ليسوا سذجاً

جاء برنار كوشنير وميغيل موراتينوس الى القدس مؤخرا، للتساؤل عن خبر بنيامين نتنياهو وخرجا أكثر بلبلة مما كانا عندما دخلا.
صعب على وزيري خارجية فرنسا واسبانيا أن يقررا من يصدقان؛ أرئيس الحكومة الذي استقبلهما ببشاشة، ووعد بأنهما اذا صرفا محمود عباس عن مسألة المستوطنات فسيُدعيان في غضون سنة الى مراسم التوقيع على الاتفاق الدائم، أم افيغدور ليبرمان الذي وبخهما بشدة وقال لهما إن مغفلا فقط يؤمن بأنه يمكن التوصل في هذا الجيل الى تسوية مع الفلسطينيين.
هل ليبرمان شخص وحشي، يُمسك بيبي من مكان حساس، أم أن كل شيء عرض يرمي الى أن يثبت لهما ما الذي ينتظر نتنياهو المسكين اذا تجرأ على تمديد التجميد؟.
مهما يكن الأمر، يكون رئيس الحكومة رابحا من كل عرض رعب لوزير الخارجية. فبيبي يُمتعه الشك في احتمال وجود مشكلات داخلية له حقا. وهذا الشك يُسهل على صديقه القديم، المستشار دنيس روس، أن يقنع اوباما بأن يعرض على نتنياهو صفقات فيها ضمانات أمنية ودبلوماسية مغرية. لكنهم في مكتب رئيس الحكومة يعلمون أن الاميركيين – كما اعتاد بيبي أن يقول – ليسوا سُذجا. فهم لا يضيعون ذخيرة ثمينة مقابل عدة اسابيع اخرى من التجميد. لانه لا أحد يؤمن بأن نتنياهو وعباس سيتوصلان في غضون شهرين أو ثلاثة الى تفاهم ما على واحد من المواضيع الجوهرية. ماذا يفترض اذا أن يحدث في تلك الايام الستين أو التسعين وماذا سيحدث من الغد؟.
بحسب معلومات بلغت المستوى السياسي في القدس، تطلب ادارة اوباما أن تكون المادة الاولى في التفاوض قضية الحدود. إن اتفاقا على تعديلات على الخط الاخضر سيُبعد بمرة واحدة والى الأبد صداع التجميد. اذا لم ينجح الطرفان في التوصل الى نهاية السنة الى تفاهم على خط جديد فستضع الولايات المتحدة أو الرباعية على الطاولة خارطتهما. يخطر بالبال أن الخارطة لن تخالف في جوهرها المخطط الذي عرضه زوج وزيرة الخارجية كلينتون قبل عشر سنين بالضبط وهو نقل 94 – 96 في المئة من اراضي الضفة الى فلسطين، وتبادل اراضٍ على نحو متساوٍ. من المفهوم من تلقاء نفسه أن حكومة نتنياهو لن تصمد لهذه «الأحكام». وهذا الشيء مفهوم ايضا لعباس ونظرائه في الجامعة العربية. وهذا هو السبب الذي جعل مؤتمر وزراء الخارجية الذي عقد نهاية الاسبوع الاخير في ليبيا، لم يقلب الطاولة بسبب قضية التجميد. لانه أفضل لهم أن يقلبها اوباما على رأس نتنياهو. وليس عجبا أنهم أعطوا الرئيس الاميركي خاصة شهرا لحل الأزمة. فهذا الأجل ينقله الى الجانب الثاني من انتخابات مجلس النواب. وهم يأملون أن ينقله هذا الى جانبهم.
رسالة من صديق
نُشر في الاسبوع الماضي أن نتنياهو قد تبين له فجأة الرسالة التي أرسلها الرئيس بوش الى شارون، كي يُليّن قليلا الألم السياسي للانفصال عن غزة. قيل إن نتنياهو يريد أن يوقع اوباما هذه الرسالة مقابل تجميد مؤقت للبناء في المستوطنات. يُبين كتاب جيمس وولفنسون الجديد لماذا يشتاق بيبي الى بوش.
أبلغت الصحيفة اليومية الاسترالية «سدني مورنينغ هيرالد» في نهاية الاسبوع، أن اليهودي الاسترالي الذي عيّنه بوش قبل خمس سنين سفيرا خاصا للرباعية لمسيرة السلام كتب أن الرئيس لم يتناول قط بجدية التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين. كذلك تصف الصحيفة اليومية دهشة وولفنسون، عندما سمع في نهاية 2005، بعد سبعة اشهر من الجهود للتقريب بين الطرفين، أن وزيرة الخارجية كونداليزا رايس تنزل في فندق داود في القدس وتجري معهما محادثات سرية. يكتب وولفنسون: «ذهبت الى الفندق وأمسكت اليوت أبرامز (الذي كان آنذاك مسؤولا عن الشرق الاوسط في مجلس الأمن القومي) من عنقه وقلت له: أعتقد أنك ابن زانية». وبخته رايس، وأجاب من كان رئيس البنك الدولي: «لا تقولي لي فقط إنني مستشار مخلص، لا يسلكون هذا السلوك مع «مستشار مخلص»..». بعد ايام معدودة أعاد وولفنسون الى بوش رسالة التعيين.
طواحين العدل
أعادت وثائق حرب يوم الغفران الى العناوين الصحفية، رئيس أمان آنذاك، ايلي زعيرا الذي رفض حتى اللحظة الأخيرة، وبعدها بقليل أن يصدق أن المصريين يتجرأون على تحدي اسرائيل القوية. ومع الايام كشف زعيرا عن اسم عميل للموساد، الذي عُد أرفع عميل مصري كان لاسرائيل آنذاك. قبل ثلاث سنين وُجد ميتا عند أسفل مبنى سكنه في وسط لندن. اتهم رئيس الموساد السابق، تسفي زمير، زعيرا بالتسريب وبموت العميل على نحو غير مباشر. وقد قضى ثيودور أور، الذي كان في الماضي نائب رئيس المحكمة العليا، والذي عُين حكما في دعوى التشهير التي رفعها زعيرا على زمير، في مطلع 2007 بأن زعيرا مسؤول حقا عن التسريب.
قبل ست سنين طلب زمير واثنان من المسؤولين الكبار سابقا في الجماعة الاستخبارية الى المستشار القانوني للحكومة السابق، ميني مزوز، بدء تحقيق مع زعيرا. جاءني في نيسان هذا العام عن وزارة العدل انه «تم البدء في تحقيق مركب شامل صحبته عوامل قسرية تتصل بجمع أدلة من جهات موجودة خارج البلاد»، وأننا نأمل أن يُتخذ قرار بالسرعة الممكنة. مر نصف سنة. جاء أمس الاول عن وزارة العدل الرد الآتي: «كما أبلغنا موكل المشتكي في القضية تسفي زمير، يتم الفحص عن الموضوع في هذه الاسابيع في مكتب المستشار القانوني بل قد أُجري نقاش أول بمشاركة المدعي العام للدولة وممثلي الجهات ذات الصلة. ولم يُتخذ أي قرار حتى الآن في هذا الشأن وفي نيّة المستشار القانوني اجراء نقاش آخر».
HAARETZ - عكيفا الدار