لبنان.. مكانك سر

عندما نتابع الأخبار القادمة من بيروت، يظهر لنا للوهلة الأولى أن ساسة لبنان في حالة والمنطقة العربية في حالة أخرى تماما، فما زال هذا البلد، ورغم كل ما يعتلج في محيطه القريب أو البعيد من اضطرابات غيرت من الخارطة السياسية، وما زال أمراء بلاد الأرز يراوحون مكانهم، فهم يفضلون التمترس حول أحزابهم من ناحية التمسك بأجندات هي خليط من الطائفة ومن المصالح الخاصة، ومن العناد ومن قراءات متناهية الأنانية في تشخيصها للواقع.
الغريب أن هذا الواقع هو الذي يحكم كل المستقبل في هذا البلد، الذي جرب الحروب الأهلية وعايش ناسه التلظي في خلافات هي أبعد ما تكون من المنطق وأقرب إلى الجنون، إن كان في التصعيد غير المبرر أو حتى في استخدام الويل والثبور وعظائم الأمور مع شركاء الوطن، وسرعان ما تنقلب طاولة الحوار في هذا البلد إلى ساحة لتبادل الاتهام وكيل التخوين بين الأطراف.
بعد كل هذه الشهور ومع كل هذه الأحداث التي نرى، يأتي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي ليؤكد أنه ليس قريبا من إعلان الحكومة، معربا عن أمله أن تسهم الاتصالات في تسريع وتيرة تشكيلها.
إنه لمن المؤسف أن نسمع مثل هذا التصريح الذي يعبر عن قنوط شديد، وعن انسداد في الأفق، وعن تغليب للصراع على لغة التهدئة والتوافق من أجل الخروج من هذا المأزق الذي يضرب بأطنابه عموم الوطن.
وما يبعث على الكثير من القلق والخوف، هو أن تتحول الحالة إلى الأسوأ في ظل هذا العناد والتمادي في التعنت، سعيا لجلب استحقاقات مرحلية جديدة يمكن أن تغير من أوراق اللعبة.
ويتناسى الجميع في هذه المداورة، أن الوقت ليس في صالح أحد وأن الاستقرار في المنطقة أصبح عملة صعبة المنال، وإذا لم يسارع الجميع إلى تجاوز نقاط الخلاف إلى نقاط الاتفاق المتوفرة، من أجل إغلاق ملف تشكيل الحكومة والعبور إلى تلبية متطلبات المرحلة، فإن المقبل مفتوح على كل الاحتمالات، في ظل انشغال عربي بما هو أشد وقعا وأكبر تأثيرا.. فهل يستيقظ اللبنانيون ؟!
البيان