لجان لا تُسأل

ما جرى تداوله من معلوماتٍ عن أسباب توقيف مدير عام مؤسسة الجيولوجيا وبعض العاملين فيها، يجعلني أعاود طرح قضيةٍ على غاية من الأهمية، وتتعلق بصلاحيات اللجان المشكلة في رئاسة مجلس الوزراء، سيّما ما يتعلق بدراسة مشروعات العقود التي تعمل المؤسسات العامة على إبرامها.
فهذه اللجان، وتحديداً اللجنتين الاقتصادية والعقود، تتولى عملية تدقيق مشروعات العقود المرفوعة من قبل المؤسسات والجهات العامة ومنح الموافقة عليها بعد التأكد من سلامة الإجراءات القانونية والجدوى الاقتصادية، لكن هذه اللجان تتنصّل في الوقت نفسه من تحمل أيّ مسؤولية، وتقرن موافقتها بعبارة شهيرة مفادها أن مسؤولية وسلامة الإجراءات وجدوى هذه العقود تقع على عاتق الجهة صاحبة العلاقة.
طبعاً هذه العبارة تكتب بعد فترة طويلة من المراسلات والأخذ والرد.
إذا كانت هذه اللجان لا تسأل فيما بعد عند الشك بجدوى هذه المشروعات وإجراءاتها، فلماذا تعطى إذاً صلاحية البت والتدقيق بالعقود قبل توقيعها؟ وفي كثير من الأحيان يتم رفض بعضها، والتسبب بتأخير بعضها الآخر.
المنطق يقول: إنه من يحصل على صلاحية أو يمارس مسؤولية معينة يجب أن يخضع للمحاسبة عند وقوع مخالفة أو حدوث تجاوز ما أو حتى عند وجود شبهة فساد.
هل تذكرون صفقة الشاي الفاسدة قبل عدة سنوات، والتي قالت بعض التحاليل المخبرية إنها تحوي على أوراق غير معروفة.
هذه الصفقة التي كانت كل خيوط معرفة الحقيقة تصب عند اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، وعندما وصل الملف إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لم تمنح الأذن للتحقيق مع أعضاء اللجنة، وعليه فليس هناك من خيار سوى واحد من اثنين:
الخيار الأول: منح مجالس الإدارات في المؤسسات والشركات صلاحيات واسعة بما فيها إبرام العقود ومحاسبتها على النتائج وسلامة الإجراءات والجدوى الاقتصادية والفنية.
أما الخيار الثاني فهو في إبقاء الوضع على ما هو عليه، لكن مع إقران الصلاحيات الممنوحة للجانٍ في رئاسة مجلس الوزراء بتحمل المسؤولية والمحاسبة، وغير ذلك فهو بمنزلة بدعةٍ إدارية ليس لها من وجود إلا في بلدنا.