لغة الإشارة، لغة الحب والمحبين.. ما واقعها في سورية؟ وكيف يمكن تعلمها؟

رزان حبش – شام إف إم
يُصادف الـ 23 من أيلول من كل عام اليوم العالمي للغات الإشارة، وتقول إحصائيات الاتحاد العالمي للصم إن هناك ما يقارب الـ 72 مليون أصم حول العالم، ويستخدمون مجتمعين أكثر من 300 لغة إشارة مختلفة.
وتعتبر هذه اللغات طبيعية تماماً على الرغم من اختلافها بنيوياً عن اللغة المنطوقة، كما أن هناك لغة إشارة دولية يستخدمها الصم عند التواصل مع أشخاص أجانب أو عند السفر وحضور اجتماعات دولية.
قصة ملهمة:
تتصف قرية في شمال بالي بإندونيسيا اسمها "بنغكالا" بالهدوء الشديد، وذلك على الرغم من تعدادها السكاني البالغ نحو 3000 نسمة، والسبب بذلك يعود إلى أن سكانها لا يتكلمون!!
بل يتواصلون فقط عن طريق لغة الإشارة!!
لدى 44 شخصاً من سكان القرية اضطرابات سمعية، وهو معدل يُعتبر عالياً إذا ما قورن بالنسب الطبيعية في باقي أنحاء العالم، ويُرجع العلماء ذلك لخلل جيني يُدعى "الجين المتنحي" والذي ينتقل عبر سبعة أجيال.
وقد أطلق سكان القرية على لغة الإشارة الخاصة بهم اسم "كاتا كولوك"، وقد قرر أهل القرية جميعهم أن يستخدموها حتى لا يكون هناك نوع من الإقصاء المجتمعي للأشخاص الصم.
كما أنهم معتادون على استعمالها في المدارس، حيث يتواصل كل من الطلاب والمعلمين بلغة الـ "كاتا كولوك"، أو يكون هناك اثنان من المدرسين، أحدهم يتكلم، والآخر يُترجم بلغة الإشارة، وذلك لضمان وصول المعلومة لكافة الطلاب دون استثناء.
وأصبحت هذه القرية مقصداً سياحياً في أندونيسيا، وقد استُحدِث فريق للرقصات الشعبية، جميع أفراده من الصُّم، وذلك بهدف الجذب السياحي!!
لغة الإشارة في سورية والوطن العربي:
ذكرت مدربة ومترجمة لغة الإشارة والاختصاصية في الدعم النفسي الاجتماعي مريم أبو عطوان لبرنامج "البلد اليوم" على "شام إف إم" أن هناك ما يُسمى بالقاموس العربي الموحد للصُّم، وهو مُعتمد من قبل جميع الصُّم في كل بلدان الوطن العربي، وخصوصاً في الاجتماعات والمؤتمرات العربية.
حيث تمتلك لغة الإشارة لغة عربية عامة، ولغة عامية محلية خاصة بكل مجتمع، فعلى سبيل المثال من المتعارف عليه في لغة الإشارة المحلية في سورية أن إشارة يوم الاثنين تكون على شكل إيماءة باليد على جانب الخد والذقن للإشارة إلى الحلاقة، لأن يوم الاثنين هو يوم عطلة الحلاقين!
في حين تكون إشارة يوم الإثنين في القاموس العربي على شكل إيماءة باليد على منتصف الوجه بحيث يقسمه إلى نصفين اثنين، كما بيّنت أبو عطوان.
واقع لغة الإشارة في سورية:
أوضحت أبو عطوان أن عدد مترجمي لغة الإشارة في سورية قليل، ولا يغطون جميع المجالات بالشكل الكافي، ما يُعيق قدرة الأشخاص الصُّم من الوصول إلى الخدمات والاحتياجات الخاصة بهم، كوصولهم إلى المراكز الطبية، وكل مل يتعلق بالأسس القانونية، والجامعات والمدارس.
وأكدت مدربة ومترجمة لغة الإشارة أنه من المهم والضروري إدراج لغة الإشارة كمادة أساسية في المناهج التعليمية والتدريسية، مثلها مثل اللغات الأخرى كالإنكليزية والفرنسية وغيرها.
وذكرت أبو عطوان أنه بإمكان أي شخص لديه الرغبة في تعلم لغة الإشارة التوجه إلى الجمعيات والمراكز التي تقيم دورات لذلك، كما أنها متاحة أيضاً للتعلم عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
فيما أشارت أبو عطوان إلى تزايد وتوسع الوعي تجاه لغة الإشارة عن السابق، وأصبح الكثير من أهالي الأطفال ذوي الإعاقة السمعية يسعون لتعلمها من أجل أطفالهم.
استطاعت لغة الإشارة أن تغير حياة الكثير من الأشخاص الذين لم يكونوا قادرين على التعبير عن أنفسهم وعن أفكارهم ورغباتهم، واستطاعوا من خلالها أن ينخرطوا في المجتمع ويكونوا فاعلين فيه.