ما الذي ينتظر العالم بعد الانتخابات الرئاسية الروسية والأوكرانية والأمريكية !؟

ما الذي ينتظر العالم بعد الانتخابات الرئاسية الروسية والأوكرانية والأمريكية !؟

ملفات

الأربعاء,٢٤ كانون الثاني ٢٠٢٤

د.نواف إبراهيم - كاتب وإعلامي متخصص بالشؤون الدولية 

موسكو -24.01.2023


في عام 2024، ستكون هناك انتخابات في بقع جغرافية يقطنها ثلاثة مليارات شخص ولا أحد يعرف إن كانت ستنتهي الحروب ومتى يمكن أن يحدث ذلك.

في تقويم 2024، كل الأيام مطوقة بخط أحمر من الأعمال القتالية، ليس بمقدور أحد في الوقت الحالي التنبؤ بتواقيت تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا. ولا أحد يعرف حتى ما إذا كانت هذه الأوقات قادمة أو متى يحين موعدها، الآمال عقيمة إلا في حال حدث تحركات إيجابية لتحقيق وقف إطلاق النار والحصول على مكان على طاولة المفاوضات، وهذا الأمر غير منظور في الوقت الحالي.

حالات العجز والانحياز في الهيئات الرئيسية للحكومة العالمية والتي ترسخت في عام 2023، من غير المرجح أن يتم التغلب عليها في عام 2024،إذ يتضح أنه في هذا الوقت القصير من المستحيل تقديم تصور لجهة إصلاح الأمم المتحدة، ولا حتى قضايا تمثيل وفعالية مجموعة السبع ومجموعة العشرين، أو يمكن معالجتها.

 الرسومات االبيانية "الخطط المرسومة" للنظام الدولي البديل الجديد (وماذا أيضاً؟) مفقودة وتفتقر إلى التجانس والفعالية، وكيفما كان الأمر فإن رئاسة إيطاليا لمجموعة السبع ستكون ذات مسؤولية خاصة.

من جانب آخر تم بالفعل تحديد مواعيد أهم المراحل الانتخابية، ففي 17 مارس/آذار المقبل، ستجرى الانتخابات الرئاسية في الاتحاد الروسي، ستجرى من دون أي مهادنة أو مهاودة، لأن فلاديمير بوتين سوف يفوز، ومن شهر أبريل/نيسان إلى مايو/أيار ستجري الانتخابات البرلمانية في الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، ومن الخامس إلى التاسع من شهر يونيو/حزيران موعد انتخابات البرلمان الأوروبي، وهذه ستكون بمثابة مقدمة لتجديد مؤسسات السلطة الأوروبية في الخريف القادم، وفي الخامس من شهر نوفمبر/تشرين الثاني موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الولايات المتحدة، فتخيل يرعاك الله.

في ذات الوقت قائمة التصويت أطول بكثير، على سبيل المثال، في المملكة المتحدة"بريطانيا"، على الأرجح قد يتم بقرار حكومي تأجيل التصويت إلى يناير/كانون الثاني 2025، سيمّا تنتظر الانتخابات في الاتحاد الأوروبي والبرتغال وبلجيكا. وفي الخريف النمسا، والمكسيك، حيث ستتنافس امرأتان في الثاني من يونيو/حزيران على خلافة أندريس مانويل لوبيز أوبرادور؛ ثم تأتي الانتخابات في تايوان في 13 يناير/كانون الثاني، ومن ثم في إيران في شهر مارس/ آذار، وثم بيلاروسيا.

بالمجمل، سيشمل التصويت حوالي ثلاثة مليارات شخص تقريباً في 50 دولة، بالإضافة إلى التصويت للنواب الأوروبيين، وستجري إيطاليا انتخابات على المستويين الإقليمي والإداري ستشارك فيها حوالي 3700 بلدية.

الاتحاد الروسي 

الانتخابات إجراء شكلي، ويبدو أن إعادة انتخاب بوتين، الذي رشح نفسه لولاية خامسة لن تكون الأخيرة، وهذا أمر بديهي، بوتين الذي يبلغ من العمر 71 عاماً لا يوجد أي حدود دستورية لسلطته، الزعيم الروسي، بعد دخول أوكرانيا، اتضح أنه وضع نفسه في خانة المنبوذ، واستطاع أن يؤمن لنفسه مجالاً للمناورة مع الصين، دول البريكس (المجموعة التي تتجه في عام 2024 نحو التوسع)، ومع دول شبه الجزيرة العربية التي قام بزيارات رسمية إليها.

الصراع الذي اندلع بين الكيان الإسرائيلي وحركة حماس أدى إلى خفض نسبة تسيّد الملف الأوكراني في عدسات وأخبار وسائل الإعلام وتقييمات الرأي العام، وأعطى دورها لـ "حرب أخرى"، وزاد من حالة الإرهاق جرّاء المساعدات التي يقدمها الغرب لكييف" حيث يجب أن تجري الانتخابات الرئاسية"، المفترض إجراؤها في شهر مارس/آذار القادم بالتوازي مع الانتخابات في الاتحاد الروسي، ولكن الذي حصل أنه تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، وبالتالي في عام 2024، قد يكون الهدف الأساس هو استعادة الأراضي المسيطر عليها والبديل هو محاولة تحسين موقفهم عشية المفاوضات في سياق صراع الستاتيكو.

الهند

يشكل التصويت في الهند اختباراً لـ ناريندرا مودي، الذي يعد واحداً من بين القادة الأكثر نشاطاً في السعي لتشكل نظام عالمي جديد، إنه يمضي في صحبة غير متوقعة مع آخرين، غنية بالتناقضات، فمعه بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيسان البرازيليان لويس إيناسيو، لولا دا سيلفا، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، فضلاً عن شخصيات أكثر إثارة للجدل مثل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أعيد انتخابه مؤخراً.

في العام الجديد تنتهي الولاية الثانية التي منحها الشعب الهندي لرئيس الوزراء وحزبه، حزب "بهاراتيا جاناتا"، والحديث هنا يدور حول ما إذا كان مودي، الذي تولى السلطة منذ عام 2014، سيقود على مدى السنوات الخمس المقبلة الدولة التي أصبحت الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، يعني حتى عام 2029. 

الاتحاد الأوروبي

الانتخابات الأوروبية في نسختها العاشرة، ستظهر إلى أي مدى سيصل الاهتمام بمشروع التكامل بين 27 دولة في الاتحاد الأوروبي؟، التدابير اللازمة هنا تكمن في المشاركة بعمليات التصويت، عدا عن ذلك بالدرجة الأولى سيصبح من الواضح ما إذا كانت رغبة المضي قدماً معاً ستتغلب على إغراءات العودة إلى الأنانية الوطنية.

زد على ذلك أزمات الهيئة التشريعية الأوروبية التاسعة، الوباء، الهجوم في أوكرانيا، والصراع بين الكيان الإسرائيلي وحركة حماس أظهر أن الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يكون فعالاً عندما يوحد قواه حين يرغب بالرد أو الإجابة، كما فعل من خلال إطلاق برنامج الاتحاد الأوروبي للجيل القادم«Next Generation Eu» لإعادة بناء الاقتصاد بعد أزمة فيروس كورونا، وخلاف ذلك فالاتحاد الأوروبي لا يملك من التماسك أو القوة ما يجعله مسموعاً، فيقع رهينة الخضوع والانقياد.

سياسة الاتحاد الأوروبي على الجبهة الأوكرانية، في غالبيتها موّحدة، ولكنها تبقى أطلسية، يعني تطغى فيها المواقف الأميركية، فهذه السياسة لا تتمتع بالاستقلالية، وبنفس الوقت الاتحاد الأوروبي لا يتمتع بالقوة العسكرية الكافية، أما في الشرق الأوسط، تبدو هذه السياسات مجزأة؛ و"إسرائيل" تعترف فقط بدور الدفع لإعادة بناء البنية التحتية التي تعطي البلد الحق في إعادة التدمير مرة أخرى.

الولايات المتحدة الأمريكية

 الحملة الانتخابية لعام 2024 بالنسبة للولايات المتحدة ستكون تكوينية على مدار العام كله، ستكون مشروطة (وربما مشلولة أيضاً) في النشاط الدبلوماسي الدولي، في الواقع، أولئك الذين اضطروا إلى الرهان على تغيير ساكن البيت الأبيض، لأسباب مختلفة، مثل روسيا أو "إسرائيل"، سوف يكون لزاماً عليهم أن "يسيطروا على خيولهم"، على الأقل حتى التصويت.

في الوقت الحاضر، كل شيء يشير إلى أن المرشحين من الحزبين الرئيسيين سيكونان جو بايدن، الديمقراطي، ودونالد ترامب، الجمهوري. لكن العوامل السياسية والقضائية المجهولة مجهولة النتائج التي تؤثر على الحملة الانتخابية هائلة، إذ إن الرئيس بايدن لديه معدلات موافقة منخفضة للغاية وهناك قضية عمره، فهو سيبلغ من العمر 82 عاماً في يوم الانتخابات؛ أما ترامب، أصغر منه سنا بقليل (سيبلغ 78 عاماً ونصف)، يواجه المحاكمات الفيدرالية والمحلية (من المتوقع صدور القرار الأول في 11 يناير/كانون الثاني)،أما جدلية حقه في الترشح في الانتخابات الرئاسية يجب أن يتم البت فيها من قبل المحكمة الأمريكية العليا.

ومع ذلك، ليس لدى الديمقراطيين خارطة احتياطية جاهزة، وفي الوقت نفسه، يمكن للجمهوريين أن يقيموا خلال الانتخابات التمهيدية ترشيح نيكي هيلي، الحاكمة السابقة لولاية كارولاينا الجنوبية وممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، والتي أظهرت نفسها كسياسية محنكة ومستعدة لخوض غمار هذه المعركة في الوصول الى البيت الأبيض.

وسوف يبدو انتخابها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني بمثابة تأكيد على القواعد التي تقضي بوصول النساء إلى السلطة في الغرب، وخاصة إذا ما كنّ من اليمين، لكن لم نصل إلى هذه المرحلة بعد.


حرب
انتخابات