لليوم السادس.. استمرار الاحتجاجات ضد مبارك في مصر

احتشد عشرات الألوف من المحتجين في ميدان التحرير وسط القاهرة، في سادس يوم من احتجاجات الغضب العارمة وسط إصرار المتظاهرين على إسقاط النظام الحاكم في مصر، فيما يواصل الجيش نشر قواته بكثافة منذ صباح اليوم خاصة في القاهرة لضبط الأمن بعد انتشار عمليات سلب ونهب.
وفيما تستمر عمليات الاحتجاج تواترت الأنباء عن تعرض عدد كبير من السجناء وذويهم في سجني أبو زعبل والقطا لمجزرة أوقعت عشرات القتلى.
وقال شاهد عيان -وهو شقيق لأحد السجناء- في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إن 172 قتلوا وجرح 203 من سجناء سجن القطا في الجيزة إثر إطلاق ضباط الشرطة الرصاص عليهم بعدما أشعل مساجين القسم الجنائي النيران فيه، بالتزامن مع زيارة أهالي المساجين لذويهم.
وأكد الشاهد في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إن الضباط أطلقوا الرصاص والقنابل على الالاف من الأهالي الزائرين, ما أسفر عن مقتل أحدهم وجرح أربعة آخرين، بينما كان الأهالي يهتفون لتحرير ذويهم.
وقام الضباط بإطلاق الرصاص بأنفسهم -وفق شاهد العيان - بعد أن رفض أفراد الشرطة أوامر الضباط بإطلاق النار على المساجين والأهالي، وكان السجناء منعوا من الأكل والماء والكهرباء, وتعرضوا لإطلاق النار قبل يوم.
وقد رفض أفراد الجيش استغاثة الأهالي بمساعدة المساجين الذين يبلغ عددهم نحو تسعة آلاف مسجون, بحجة أن ذلك من اختصاص الشرطة وليس من اختصاصهم.
وفي سجن أبو زعبل شمال القاهرة نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني قوله إن عشرات الجثث موجودة على الطريق قرب السجن الواقع شمال القاهرة بعد أعمال شغب الليلة الماضية أوقعت ثمانية قتلى على الأقل في صفوف المساجين.
ولم تشر الوكالة إلى هويات القتلى أو ظروف مقتلهم.
وكانت مصادر أمنية أشارت إلى سقوط ثمانية قتلى و123 جريحا عندما وقعت اشتباكات بعد أن حاول سجناء الهروب من سجن أبو زعبل.
فرار السجناء
وقد فر آلاف السجناء من السجون بأنحاء مصر في خضم التدهور الأمني. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أمني قوله اليوم إن عدة آلاف من نزلاء سجن وادي النطرون شمال القاهرة على طريق مصر-إسكندرية الصحراوي فروا من السجن بعد اشتباكهم مع الحراس الليلة الماضية وانتشروا في البلدات والقرى المجاورة.
وأضافت أن نحو 1000 شخص هربوا من أماكن الحجز في أقسام شرطة في القاهرة بعد حرقها ونهبها منذ بداية الاحتجاجات.
كما فر عشرات السجناء من سجن في الفيوم جنوب القاهرة مساء أمس، في عملية أسفرت عن مقتل شرطي.
وفي محافظة المنوفية قال الطبيب مصطفى شحاتة -أحد أطباء مدينة شبين الكوم- للجزيرة إن السجناء فروا من السجن في المدينة الليلة الماضية وانتشروا في الشوارع واستولوا على أسلحة ويطلقون النار على المواطنين ما أوقع قتلى حيث لا يتواجد الجيش.
ويقول نشطاء وسكان إن أسباب انتشار ظاهرة السلب والنهب يعود لفرار السجناء من السجون في غمرة الاحتجاجات الغاضبة المطالبة بإسقاط النظام.
وفي هذا السياق وجه المواطنون نداءات استغاثة للجيش المصري لحماية السجون التي تتعرض لمحاولات اقتحامها.
انتشار الجيش
وقد انتشر الجيش بشكل مكثف وواسع منذ صباح اليوم بالقاهرة ومدن أخرى لضبط الأمن، وتمركزت دبابات للجيش منذ صباح اليوم على مداخل الجسور الرئيسية.
كما أقامت قوات الجيش حواجز وحلقت مروحيات في سماء القاهرة في إطار مساعي ضبط الأمن، لكن لا يعلم ما إذا كان الجيش سيمنع وصول المتظاهرين إلى الساحات العامة.
واستيقظت القاهرة صباح اليوم على مشهد شوارعها بالمتاجر المنهوبة والسيارات المحروقة ورائحة الإطارات المشتعلة.
وذكر مراسلو الجزيرة في كل من القاهرة والإسكندرية والسويس ومصادر صحفية في الإسماعيلية أن هذه المدن شملت أعمال نهب وسلب واسعة تصدى لها عناصر اللجان الشعبية وسلم العشرات من "البلطجية" للجيش.
احتجاجات الغضب
في غضون ذلك تدفق آلاف المحتجين المصريين في سادس أيام احتجاجات الغضب. وقال الصحفي منير أديب للجزيرة من ميدان التحرير إن حشود المتظاهرين بدأت تتجمع بكثافة في الميدان، متوقعا أن يصل عددهم إلى مئات الآلاف.
وردد المتظاهرون "حسني مبارك عمر سليمان كله عميل للأميركان"، مشيرين لقرار تعيين رئيس المخابرات نائبا للرئيس في أول قرار من نوعه منذ تولى مبارك الرئاسة قبل 30 عاما. كما هتف المحتجون "يا مبارك يا مبارك الطيارة في انتظارك".
وعلمت الجزيرة أن مئات القضاة ينضمون لآلاف المحتجين بميدان التحرير وسط العاصمة المصرية.
يأتي هذا وسط أنباء عن إجلاء وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي إثر محاصرة مبنى وزارة الداخلية وإطلاق نار كثيف.
كما علمت الجزيرة أن آلاف المحتجين تجمعوا أمام مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية استعدادا لتشييع جنازة ثلاثة قتلى سقطوا في المظاهرات التي شهدتها المدينة يوم الجمعة الماضي.
كما اندلعت مناوشات بين مئات المحتجين وقوات الأمن قرب مقر الحزب الوطني بمحافظة أسيوط بصعيد مصر.
وفي مدينة السويس بدأ تحرك المتظاهرين اليوم باكرا للتجمع في الساحات -وفق ما أفادت مراسلة الجزيرة دينا سمك- وذلك بعد عمليات كر وفر بين أفراد اللجان الشعبية وعناصر من "البلطجية" حتى وقت مبكر من صباح اليوم.
وتوقع مراسلو الجزيرة ومصادر صحفية اتصلت معهم الجزيرة تصاعد الاحتجاجات في القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية اليوم مع تشييع جنازات عشرات القتلى ممن سقطوا في التظاهرات.
وقد بث التلفزيون المصري صورا للرئيس حسني مبارك وهو يزور مركز عمليات القوات المسلحة وإلى جواره نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان ووزير الدفاع حسين طنطاوي ورئيس هيئة الأركان سامي عنان.
ويبث التلفزيون صورا لأداء عمر سليمان اليمين الدستورية نائبا لرئيس الجمهورية، وكما عين مبارك محافظين جديدين في شمال سيناء ووادي الجديد.
الضحايا
من جهتها دعت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية النائب العام في مصر إلى فتح تحقيق فوري في قيام قوات الأمن ومن سمتها مليشيات مسلحة من الحزب الحاكم بقتل 119 مصريا يوم الجمعة فقط بينهم 18 طفلا, وإصابة أكثر من 3745 شخصا واختفاء 416 مصريا بينهم 14 امرأة.
وفي بيان لها أكدت الشبكة أن ما حدث الجمعة كان جرائم ضدّ الإنسانية يُحاسَب المسؤولون عنها وفق القانون الدولي, وأنها ستبدأ حملة لملاحقة الجناة.
من جانبها دعت القوى المنظمة للاحتجاجات غلى تشكيل حكومة انقاذ بقيادة البرادعي على ان تصدر بيان في وقت قريب، وقامت مجموعة من صحفيي الاهرام توقع على بيان يطالب مبارك بالتنحي، في حين أعلنت قوى الاحتجاجات ضم قوى "6 أبريل" و"خالد سعيد" و"الجمعية الوطنية للتغيير" لصفوفها، وأعلنت أنها ستقوم بتكليف البرادعي للتفاوض مع السلطة.
من جهته أعلن المرشد العام للإخوان المسلمين بمصر أن مبارك يتحمل مسؤوليه مايجرى الان فى مصر، وأن عدد اقتلى الآن أضعاف العدد المعلن.
في حين تم تناقلت انباء عن اعتقال الجيش لوزير الداخلية حبيب العادلي وأحمد عز بسبب استخدام العنف ضد المتظاهرين، في الوقت الذي قالت فيه أنباء أخرى أنه تم إخراج وزير الداخلية وسط غطلاق نار من مبنى الوزارة في القاهرة، في حين خلف ماجد الشربيني أحمد عز في أمانة التنظيم في الحزب الوطني الحاكم بمصر.
وقف التداول بالبورصة المصرية الاثنين
تكبدت البورصة خسائر حادة بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي (رويترز)
سيتم إغلاق البورصة المصرية يوم غد الاثنين لليوم الثاني على التوالي بسبب التطورات السياسية المتلاحقة في مصر.
ونقلت رويترز عن مصدر مسؤول قوله إن الإغلاق يقتصر حاليا على يوم غد فقط وإن مثل هذه القرارات يتخذ يوما بيوم نظرا للظروف.
ولم تفتح البورصة أبوابها اليوم. وأعلنت إدارة البورصة إغلاقها بعدما تكبدت خسائر حادة بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي وصلت إلى 12 مليار دولار في جلستين فقط.
وأوضح محللون أنه يتعين وقف التداول لحين تشكيل حكومة جديدة ومعرفة الوزير المختص بالاستثمار.
كما اقترح آخرون إنشاء صندوق سيادي يكون لديه القدرة على التصدي لأي مبيعات عشوائية بهدف إحداث توازن في عمليات البيع.
من ناحية أخرى قال نائب محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز إن إغلاق البنوك سيستمر غدا لليوم الثاني على التوالي.
تواصل إجلاء الأجانب من مصر
تواصل إجلاء الرعايا الأجانب في مصر التي تعصف بها احتجاجات غاضبة تطالب بإسقاط النظام، وسط تصاعد أعمال العنف والانفلات الأمني.
فقد قالت الولايات المتحدة إنها ستجلي رعاياها الراغبين بمغادرة مصر اعتبارا من غد الاثنين إلى دول أوروبية.
وقال بيان إن "السفارة الأميركية في القاهرة تبلغ المواطنين الأميركيين ممن يرغبون في المغادرة بأن وزارة الخارجية تقوم بترتيبات لتوفير عمليات نقل لمواقع آمنة في أوروبا، وأن الرحلات إلى نقاط الإجلاء تبدأ غدا" مشيرة إلى أن الأمر طوعي.
وكانت السفارة الأميركية حثت مواطنيها قبل يومين على إرجاء السفر غير الضروري إلى مصر وتوخي الحذر.
وعلى غرارها، أعلن بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية عن إجلاء أسر دبلوماسييها في مصر ونحو 40 إسرائيليا آخرين على متن طائرة خاصة تابعة لشركة الطيران الإسرائيلي العال.
وأوضح البيان أن الطائرة التي أرسلتها الوزارة وصلت مطار بن غوريون في تل أبيب مساء السبت تحمل أسر وأزواج وأطفال المبعوثين الإسرائيليين إلى مصر، إضافة إلى إسرائيليين آخرين لهم أعمالهم الخاصة في مصر أبدوا رغبة في العودة إلى إسرائيل.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن قرار إعادة عائلات الدبلوماسيين اتخذه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بعد مشاورات.
وقررت الخارجية الإسرائيلية إغلاق سفارتها في القاهرة اليوم الأحد، بعدما تبين أن المظاهرات الاحتجاجية التي تطالب الرئيس المصري حسني مبارك بالتنحي عن الحكم باتت قريبة من السفارة.
وتسعى تركيا أيضا لإجلاء رعاياها، حيث نقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية عن مصادر بالسفارة التركية في القاهرة قولها إن تركيا سترسل طائرتين تابعتين للخطوط الجوية التركية إلى مصر اليوم الأحد لإجلاء المواطنين الاتراك، وإن عملية الإجلاء قد تستمر عدة أيام إذا لزم الأمر.
وفي مطار القاهرة الدولي، أوضح مسؤولون أن عدة دول عربية -هي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ولبنان والأردن- نظمت رحلات جوية إضافية لنقل رعاياها وأسر دبلوماسييها إلى خارج مصر.
وأضاف المسؤولون أن نحو 3000 شخص -نصفهم تقريبا من النساء- وجدوا أنفسهم مساء السبت مضطرين للبقاء في المطار، لأن طائراتهم وصلت بعد بدء حظر التجول.
وأشاروا إلى أن نصف هذا العدد خليط من المصريين والأجانب الذين قرروا الهروب من البلد، ولكنهم فوجئوا بأن عددا من شركات الطيران ألغت أو أجلت أو علقت رحلاتها.
وقالوا إن صالات السفر ما زالت تعج بالركاب الراغبين في مغادرة البلاد، حيث تسود الفوضى أمام صالات الوصول في مبنييْ المطار رقم 1 و2.
وكان عدة شركات طيران دولية علقت رحلاتها إلى مصر، ومنها الخطوط المصرية التي أعلنت عن توقف 12 ساعة، لكنها عاودت الرحلات بسبب تدفق رعايا الدول الأخرى مع تواتر الأنباء عن أعمال العنف وغياب الأمن.
جنرالات مصر يدعون مبارك للتنحي
ذكرت صحيفة ذي تايمز البريطانية أن اثنين من كبار مسؤولي الأمن في مصر حذرا الرئيس حسني مبارك أمس بضرورة التخلي عن السلطة لتجنب إطالة أمد الاضطراب والعنف في أكبر دولة سكانا في العالم العربي.
وتقول الصحيفة إنه حسب مصدر مقرب من القيادة ورد أن اللواء عمر سليمان مدير المخابرات البالغ 74 عاما، الذي تقلد منصب نائب رئيس الجمهورية أمس، والمشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع أثارا مع مبارك فكرة أنه ينبغي أن يرحل.
ووصف المصدر مبارك بأنه عنيد ويرفض وضع حد لحكمه الذي دام ثلاثين عاما. لكن البعض رأى في تعيين نائب لرئيس الجمهورية لأول مرة خطوة أولى في تسليم السلطة.
وأشارت الصحيفة إلى أن آلاف المصريين تحدوا حظر التجول وملؤوا شوارع وميادين القاهرة أمس مرددين رفضهم لمحاولات مبارك التشبث بمنصبه بإقالة مجلس الوزراء والوعد بالإصلاح.
وقالت إن المصريين منقسمون حول تعيين سليمان، فهو بالنسبة للبعض إيذان بالعودة إلى الهدوء بعد خمسة أيام من الانفلات الأمني. وبالنسبة لآخرين لم يكن هذا كافيا. وعلق مصدر بأن "مبارك مثل الزوج الذي وافق على الطلاق لكنه ما زال باقيا في البيت، وهذا لن ينفع".
وأضافت الصحيفة أن سليمان يتوقع مكالمة تأييد من واشنطن التي تعتبر اللواء الموالي لها "جزيرة استقرار". واستطردت أن سليمان وطنطاوي يبحثان عن طريقة مهذبة كي يرحل مبارك.
وقال مسؤولون في مصر إن سليمان مستعد لتولي منصبه كرئيس مؤقت، ويراه البعض في الغرب وفي داخل مصر أنه المرشح الأكثر ترجيحا، لكن ليس هناك إشارة على أن مبارك سيوافق على الرحيل.