمن.
ودعا وزير الخارجية الروسي إلى عدم تكرار تجربة المراقبين العرب مع بعثة المراقبين الدوليين لأنه لولا قرار الجامعة العربية بسحب المراقبين دون أي أسباب واضحة لكنا قد حصلنا على وجود أممي ومراقبة أممية في كل أنحاء البلاد وكان باستطاعتنا آنذاك أن نعزز البعثة العربية ببعثة الأمم المتحدة.
وقال لافروف.. ان قرار الجامعة العربية بسحب مراقبيها كان خطأ.. وعلينا أن نفهم أن سلسلة من تلك القرارات التي كانت تتخذ مع ظهور أي ملامح إيجابية كان يعني أن بعض الأطراف كان يتبعون نهجا هو/كلما ساء الوضع كان وضعنا أحسن/من أجل فتح الأبواب للتدخل العسكري.. والآن علينا أن نتأكد من أن خطة عنان يجب ألا تصل إلى نفس المصير.
وردا على سؤال حول فشل خطة عنان قال لافروف.. إن بعض وسائل الإعلام تحاول زرع هذه الفكرة في رؤوس المشاهدين لجعلها فكرة عامة متجاهلة أن عنان وبعثة المراقبين الدوليين راضون عن التواصل مع الحكومة السورية وأن العملية مستمرة وبعثة المراقبين والجنرال روبرت مود يشير في تقاريره الى مجلس الامن أن السلطات السورية تتعاون معه وتقدم كل انواع المساهمة التي تعهدت بها اثناء ارسال البعثة.
واضاف وزير الخارجية الروسي.. فيما يتعلق بوقف اعمال العنف وتوفير الظروف للتهدئة فانه في البداية وبعد 12 نيسان كانت القوات المسلحة السورية تنسحب من البلدات والمدن وكانت حتى تتعرض للوم بأنها لا تنسحب لمسافات بعيدة ولكنها كانت تشير الى خبرة وتجربة الخريف الماضي فعندما كانت القوات السورية تنسحب من المدن فعلى الفور كانت المجموعات المسلحة تحتل تلك المدن وهو دليل اخر على ضرورة وضع الية من شأنها أن توفر عدم عسكرة المدن بعد انسحاب القوات الحكومية منها.. ويجب التفكير في ذلك.
وتابع لافروف.. إن المسؤولية في هذا الشأن تقع الأمم المتحدة.. فعندما يخسر الجيش السوري اكثر من 30 فرداً كل يوم فإن ذلك يعني أن المعارضة المسلحة تهاجم قوات الجيش السوري وتخرق البند الداعي الى وقف العنف الذي يجب أن تنفذه وتلتزم به جميع الأطراف.. وفيما يتعلق بالمساعدات الانسانية.. فإن الحكومة السورية تفاوضت مع المؤسسات الاممية حول وصول 7 مؤسسات اممية الى سورية وتم توظيف الاموال ويتم ايصال المساعدات وهو أمر جيد جدا.. أما بالنسبة لإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين فقد تم اطلاق سراح المئات منهم.
عواقب التدخل الخارجي في سورية ستكون وخيمة وستطال عددا كبيرا من الدول في المنطقة
ولفت لافروف إلى أن الحكومة السورية سمحت بوصول وسائل الاعلام إلى سورية رغم الانحياز الاعلامي لبعض القنوات الفضائية وفي مقدمتها قناة الجزيرة القطرية التي شهدت موجة استقالات احتجاجا على موقفها المنحاز حيث ان غالبية الصحفيين يعلمون ثمن حرفيتهم ومهنيتهم.. موضحا أن عدد الصحفيين ازداد أضعافا بعد تبني خطة عنان ولذلك لا يمكن القول.. إن خطة عنان لا تحقق تقدماً.
وختم لافروف بالقول.. إن دعوات التدخل الخارجي يمكن أن تؤدي إلى خرق الاستقرار والإضرار بالمنطقة محذرا من أن العواقب ستكون وخيمة وستطال عدداً كبيرا من الدول في المنطقة حيث سيشهد لب هذه العملية انقساما وانشقاقا في قلب العالم الإسلامي.