ما بين نزار قباني وحاتم علي.. هكذا تودع دمشق عشاقها

ما بين نزار قباني وحاتم علي.. هكذا تودع دمشق عشاقها

 تداول بعض السوريين مقطعاً من مسلسل الفصول الأربعة، وخصوصاً حلقة «أصدقاء نزار» التي صور فيها المخرج حاتم علي جنازة الشاعر الكبير وخروج سكان دمشق لوداعه.

المفارقات هنا عديدة فمن جهة لم يتأخر سكان هذه المدينة عن توديع عظمائهم وخرجوا يردون ديونهم ويغنون لهم ويوصلوهم إلى مثواهم الأخير، ومن جهة ثانية عاد حاتم كما نزار محمولاً في نعش خشبي على متن طائرة قادمة من خارج البلاد.
المخرج السوري الذي توفي في مصر إثر نوبة قلبية، لم يتوقع أو لم يكن ليتخيل أن يخرج الناس بهذا الشكل لتشييعه، أن يذرفوا هذا الكم من الدموع، أو أن يجمعهم بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم بعد مفارقته الحياة  كما كان يجمعهم في حياته أمام الشاشات الصغيرة.

ورغم تواجده في مصر وإقامته في كندا، كان مخرج التغريبة الفلسطينية يرغب دوماً بالعودة، فروى صديقه المخرج الليث حجو أن حاتم أعطاه جواز سفره ليجدده له، إلا أنه كان خائفاً من أن يضيع، وأوصاه بالحرص الشديد قائلاً "الجواز هاد حياتي كلها.." وبالفعل عاد بجوازه لكن كجسد بلا روح.

الحضور في التشييع كان كبيراً جداً من محبين لم يجبرهم شيء على ترك منازلهم في اليوم الأول من السنة الجديدة إلا حبهم ووفائهم لمخرج رسم الذاكرة السورية.
ولم يتخلف زملاؤه الفنانون، حتى أن عدداً منهم عاد خصيصاً إلى البلاد لحضور مراسم دفنه كالفنان تيم حسن، الذي بدأ مسيرته الفنية مع علي من خلال "ربيع قرطبة".

أيضاً كان بين الحضور كل من القديرة منى واصف وسلافة معمار وسلاف فواخرجي وغسان مسعود ووائل رمضان ونضال نجم وخالد القيش إضافة للكثيرين ممن يدينون لحاتم بنقل هذه المهنة إلى مستوى آخر.
من المحبين لم ينقص أحد فمن لم يكن بجسده كان بقلبه، إلا أن نقابة الفنانين ارتأت ألا تتدخل، فظلت صامتة معتبرة أنها غير مسؤولة عن فنان مفصول من النقابة بسبب إجراءات روتينية، مثلها مثل وسائل الإعلام التلفزيوينة السورية التي اختارت أن تعرض برامج ومسلسلات عوضاً عن تغطية هذا الحدث، في الوقت الذي تحضر إحدى القنوات العربية حلقات مخصصة عن مسيرة حاتم علي.
ونتيجة عدم البث حاول الجمهور الذي لم يستطع الذهاب إلى جانب مشفى الشامي أو مقبرة باب الصغير، التنقل من بث مباشر إلى آخر، عملت صفحات السوشل ميديا وحسابات المتواجدين في التشييع على نقلها لتكون المشاهدات بالآلاف.

اليوم ودعت دمشق حاتم علي كما سبق لها أن ودعت نزار قباني قبل اثنين وعشرين عاماً، لتثبت أنها ومهما اختلفت أحوالها، تعرف قيمة الإبداع الحقيقي.

شام إف إم - لين حمدان