مؤلفة ماملكت أيمانكم: لا يهمني أحد ..

 

أثار مسلسل "ما ملكت ايمانكم" وكاتبته الشابة د. هالة دياب زوبعة في الشرق الاوسط في الاونة الاخيرة، لا يبدو انها تهدأ حتى تثار من جديد. أخر هذه الزوابع كان ربط الشيخ محمد سعيد البوطي شح الأمطار بالمسلسل.

لم تتوقف بعض الصحف عن الكتابة عن كاتبة المسلسل والتنقيب وراءها في محاولة لالتقاط ما يساعدهم في اسكات قلمها الجدلي. عندما تلتقي هذه الكاتبة الشابة لا تصدق ان امرأة في نعومتها وانوثتها وعمرها تثير هذا الجدل. أو، للطرافة، يمكن ان تكون مسؤولة عن منع المطر لدولة بكاملها.

وتقول بسخرية واضحة "كيف أمنع سقوط المطر وأنا التي سقط اسمي سهوا في تكريم محمود عباس للمشاركين في المسلسل رغم انحدار جدي من اصول فلسطينية من جماعة 48 وكذلك عدم دعوتها الى معظم حفلات التكريم التي احتفت بالمسلسل في الاردن."

ورغم النعومة الظاهرة لهذه المرأة، إلا انها ما ان تفتح فمها حتى ينفجر بركان ثائر لامرأة تتباهى بتمردها وبثورتها على كل ما كان يأسرها. تقول د. هالة "ثورتي هذه تتجسد في الدراما وستمهد الطريق للجيل الجديد للعمل على التغيير والتحرر من القيود الاجتماعية البالية التي تشل حركة المرأة العربية في الشرق الاوسط." وتضيف "انا امرأة تربيت في الشرق الاوسط كأي فتاة شرقية. ولكن كان دائما في داخلي بذور الرفض لما يحدث حولي والشك في ماهية الاشياء التي نعيش في اطارها. إلا أن صغر عمري ووجودي في الشرق الاوسط عملا على عدم اكتمال ملامح تمردي هذه. ومن خلال دراستي في الغرب وابتعادي عن الشرق الاوسط، بدأت أرى الاشياء عن بعد وبدت الصورة أوضح الي. وصقلت خبرتي الاكاديمية والعملية ملامح تمردي الذي تجسد من خلال الدراما التي أكتبها والاعمال الوثائقية التي انتجها."

وترى الكاتبة الشابة أن المجتمع الشرقي "هو مجتمع ذكوري معاد للمرأة ويحاول ارهاب النساء اللواتي قررن رفض الايدلوجيات الجبرية في المجتمع وقذفهن اما بالتشكيك بعقيدتهن أو ولائهن لأوطانهن أو بالتشهير بحياتهن الخاصة أو باقامة الحد عليهن."

وتضيف "كل هذا يحدده الرجل الشرقي لان اليد العليا هي للرجل في الشرق الاوسط. والنساء اللواتي يطرحن أنفسهن كجسد ويهززن اجسامهن ويكشفن عن صدورهن هن المقبولات في هذا المجتمع. اما النساء اللواتي طرحن انفسهن كعقل ويطالبن بالتغيير وبحقوق المرأة فأن الامر ينتهي بهن مجلودات بسياط العيب والحرام وتشوه شخوصهن لانهاء شرعية ما يتحدثن عنه."

ود. هالة دياب حاصلة على الدكتوراه من جامعة ليستر في بريطانيا في الدراما ودرست علاقة الاقليات بعلم النفس والنوع والعرق والمكان ودرست النوع والعرق في الماجستير. رفض الايدلوجيات المورثة وتقول "أنا امرأة لا أخاف من أحد على هذه الارض ولا يهمني أحد ولا يهمني كل هذا الهجوم الذي لا يستنجد إلا باستغباء عقول الناس.

ولا يهمني ما اتعرض له من تهديدات ومن تشويه لاسمي ولشرعية تمردي. فأنا متصالحة مع سلبياتي واخطائي ومشاكلي وعقدي ايضا ان وجدت. وحياتي ملكي ولا احد وصي عليها الا نفسي. وانا تمردت على كل المنظومات الاجتماعية البالية التي تقهر المرأة وتقيدها وهي لا تعني لي شيئا.

واكتب الدراما لأغير الوضع الراهن للشرق وليس لأصنع أصدقاء أو مؤيدين. وقرائي ومشاهدي يجب ان يقبلوني كما انا او لا يقبلوني." وتضيف "مشوار حياتي كان طويلا ومليئا بمحطات تمرد ومنعطفات تراجيدية. انظر الآن الى الوراء واعتقد ان كل ما حدث لي بحياتي جعلني المرأة التي أنا عليها الآن" أكثر تصالحا مع نفسي واكثر قوة واكثر حرية."

وتعتبر د. هالة انها اقوى "لان التعليم والاستقلالية الاقتصادية هي التي تجعل المرأة الشرقية اكثر قدرة على التحكم بقدرها وقيادة حياتها ورفض الايدلوجيات المورثة التي يرفض المجتمع الشرقي ان يسأل عن ماهيتها وخاصة اذا جاء السؤال من امرأة."

وتحاول الكاتبة الشابة أن تجد تفسيرا للعدائية ضد نساء في الشرق الاوسط "يفسرها بعض محللي النفس ان هؤلاء الرجال المعادين للنساء هم شواذ جنسيا ومعادين لجنسانية المرأة الانثوية. فالضرب والاعتداء على المرأة الجسماني هو رمز للتمرد الذكوري والرفض الاواعي على جنسانية المرأة وعقابها على انوثة جسدها.

فالمجتمع الشرقي الذكوري يريد وضع المرأة تحت الشادور واخراسها بحجة الدين ومفاهيم العيب والحرام وتحويلها الى كائن غير مرئي ليسهل السيطرة عليها." وتؤكد "أنا شخصيا لا اخاف من مفهوم العيب والحرام لأنني اسأل عن ماهية هذه المفاهيم وانا تمردت على مفاهيم الذكورية الشرقية وسأستمر في معركتي. أنا لا اخاف من هدر دمي فالاعمار بيد الله والموت حقيقة مثل الحياة تماما.

ويظن البعض ان بالهجوم علي وتشويه شرعية ايدلوجياتي وتشويه شخصيتي سأخبأ رأسي مثل النعامة وسأغير توجهاتي في الكتابة. وأنا اقول لن استسلم. فأنا امهد الطريق للجيل الجديد ليكون له لسان ويتمرد على ما يفرض عليه ليستطيع الابداع والتحرر."

وتعتبر د. هالة انها عانت من قيود المجتمع الشرقي "وما ازال اعاني ولا اريد للجيل الجديد ان يتعرض لكل هذه الضغوط. فلا بد لاحدنا من ان يدفع الثمن ولا بد من بداية مع شخص ما. وانا لا امانع ان ادفع الثمن لمستقبل حر ومشرق للجيل الجديد وانا الان مصمممة اكثر لمتابعة طريقي ورفع الحواجز وتحديها وانا اتنفس الدراما وسأكتبها لاخر لحظة في عمري." وكان مسلسل "ما ملكت ايمانكم" قد عرض في عدد من الفضائيات خلال شهر رمضان وبعده ويتناول الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية والفساد الظاهر والمختبئ.

 

شام نيوز - ميدل إيست أونلاين