لماذا بحث العالم عن الزعيم المفقود؟

شام إف إم - عبير ديبة
تقول الحكاية أنه ومنذ حوالي 20 يوماً سجلت وسائل الإعلام العالمية غياب رئيس كوريا الشمالية المثير للجدل كيم جونغ أون عن عدّة فعاليات هامّة.
هكذا راحت الصحافة تبحث عن "الزعيم المفقود" وتضع السيناريوهات المفترضة لاختفائه المفاجئ أبرزها أن يكون ميتاً أو مريضاً بالإضافة إلى روايات عن صراع على الحكم في البلد الذي لا يُعرف عنه الكثير بطبيعة الحال بسبب العزلة المفروضة عليه من قبل الولايات المتحدة التي اعتادت أن تحشر الدول في خانة "اليك"، ومن ثم معاقبتها على الإجراءات التي تتخذها لحماية وجودها!
بأية حال لم يطل غياب "الزعيم" الكوري الشمالي الذي استلم الحكم عام 2011، فها هو يعود ويظهر مبتسماً خلال إحدى المناسبات الرسمية في منطقة شمالي العاصمة بيونغ يانغ.. رغم آنها ليست المرة الأولى.
فهل سيرتاح الإعلام العالمي ومن خلفه المجتمع الدولي لظهوره هذا بعد غياب؟
والجواب بالتأكيد هو.. لا! فـ كيم الذي تنعته التقارير الغربية بـ "الديكتاتور" لا يزال يجلس علناً على ترسانة نووية لا يستهان بها، يحميه من خلفها جيش قوامه أكثر من ستة ملايين جندي في قوات الاحتياط.. وهو "رجل الصاروخ" الذي لا يتورّع عن تهديد أميركا بشكل مباشر.
لذلك فإن عين المجتمع الدولي تركز على هذه الأسلحة، لا على هذا الرجل ولا على غيره بكل تأكيد!
لكن حكاية نظام الحكم بشكله الحالي في هذا البلد تسبق كيم بعقود، حين كانت شبه الجزيرة الكورية محتلّة من اليابان، التي منيت لاحقاً بالهزيمة في الحرب العالمية الثانية، ما دفع كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إلى دخولها لتحريرها من اليابانيين، فحرر الاتحاد السوفيتي القسم الشمالي ليصبح دولة تتبنى الأفكار الشيوعية، فيما سيطرت لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا بقيادة الولايات المتحدة المعادية للشيوعية على القسم الجنوبي.
هكذا انقسم الشعب الواحد -عند خط عرض 38 - إلى دولتين متصارعتين إيديولوجياً.. سرعان ما تحول الصراع عام 1950 إلى حرب شنها رئيس كوريا الشمالية آنذاك كيم إل سونغ (جد الرئيس الحالي) بهدف إعادة توحيد كوريا بدعم روسي صيني.. حرب شكلت مفاجأة للولايات المتحدة التي اضطرت إلى دخولها خوفاً من المد الشيوعي..فكانت هذه الحرب بالنسبة لها رمزاً للحرب بين الشرق والغرب!
ولم تتوقف إلا بعد ثلاث سنوات وخمسة ملايين قتيل.. إثر الضغط الأمريكي للجلوس على طاولة المفاوضات,, لتنتهي الحرب العسكرية أخيراً باتفاق "هدنة" وليس معاهدة سلام… نص على تحديد "منطقة منزوعة السلاح".. لكن هذا الأمر لم ينه بطبيعة الحال الحرب المعقدة بين الكوريتين.
وعلى أساس "حالة الحرب" تلك والعقوبات الأميركية والحصار الاقتصادي الثقيل المفروض عليها منذ عام 1950 والشعور بعدم الأمان بسبب التهديد المستمر بغزو أميركي محتمل.. بٌني النظام في كوريا الشمالية على يد جد كيم ووالده، فاختارت الدولة سياسة الاكتفاء الذاتي والدفاع عن النفس فبدأت تجاربها النووية لتمتلك اليوم عشرات الرؤوس النووية ومئات الصواريخ المتنوّعة وكماً كبيراً من الأسلحة التقليدية وملايين الجنود.. ورجلاً يدعى كيم أون جونغ.
هكذا وبعيداً عن كيم أو غيره، تبقى المعادلة الصّعبة عالقة.. بين الإصرار الأميركي على أن تتخلى كوريا الشمالية عن أسلحة الدمار الشامل مقابل "اتفاقية سلام".. ورفض "بيونغ يانغ" القاطع لذلك قبل رفع العقوبات وتقديم الضمانات بعدم الهجوم عليها.. معضلة معقّدة حقاً تختبئ خلف ما يحلو لوسائل الإعلام الغربية أن تسميه بـ "الطاغية"!