ليبيا نحو التقسيم في أولى نتائج الديمقراطية المزعومة

على خطا السودان واستكمالاً لمشروع قوى الاستعمار الغربي الساعي لتفتيت البلاد العربية واستغلال ثرواتها تسير ليبيا نحو التقسيم تحت ستار فيدراليات تهدد وحدة أراضيها وتنذر بدخولها دوامة من العنف والحرب الأهلية كأولى نتائج الديمقراطية المزعومة التي رسمتها لها الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي أخطر المساعي الرامية لتقسيمها لفيدراليات جهوية وقبلية أعلنت قبائل شرق ليبيا برقة الممتدة من حدود مصر في الشرق إلى سرت غربا فيدرالية اتحادية تتمتع بسلطات إدارية ومالية واسعة تمهيداً لتعميم هذه التجربة على باقي المناطق تنفيذاً للمخطط الغربي المعد للسيطرة على النفط الليبي.
إعلان برقة اقليماً فيدرالياً كمؤشر على بوادر تقسيم ليبيا سبقته عدة خطوات قامت بها القوى الاستعمارية استطاعت عبرها التدخل في ليبيا بغطاء خليجي سلط وسائل إعلامه المضلل على الداخل الليبي لتشويه الوقائع وتصوير الاوضاع بأن هناك مجازر ترتكب ضد ثورة شعبية تطالب بالتدخل الدولي قبل أن تخرج الجامعة العربية عن ميثاقها ودورها ويسهل لدول سايكس بيكو الساعية لإعادة رسم خرائطها العدوان على الأراضي الليبية.
ويرى متابعون أن الإعلام الممول خليجياً الذي ساهم منذ البداية في التستر على أجندة الغرب في استهداف ليبيا يستكمل مهمته التضليلية اليوم بالتغطية على دعوات الانفصال والترويج لها.
وبالعودة إلى إعلان برقة منطقة حكم ذاتي ومع أن أصحاب هذا المسعى زعموا بأن طرحهم ليس بداية لتقسيم البلاد إلا أن شكل مشروعهم وطريقته وتوقيته تثير كثيرا من المخاوف والجدل الذي استخدم نموذج انفصال جنوب السودان لإسقاطه على الوضع الليبي وبحسب المؤشرات فإن الشكل الذي أعلن عنه تخطى اللامركزية الإدارية إلى الاستقلالية أما الطريقة فغلب عليها منطق القبيلة والجهوية على منطق الدولة.
وتحت وقع هذه الأخبار التي باتت واقعاً مريراً استفاق الليبيون على حقيقة مزاعم التدخل الأجنبي في بلادهم بحجة نشر الديمقراطية والحرية.
ونقلت صحيفة الوطن الليبية أن المظاهرات ضد الفيدرالية والتقسيم في ليبيا تعم المدن والمناطق في حين قالت مصادر قبلية إن المجلس الأعلى الانتقالي في برقة سيحدد موعداً للاستفتاء على الفدرالية داخل الإقليم في خطوة مشابهة للاستفتاء الذي أدى لانفصال جنوب السودان في تسارع مشبوه لفرض أمر واقع.
وفي حين أشارت تقارير إعلامية إلى أن هذا الإعلان يندرج في خطة استعمارية قديمة تسعى إلى تقسيم البلاد إلى خمسة أقاليم إدارية هي برقة وطرابلس ومصراتة وجبل نفوسة وفزان حيث يضم إقليم برقة المنطقة الشرقية وجميع الحقول النفطية بينما يضم إقليم مصراتة محافظات سرت وبني وليد وترهونة وزليتن والجفرة وذلك بهدف السيطرة على الثروات الموجودة هناك.
وبينما يبرر الساعون والمؤيدون لتكوين هذه الفيدراليات خطوتهم بالفشل الذريع للدولة المركزية وسياسات المجلس الانتقالي الليبي الاستبدادية وتهميش ما وصفوه بالكيان الشرعي في شرق ليبيا يرى محللون أن دعوات الانفصال عن الدولة المركزية في طرابلس تحمل بصمات التحريض الأمريكي للاستفادة من ثروات هذا الاقليم الغني بالنفط وهو الهدف الأساسي الذي قام من أجله الغرب بالتدخل في ليبيا.
وكنتيجة تلخص ما سبق يرى مراقبون أن مشروع الاستعمار الغربي بقيادة الولايات المتحدة لتقسيم ليبيا انتقل من الخطط المرسومة على الورق إلى أرض الواقع وأن إعلان برقة كفيدرالية منفصلة هي خطوة على طريق رسم خارطة جديدة لمنطقة المغرب العربي وتجزئته إلى عدة دويلات يسهل السيطرة عليها في حين يعبر آخرون عن مخاوفهم من بداية حرب أهلية تفتت البلد ليس إلى ثلاث كونفيدراليات فحسب بل إلى مدن وقرى وقبائل وجهات.
شام نيوز - سانا