لم يحدث شيء يذكر!!

 

 

 

فؤاد حميرة - بلدنا 

 

خلال خدمة العلم، كان لزاماً على رئيس الحرس أن يكتب في جدول مناوباته تقريراً عن أي شيء يحصل خلال الأربع والعشرين ساعة التي كان خلالها رئيساً للحرس، وجرت العادة أن نكتب في ذلك الجدول العبارة الشهيرةالتالية « لم يحدث شيء يذكر»، وأعتقد أن هذه الجملة تنطبق عملياً على الحكومة الحالية، فإن أراد رئيس الحكومة رفع تقريره للشعب، فلن يجد أفضل من العبارة السابقة للتعبيرعن عمل وزارة مضى على عملها نصف عام، وفي ظل ظرف يؤكد الجميع على أنه الأخطر في حياة سورية منذ استقلالها وحتى اللحظة .

 

نصف عام مضى تقريباً على تشكيل الحكومة الحالية، وبالرغم من كونها جاءت في ظل أزمة خطرة تعصف بالبلد، وبالرغم من أن كثيراً من السوريين توقعوا أن تكون التشكيلة الجديدة حكومة أزمة، إلا أن هذه الحكومة لم تفعل شيئاً يذكر حتى الآن، اللهم سوى الاستعراضات الإعلامية التي قام بها بعض الوزراء خلال جولاتهم على المحافظات والتصريحات شبه المرتبكة والخجولة، مقرونة بوعود غائمة لم يفهمها حتى الوزير التي أطلقها.

 


بل إن الحكومة الحالية زادت الأمور سوءاً، خاصة ما يتعلق بحياة المواطن، عبر قرارات أقل ما يقال عنها أنها ارتجالية ولا تتناسب مع طبيعة المرحلة التي تشكلت فيها هذه الحكومة، إذ يبدو أن الحكومة ذهبت نحو التخطيط الاستراتيجي (وأرجو أن أكون على حق)، في حين أن المطلوب كان ولا يزال في خضم الأحداث المتسارعة في البلد، البحث عن حلول علاجية إسعافية، إنجازات سريعة تنعكس إيجاباً وبشكل مباشر على حياة المواطنين.

 


ستة أشهر، أسهمت خلالها الحكومة الحالية، في زيادة وطأة المعيشة على المواطن، كأنهم ينسون طبيعة المرحلة واحتياجاتها، المواطن يريد إنجازاً مباشراً يتمسك به ويدافع عنه. لا يكفي أن يكرس إعلامنا كل خطابه لتأكيد خيانة المعارضة في الخارج، الحاجة ملحة لخطاب إعلامي واع، نستطيع احترامه على الأقل، ونشعر أنه يحترمنا ويحترم عقولنا.

 


لم نشاهد منذ ستة أشهر، ولم نسمع خلال تلك الفترة عن إنجاز واحد تحقق، أي إنجاز مهما كان صغيراً وبسيطاً، وعلى أي صعيد، بل إن الأمور تزداد سوءاً، خاصة في ما يتعلق بالشأن المعيشي للناس.

 


وأنا هنا لا أقول إن الحكومة هي الملامة، إطلاقاً، بل إن آليات تشكيل الحكومات، والقوانين والتشريعات التي تتحكم بعملها وعمل وزرائها، هي الملامة، ولا بد من تغييرها فوراً والآن قبل الغد، والمسألة لا تحتاج إلى وقت طويل للدراسة والتمحيص، نحن في أزمة يا جماعة ..البلد في أزمة ومنحى خطر، لا وقت للتخطيط الاستراتيجي، إنه وقت العمل السريع لتجاوز الأزمة وقت التكتيكات المرحلية والآنية.

 


يمكن وببساطة طرح انتخاب حكومة على الشعب، فينتخبها الشعب من كل الأطياف، سواء أكانوا موالاة أم معارضة داخلية أم خارجية، مع احتفاظ الرئيس بحقه في تعيين وزيري الخارجية والداخلية  واحتفاظه بمنصبه كقائد عام للجيش والقوات المسلحة، ولتأت حكومة مختلطة يكون الشعب هو مصدر قوتها، والشعب وحده من يقرر إن كانت تحقق رغباته وطموحاته، ويكون الشعب هو المسؤول أولاً وأخيراً عن محاسبتها أو مكافأتها.

 


أمر آخر ...على الحكومة، والحكومة وحدها فقط، أن ترسم وتخطط سياساتها، بمعنى أن تكون جهة لها القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، لا أن تأتيها القرارات من الأعلى والأسفل، وعليها فقط التنفيذ؛ على اعتبار أن الحكومة وفقاً للدستور هي سلطة تنفيذية فقط ، فكيف ينجح من ينفذ أوامر قد يكون غير مقتنع بها أصلاً؟