لن أهاجر

 

 

تتردد نغمة جديدة قديمة بين بعض المصريين الآن خلاصتها أنه إذا حدث كذا فسوف أهاجر وأترك مصر! البعض كان يقول لو حصل الإخوان (أو التيار الإسلامي) على أغلبية برلمانية فلن نجلس في مصر يوما واحدا، وللأسف هناك من صفى أعماله من المصريين بالفعل، وباع بيته وجل ما يملك، وهاجر إلى أوروبا وكندا بعد أن ظهرت نتيجة الانتخابات.

البعض الآن يقول لو أصبح الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل رئيسا فلا مقام لي في هذا البلد، وهذا أمر مؤسف، وإن دل على شيء فهو يدل على شرخ في الوطنية، وعلى قصور في إدراك معنى حب الوطن، وعلى تشوه في الوعي السياسي، وعلى تخاذل في العمل.

لو أن مصر في خطر لأن تياراً ما حكمها، أو لأن فلانا أو علانا أصبح رئيسا لكان ذلك أدعى – إذا كنا نحب هذا


عن نفسي أنا في مصر إلى آخر عمري إلا إذا نفيت قسراً، سأعيش وأموت في هذا البلد، لقد ولدت خارجه، وعدت مختاراً مع سبق الإصرار والترصد لكي أساهم في إصلاحه، ولن أتنازل عن هذا الحلم الآن، ووصيتي بعد موتى إذا مت خارجه أن أدفن فيه، وإذا دفنت خارجه أن تنقل رفاتي إلى ترابه ولو بعد ألف عام.

لو جاء رئيس على غير هواي فسأعارضه، وسأناضل مرة أخرى من أجل أن أرى مصر حرة، وسأبذل كل ما في وسعي لكي تصل الحقوق إلى أهلها، ولكي يتاح للناس حقهم في الاختيار الحر، أما الرحيل فهذا أمر دونه خرط القتاد.

ليس من الوطنية أن نفر عند الزحف، وليس من الوطنية أن نزعم أننا اضطررنا إلى ترك البلد لأن تيارا حكم أو لأن حزبا تمكن في غفلة من الزمن، إن الوطنية الحقة هي أن تواجه الباطل بقوة الحق، وأن تتقدم حين يحجم الآخرون، وأن تقول «لا» حين يهاب ذلك الجبناء، الوطنية الحقة أن تكون رجلا حين يتقهقر أنصاف الرجال.

أما من يرى مصر محفظة ائتمانية، أو مجموعة أسهم في بورصة الأوراق المالية فهذا النوع من الناس من حقه، بل من واجبه أن يهاجر، لأن عوائد الاستثمار في الخارج حينها ستكون أعلى بكثير من التمسك بالوطن!