لماذا نعيش نفس المشاعر مع اختلاف الأزمات؟

لين

لين حمدان- شام إف إم

أصبح لدى السوريين والأشخاص، الذين اختارهم القدر في هذه البقعة الجغرافية، التي لم تعرف طوال تاريخها إلا الحروب والأزمات والكوارث، حالات نفسية مختلفة عن نظرائهم البشر حول العالم، وربما تحتاج لدراسات مخصصة لاكتشاف طريقة العيش ضمن هذه الصدمات المتكررة! وكغيرها من السنوات، لم تكن 2023 سهلة نفسياً، كونها بدأت بزلزال السادس من شباط، وما تبعه من أزمات أصبحت "روتينية" منذ أكثر من عقد من الزمن، وما إن خفت الآثار النفسية للزلزال، حتى بدأت الحرب على غزة، ومعها مرحلة جديدة تحتاج من الناس التشافي منها، والتأقلم مع مشاهد الموت فيها.

حول هذا الموضوع تحدثت الاختصاصية في الوعي والتشافي وتطوير الذات رشا الصباغ لبرنامج "البلد اليوم" أن قضية فلسطين؛ تمس كل السوريين، لأننا مرتبطون بها منذ الطفولة ولا يمكننا النأي بأنفسنا عما يجري في غزة.

"الصباغ" وصفت ما يجري بالصدمة للموجودين على الأرض، وللمتابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي تتنوع ردود أفعال الأشخاص؛ فتكون ردة الفعل الأولى هي الهجوم والتأهب و تولد الغضب و هذا الغضب إما يوجهه الانسان لنفسه فيشعر بالوحدة والعجز، أو يوجهه لخارج نفسه فيصبح غاضباً و منفعلاً تجاه الاخرين و يلقي عليهم بالاحكام، أما ردة الفعل الثانية، هي الهروب تيجة الإحساس بالخطر وضرورة الهروب والنجاة النفسية والجسدية، فيما تكون ردة الفعل الثالثة هي التجمّد (الخدر ) ويصاحبها عدم الشعور.

مشاعر متشابهة.. بأزمات مختلفة!

مذ بدأت الحرب الأخيرة على غزة، وعدد كبير من الناس لا يفارقهم الشعور بالخوف والعجز والإحساس الكبير بالذنب، كونهم يعيشون حياة طبيعية، وأشخاص آخرون في مكان قريب يتعرضون لأقسى أنواع العذاب، بمشاعر مشابهة للخوف والخطر التي رافقت فترة زلزال 6 شباط، وبينّت "الصباغ" أننا مع تكرار المشاعر نصبح قادرين على التعامل مع ذات الشعور، موضحةً أن بعض الأشخاص يتعاملون مع مشاعرهم لوحدهم، وآخرين يحتاجون لمساعدة الأصدقاء أو الاختصاصيين.

هل ننسى؟

وبما يتعلق بالأشخاص الذين يشعرون أن مشاكلهم صغيرة جداً أمام ما يحدث في فلسطين، أوضحت "الصباغ" أن هذه الفكرة خاطئة وغير صحية، لأنه مشاعر الشخص وإحساسه مهم، مشيرةً إلى أنه يجب أن يحافظ على قوته النفسية حتى يتمكن من الثبات على موقفه، فالأقوياء على الأرض في غزة، ومن لديهم اتساع نفسي هم من استطاعوا إيصال صوتهم للعالم، ولا يجب علينا التغاضي عن حزننا ومشاعرنا وتجاهلها، لأن تفريغ المشاعر لا ينسينا وإنما يشعرنا بالأسى بدرجة أقل، إذ لا يوجد وصفة نفسية علاجية واضحة تعمم على كافة السوريين، ليعرفوا كيفية تجاوز أزماتهم النفسية، إلا أنه وعلى الأقل، يكون لديهم خبرة واضحة وتجارب سابقة، مع أزمات وكوارث قد تحدث في سنوات قادمة.