ماذا قال جوليان أسانج في ضيافة مارسيل غانم؟

متأثرا بالربيع العربي، جلس مؤسس موقع «ويكليكس» جوليان أسانج في ضيافة الزميل مارسيل غانم، وأعلن في حوار مباشر معه من بريطانيا عن وجود مئة ألف وثيقة لدى الموقع في طريقها إلى النشر.
لكن أسانج لم يحدد كيفية اختيار الوثائق التي يقرر الموقع نشرها، باستثناء إعلانه عن وجود قرار إستراتيجي لدى الموقع بنشر معلومات تتعلق بتونس ومصر، خاصة عن عمر سليمان وحسني مبارك، وليبيا والقذافي. كما أوضح أنه تم نشر آلاف الوثائق عن سوريا، لكن الإعلام العربي لم ينشرها، بينما امتنع الإعلام الغربي عن نشر الوثائق المتعلقة بالموساد الإسرائيلي. وأورد مثلين في هذا الإطار هما أن الرئيس بشار الأسد يعتبر سوريا أهم دولة عربية، وأن إسرائيل تريد إبقاء الفلسطينيين على حافة الجوع، لكن ذلك الخبر نشرته فقط صحيفة بلجيكية صغيرة. 
ومن الطبيعي في ظل بحر المعلومات التي يستطيع أسانج تقديمها، أن لا تتسع له مقابلة تلفزيونية، أو مقابلات عدة، مهما طال وقتها، بينما تبقى المعلومات التي يقدمها هي الأهم في الحوار، مهما كانت نوعية الأسئلة المطروحة عليه. 
وتبعا لذلك، قال إن عملية نشر الوثائق هي مسار طويل ومعقد يصعب شرحه في حوار تلفزيوني. ولم يتضح للمشاهدين ما إذا كان قد خص عن قصد تلفزيون «إل بي سي» بأطول مقابلة تلفزيونية، أم إن الإعلام الغربي يتجنب بدوره إجراء حوار طويل ومباشر معه.
وفي كلتا الحالتين بدا أسانج مهتما بتعريف العرب عن نفسه في ظل الثورات العربية.
لكن الأهم من ذلك كله أن ما قام به سوف يبقي السؤال الكبير مطروحا، ما إذا كان ذلك عمل تجسس، أم طريقة للحصول على معلومات ونشرها؟ وهو سؤال طرح عليه مرات عدة، وكان جوابه دائما: أنه ناشر.
لكنه ناشر من نوع خاص، هز أنظمة وأجهزة استخبارات في العالم، وأقلق رؤساء دول وسياسيين ومنظمات. ولا شك في أن عمله سوف يقدم في ما بعد دروسا كبرى في الإعلام، وربما ينسف لاحقا نظريات إعلامية، مثل الحصول على موافقة أصحاب المصادر قبل نشر معلوماتهم، خاصة عندما تكون المعلومات لمصلحة الشعوب وليس الحكام، أو طريقة التأكد من المعلومات قبل نشرها.
ولأن الوقت قصير، طرح غانم بدوره أسئلة محددة وقصيرة وجدية، على عكس حواراته مع السياسيين اللبنانيين التي يتخللها الكثير من المزاح.
وتوقف أسانج عند صحف أوروبية وأميركية كبرى لا تلعب دور مساءلة الحكومات تجاه الشعوب، بل تقوم بدور منحاز لصالح الأنظمة الحاكمة، مثل «نيوورك تايمز» و«الغارديان» و«الباييس». وقال إن «نيوورك تايمز» غيرت في الوثائق التي نشرتها، وكان قد وصف عملها في تصريح سابق بأنه قذر.
أما في ما يخص وسائل الإعلام والصحف العربية، فأوضح أن تعاونه مع جريدة «الأخبار» اللبنانية يعود إلى كونها الصحيفة الأبعد عن الولايات المتحدة وإسرائيل. وذكر أن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله طلب من إدارة الجريدة تسليمه البرقيات، لكن الإدارة رفضت، الأمر الذي تسبب بتباعد بين الاثنين.
وأعاد سبب استقالة مدير قناة «الجزيرة» وضاح خنفر إلى أن حجمه أصبح أكبر من قدرة العائلة الحاكمة في قطر على تحمله، وقد أرادت إعادة السيطرة على القناة التي يتم استخدامها حاليا كأداة للسياسة القطرية. 
كما خصصت فقرات طويلة من حديثه للرقابة الإلكتــرونية، بينـها دعوة رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون خلال أحداث الشغب في بريطانيا إلى حصار «فايسبوك» و«بلاكبيري»، وذلك ما كان يفعله حسني مبارك أثناء الثورة المصرية. 
وقد خسر موقع «ويلكيليكس» بسبب الحصـار عليه 95 % من موارده التي تأتي من متبرعين عبر العالم، بينما تبلغ موازنة الموقع سنويا ما يقارب ثلاثة ملايين وخمسمـئة ألـف دولار. لكن لا يـزال في الامكان التـبرع عـبر تحـويلات إلى مصارف غير مرتبطة بالمصارف الأميركية. كما يجري العمل على تأمين وسائل لحماية الوثائق من خروقات أجهــزة المخابرات في العالم. 
ولذلك الجهد الطويل، أهداف كبرى حددها أسانج، وسوف يحكم التاريخ عليها في ما بعد، وتتلخص في كشف ما هو غير ظاهر في السياسة الدولية، من أجل التفكير في إعادة هندسة العالم بشكل أكثر عدالة، موضحا أن هناك جهات أخرى بدأت تعمل على طريقته، فتم إنشاء موقع خاص في البلقان، وموقع «فرنش ليكس» في فرنسا.

 

 

شام نيوز - السفير