لوجة زهرة الخشخاش بيعت قبل ثلاثين عاماً واللوحة المسروقة مزيفة

في أحدث تطور يتعلق بلوحة زهرة الخشخاش المسروقة للفنان الهولندي فنسنت فان غوخ، فجر خبير في أنظمة المراقبة والإنذار مفاجأة من العيار الثقيل بتأكيده أن اللوحة التي سرقت مؤخرًا من متحف محمود خليل ليست النسخة الأصلية للوحة، وقال إن اللوحة الأصلية لم ترجع إلي مصر في المرة الأولي التي سرقت فيها قبل نحو ثلاثين عامًا، في حين أدلى وزير الثقافة المصري فاروق حسني بأقواله أمام النائب العام رداً على اتهامات رئيس قطاع المتاحف التي وجهها للوزير في بلاغ للنيابة العامة.
وقال د.عبد الحميد عمران- الخبير الذي تولي تأمين ووضع أنظمة الإنذار للعديد من المتاحف المصرية- إن اللوحة الأصلية بيعت بعد سرقتها للمرة الأولي في عام 1978 بمزاد سري بالعاصمة البريطانية «لندن»، بمبلغ 45 مليون دولار، مشيرا إلي أن وسائل إعلام غربية أشارت إلي ذلك وقتها.
وأكد عمران أن اللوحة التي عادت تم نسخها بعناية من اللوحة الأصلية، مشيرا إلي أن الخبراء الفرنسيين الذين تولوا فحص اللوحة عقب عودتها للمرة الأولي بفرنسا أكدوا عدم وجود شهاداتها الأصلية «البصمة» التي توثق علاماتها المميزة وتاريخ انتقالاتها، واعتمدوا في تقريرهم علي المعاينة البصرية، قبل أن تخرج أنباء بيع اللوحة التي عادت إلي مصر وقتها بطريقة غامضة لم يعلن عن تفاصيلها.
وأضاف أن مواقع إنترنت متخصصة في اللوحات المسروقة أكدت مؤخرا أن اللوحة المعروضة بمتحف محمود خليل ليست النسخة الأصلية من «زهرة الخشخاش»، وأن اللوحة الأصلية بيعت في مزاد سري بلندن بعد سرقتها من مصر بعامين، وبعد أن أعلنت السلطات المصرية عن استعادة اللوحة في 1979 بعام واحد، أي في عام 1980 دون أن تكشف ظروف وملابسات عودتها.وأوضح عمران أن الكاتب الكبير يوسف إدريس تحدث عن ذلك في مقال له بالأهرام، استنادا إلي الرواية الغربية لبيع اللوحة في الخارج، وأكد أنه تم تسريب نسخة مقلدة لمصر. وقال إن سارقي اللوحة في المرة الأولي اعتمدوا علي عدم جود شهادة بصمة اللوحة لدي مصر، ومرروا اللوحة المزيفة.
ودلل خبير أنظمة الإنذار والمراقبة الذي وضع أنظمة الإنذار والمراقبة لمتاحف الفن الإسلامي، المجوهرات الملكية بالإسكندرية، متحف بورسعيد القومي، والمتحف القبطي والكنيسة المعلقة، علي كلامه بلجوء سارق لوحة «فان جوخ» الشهيرة إلي سرقتها دون غيرها من اللوحات المعروضة بالمتحف، بالرغم من أنه كان يمكنه ذلك لتوقف جميع أجهزة إنذار المتحف وتعطل كاميرات المراقبة به، وهو ما كان يعرفه السارق بالتأكيد- بحسب تأكيد عمران - الذي أضاف «السارق اكتفي بـ «زهرة الخشخاش» التي كانت هدفه من البداية».
وأكد خبير نظم المراقبة والتأمين أن سارق اللوحة كان يمكنه بسهولة سرقة معظم اللوحات الموجودة بصالة عرض المتحف، بنفس طريقة سرقة «زهرة الخشخاش» دون أن يكتشف أمن المتحف أمره، مشيرًا إلي أن ذلك يكشف عن تركيز السارق علي هذه اللوحة دون غيرها.
وقال «الواضح أن سارق اللوحة كان يعرف هدفه تحديدا، فتوجه إلي زهرة «الخشخاش» وانتزعها من إطارها بعد قطعها بـ«كاتر»، وهو ما يفقد اللوحة الكثير من قيمتها الفنية والمادية، إن كانت اللوحة الأصلية حقًا». وأضاف «أعتقد أن السرقة الأخيرة كانت بغرض إخفاء النسخة المزيفة للوحة الشهيرة، لتبقي نسخة وحيدة لدي مالكها السري».
وتوقع عمران أن يكون هناك سيناريو مخالفًا للسيناريو الذي طرحه، لكنه أكد أن الواضح أن هناك أمرًا غامضًا وراء اختفاء «زهرة الخشخاش» بعد عودتها، ودلل علي ذلك بإعلان وزير الثقافة عن استعادتها للمرة الثانية عقب ساعات قليلة من سرقتها، قبل أن يعود ليؤكد أن تصريحاته تلك لم تكن دقيقة، وأن ما تم ضبطة نسخة تشبه اللوحة المسروقة بصحبة سائح إيطالي بمطار القاهرة، وهو ما يؤكد أن هناك أكثر من نسخة مقلدة للوحة المسروقة، قد يكون منها تلك التي سرقت في المرة الأخيرة.
وتابع عمران أن تخبط وزارة الثقافة، وتصريحات وزيرها المتناقضة حول اكتشاف السارق واستعادة اللوحة ثم نفي ذلك تؤكد أن هناك شيئًا غير طبيعي في السرقة الأخيرة، وقال: «ربما تمكنت أجهزة الأمن بالفعل من استعادة اللوحة المسروقة، لكن وزارة الثقافة اكتشفت أنها نسخة مزيفة، فنفت استعادة اللوحة خوفًا من اكتشاف أمرها في حالة فحصها مرة أخري بوسائل أكثر تطورًا، مما يهدد بكشف فضيحة استبدال اللوحة، وعرض أحد متاحف الوزارة نسخة مقلدة منها طوال ثلاثين عامًا».
من جانب آخر اكد وزير الثقافة المصري فاروق حسني الاثنين لوكالة فرانس برس انه التقى المحامي العام لنيابات شمال الجيزة هشام الدرندلي مساء الاحد وادلى باقواله حول حادثة سرقة لوحة "زهور الخشخاش" ردا على اتهامات رئيس قطاع الفنون التشكيلية محسن شعلان بالاهمال.وقال حسني انه "اتصل بالنائب العام وطلب منه تحديد موعد للادلاء باقواله بعد الاتهامات التي وجهها محسن شعلان الي وانا اتيت للادلاء باقوالي وليس لاتهام احد، لاسجل اقوالي بشكل رسمي بعد ان كنت التقيت قبل ايام النائب العام بزيارة ودية".واوضح حسني انه "للاسف ان هناك من نصح شعلان بتحويل قضية سرقة لوحة +زهور الخشخاش+ من متحف محمود خليل وسط القاهرة الى قضية راي عام وانا لم اتهمه ولكنه هو الذي ادان نفسه عندما مثل امام النائب العام".واشار حسني الى ان "تحقيقات الشرطة اشارت الى ان شعلان اهمل في عمله ولم يصدر تعليمات بشان اصلاح الكاميرات واجهزة الانذار وتعزيز امن المتحف فهو يمتلك جميع الصلاحيات التي تخوله وضع نظام امني وصيانة اجهزة الانذار".وجاء طلب الوزير المصري بمبادرة منه لتقديم اقواله امام النائب العام ضمن سياق رده على اتهامات رئيس قطاع الفنون التشكيلية الوزير بالاهمال والمسؤولية المباشرة على سرقة لوحة "زهور الخشخاش" من المتحف القائم في وسط العاصمة المصرية على الضفة الغربية للنيل.ولاقت هي التصريحات صدى كبيرا في الصحافة المصرية حيث نشرتها غالبية صحف المعارضة الى جانب قيام عدد من كتاب الرأي في هذه الصحف بكتابة مقالات تتهم الوزارة وبعض المسؤولين بها بالاهمال والفشل الاداري.وفي هذا السياق كتب خالد السرجاني في صحيفة الدستور الصادرة الاحد متهما حسني "بخرق القانون لاستعانته باهل الثقة على اهل الخبرة ولاهداره المال العام ".في حين حمل اخرون وبينهم الناقد الفني اسامة عفيفي "وزارتي المالية والتنمية الاقتصادية مسؤولية هذا الاهمال الى جانب وزارة الثقافة لعدم تخصيصها موازنات لبناء وترميم المتاحف القائمة والمغلقة والتي تصل الثروات الفنية التي تملكها الى عشرات المليارات من الدولارات".الا ان الوزير دافع عن مدير مكتبه فاروق عبد السلام باعتباره "رجل ادارة متميز وهو الاكثر دقة في العمل ويتصف بالمتابعة الجيدة لكل ما يتعلق بالعمل والمشاريع التي يكلف بمتابعتها".يذكر ان البحث عن اللوحة لازال مستمرا وان الامن راقب خلال الفترة السابقة اكثر من ثلاثة الاف سائح ايطالي حيث ان اجهزة الامن كانت ذكرت ان شابا وفتاة من ايطاليا دخلوا الى المتحف يوم الحادثة لمدة اكثر من 30 دقيقة وكانت تصرفاتهم مريبة الا ان الامن لم ينتبه لهما ولم يسجل اسماؤهما كما هو معمول به في هذا المتحف.