ما الجمال الرائج في هذا العصر؟ ولماذا يختلف من عصر لآخر؟؟

رزان حبش - شام إف إم
يعتبر مفهوم الجمال مفهوماً صعب التحديد، ولكن يمكن وصفه بأنه ما تستحسنه العين..
إلا أن الفيلسوف الأسكتلندي ديفيد هيوم يقول إن "الجمال موجود في العقل الذي يراه"، ولذلك من المهم جداً أن يكون العقل دوماً هو سيد الموقف في تحديد الجمال!
إلا أن آراء الناس تختلف حول معايير الجمال، وتحديدها، لأن لأطباء التجميل نظرتهم حول هذا الموضوع، كما لمُختصي الموضة رأيهم أيضاً، وللمجتمعات أحياناً معاييرها الخاصة..
والأهم أن لكل عصر معاييره المعينة، ولكن السؤال هنا هو عن سبب تغير الجمال مع تقدم الزمن وكيفية حدوث هذا التغيير؟؟ وهل يا ترى من كنا نصفه بالجمال قديماً سيكون جميلاً في العصر الحالي أم لا؟؟
عوامل تحديد معايير الجمال:
حول هذا الموضوع قال طبيب التجميل نبراس ملحم لبرنامج "البلد اليوم" على "شام إف إم" إن هناك عدة عوامل تحدد معايير الجمال، وهي الإعلام، أو العامل الثقافي وهو العامل الأهم، إضافة إلى عامل الفروقات الطبقية فعلى سبيل المثال في العصور السابقة، كانت معايير المرأة الجميلة أن تكون ممتلئة نسبياً، والتي تمتلك وجهاً مدوراً، بينما اليوم فإن ذلك مخلف كلياً، حيث أصبحت المرأة الجميلة هي المرأة النحيفة الممشوقة.
كما أن هناك أيضاً عامل اختلاف الثقافات، فالجمال في الثقافة الأوروبية، مختلف عن الجمال في بلادنا وعنه في مناطق الخليج، وهناك الوعي، فكلما كان هناك وعي أكبر تجاه سلبيات التجميل وتجاه المعايير الصحية كلما حدد ذلك معاير التجميل بشكل أكبر.
تأثير وسائل الإعلام على معيار الجمال:
وبيّن د. ملحم أنه ما من معيار ثابت في عالم الجمال، ولكن هناك عموميات مثل التناظر، والصحة الجيدة، والأجساد الممشوقة، والرياضية، والبشرة الصافي.
وذكر طبيب التجميل حول دور وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أنه في السابق كان الناس يتلقون معايير الجمال عبر التلفزيون (الإعلانات التلفزيونية، والمسلسلات)، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي حالياً جعلت الجمال أكثر شمولية.
مشيراً إلى أن تأثير هذه الوسائل في المنطقة العربية كان سلبياً بشكل أكبر، لأنه عندما تكون هناك واحدة من المشاهير جميلة جداً فإن الشخص الذي يتأثر بها سيتطلع إلى نتيجة تجميلية غير واقعية، منوهاً إلى أن تطبيقات تعديل الصور أو ما يُطلق عليها اسم "فلاتر" لديها التأثير ذاته.
ودعا الطبيب نبراس الناس إلى أن يكونوا قنوعين بأنفسهم وبجمالهم الخاص، دون مبالغة، وأن يكون الشعور الإيجابي لدى الأشخاص مستمداً من شخصياتهم ككل والجمال جزء من ذلك فهو نوع من أنواع القوة بالشخصية.
"صناعة التجميل" تُغير نظرة الأشخاص لأنفسهم وتُفقدهم ثقتهم:
وذلك عن طريق، استراتيجيات التسويق أولاً حيث وضع مؤسس شركة "لوريال" الفرنسية يوجين شويلر عام 1938 استراتيجية تسويقية، فسرها البعض على أنها محاولة من شركة منتجات التجميل والعناية بالبشرة والشعر لإشعار المستهلكين بأنهم ليسوا نظيفين بالقدر الكافي، ومن ثم ليسوا جذابين ولا يتمتعون بالجمال.
إضافةً إلى خلق "عيوب" لتسويق الحلول، فمن المُلاحظ أن أغلب إعلانات التجميل تعتمد على هذه الاستراتيجية، فمثلاً نجد إعلاناً يقول "إذا كنت تتقدم في العمر ولديك تجاعيد على وجهك؟ فستجد هذا الكريم المضاد للتجاعيد"، على الرغم من أن التجاعيد هي جزء طبيعي من عملية نمو الإنسان وتقدمه في السن.
ومعايير الجمال غير الواقعية أيضاً، حيث يقول أحد المواقع إن صناعة التجميل تضع معايير جمال غير واقعية لأنهم يعرفون مسبقاً أن تحقيق الشخص العادي لها شبه مستحيل، فتوحي للنساء بأن مفتاح الجمال يكمن في أن يصبحن مثل عارضات الأزياء والفنانات ونجمات التلفزيون ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أن لتطبيقات تعديل الصور (فلترز) دوراً في خلق وهم "الوجه المثالي"، إذ تقوم هذه المرشحات بطمس المسامات، وتكبير العينين، وتضييق الأنف، وتحديد الفك، كما تضيف بعض المرشحات الرموش ومكياج العين وأحمر الشفاه، لكن في الحقيقة، تخلق هذه التطبيقات فجوة متزايدة بين وجهك الطبيعي ووجهك المعدل، وهو ما يُكوّن نوعاً من عدم الثقة بالوجه والملامح الطبيعية باعتبارها أقل جمالاً.
كذلك المكياج، فالكثير من الفتيات والنساء يستيقظن قبل ساعات من وقت عملهن ليستطيعوا اللحاق بوضع مساحيق التجميل، والكثيرات أيضاً لا تخرجن من البيت بدون هذه المساحيق.
هناك مقولة منتشرة هي "لا يوجد أحد قبيح".. وهي من الصحة والواقعية بمكان، لأن لدى كل شخص ما يميزه عن الآخرين، وهو ما يُعطي الجمال الخاص به.
ولكن هذا العامل المميز يختفي تدريجياً، ليجعل معظم الناس يشبهون بعضهم البعض إلى حد ما، وخصوصاً في ظل الانتشار الواسع والرواج الكبير الذي تلاقيه عمليات التجميل، والتي غالباً ما تكون غير ضرورية..