لماذا يزعجهم البرلمان البديل؟!

 

اليوم تنطلق فعاليات برلمان 2010 .. أخيب برلمان وليس أخطر برلمان، كما كنا نحلم ونتمنى.. يبدأ مشواره وسط موجة من السخط الشعبي العام.. ودعوات بتشكيل برلمان بديل.. انزعج منه النظام، وإن كان قد راح يقلل من أهميته.. ويعتبره فكرة وهمية ناتجة عن خيال سياسي مريض.. وربما عن خبال وخبل!

فلماذا ينزعجون من مجرد فكرة، تدعو إلى تأسيس برلمان بديل يرون أنه لا يقدم ولا يؤخر، كما أن الذين يشاركون فيه لا وزن لهم.. فلا هم من أصحاب الحيثيات المالية، ولا هم يملكون تقديم طلبات إحاطة ولا أسئلة ولا استجوابات.. ولا هم يتمتعون بحصانة برلمانية.. فعلاً لماذا ينزعجون؟

المؤكد أن الفكرة لم تنشأ لأن هناك من يريد أن يتسلى.. ولكن لأن انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، قد شهدت عمليات تزوير واسعة النطاق، تشكك في مصداقية البرلمان الرسمي وتطعن في شرعيته.. هذه مسلمات يعرف بها الرأي العام في الداخل، كما يعرف بها الرأي العام في الخارج.. والمعنى أن المعارضة لم تسلم بالهزيمة!

صحيح أن الفكرة خرافية في المجتمع المصري، وصحيح أيضاً أنها أشبعت الجماهير إلى حد كبير.. وصحيح أنها وجدت التفافاً واسعاً لأول مرة.. وصحيح أيضاً أن نظام الحكم بدأ يشعر بخطورة الفكرة.. أولاً: لأن المعارضة ترفض الانسحاب، وتهدد بحرب استنزاف طويلة الأمد.. ثانياً: قد تؤدي الفكرة لحل البرلمان!

والغريب أن هذا أول رد عملي منظم إلى حد كبير، على تزوير الانتخابات، لم يكتف بالطعون القضائية، ولم يكتف بالملاحقات الصحفية، التي سرعان ما تنتهى.. إنما تبنى فكرة تقبل التطبيق، وتشتبك مع النظام في أدق فترة كان يرتب لها حتى تمر بسلام.. فإذا هو يترك أمره لمن يهدم عليه المعبد!

وليس شرطاً أن يتحول هذا البرلمان البديل، إلى برلمان حقيقي.. نتابع فعالياته بدلاً من البرلمان الرسمي.. وليس شرطاً أن يكون له رئيس ووكيلان.. ورؤساء لجان برلمانية.. حتى لا يختلفوا ويبدأ الصراع.. المهم أن يكونوا معاً يداً واحدة.. حتى يسقطوا البرلمان المزور!

أخطر ما في الفكرة من وجهة نظري، أنه لابد أن يواكبه على الجانب الآخر.. يجتمع معه ويناقش مشروعات القوانين بطريقته هو.. ويتابعه الرأي العام أيضاً.. وهي شوشرة سوف تزعج سيد قراره.. فإذا هو لا سيد قراره، ولا عبد قراره.. وإنما هو مجلس مزور يعرف أنه ملاحق.. شعبياً ورسمياً وقضائياً!

هناك سبب آخر حتى ينزعج النظام، وهو أن يكون البرلمان البديل بداية لتغيير كبير لا يقوده البرادعي وحده هذه المرة، ولكن يحتشد المجتمع كله خلف مطالب التغيير.. ومن الأشياء المزعجة أيضاً أن يقود هذا البرلمان، حملة توقيعات على التعديلات الدستورية المطلوبة، خاصة ما يتعلق منها بالرئاسة!

لا يشغلني ما يمكن أن يقدمه البرلمان البديل.. قطعاً هناك نقص فى الإمكانيات.. وقطعاً هناك مشكلة حتى في مكان انعقاده، فضلاً عن الخبرات المتاحة له.. لكن يهمني أن يبدأ.. المهم أن يبدأ فى الوقت الذي ينطلق فيه البرلمان المزور.. بعيداً عن أي جدل حول تأثيره.. يكفي أن يكون مصدر إزعاج، ويكفي أن يكون بداية لتحريك الشارع نحو التغيير!

 

محمد أمين - الوفد