ماذا لو نجح أحدهم؟!

 

 

يوسف - سعد - بورصات واسواق

  

 

ماذا -لا قدر الله- إن نجح أي من الأسماء المائتان والخمسون الذين يعتقدون حالياً أنهم يمثلون المواطن السوري في انتخابات مجلس الشعب المرتقبة؟!

 

ماذا لو بقيت قوائم العمال والفلاحين عامرة بأسماء لا تمت إليها بأي صلة؟
وماذا لو بقيت قائمة باقي فئات الشعب لا تمثل إلا فئة الصامتين والمتملقين؟
يكفي أن نعلم أن السيد محمود الأبرش كان قد انتخب ضمن قائمة العمال والفلاحين بناء على نضاله العمالي والفلاحي, وكذلك النائب عمار ساعاتي, والنائب محمد حمشو, وقبلهم النائب عبد القادر قدورة, , وكذلك أحمد قبلان, ومحمد ناجي عطري, وحسين حسون وسعاد بكور وحسن الأخوان وجوزيف سويد ومحمد حبش, وغيرهم دون استثناء من باقي قائمة المائة وسبع وعشرون مناضلاً عمالياً وفلاحياً عتيداً؟
لست هنا في معرض التشهير بأشخاصهم, لكنني أطعن بانتمائهم لفئة العمال والفلاحين وتعديهم وسواهم على هذه القائمة التي حملت بأكثر مما تحتمل, تماماً كما يحمل عمال وفلاحي سوريا أكثر مما يحتملون من أعباء البناء رغم وجود مئات العاملين بالهدم.
وبطبيعة الحال فإن ممثلي باقي فئات الشعب ليسوا بأفضل حال من زملائهم, فهم أيضاً
أمعنوا صمتاً ورياءً وتسابقوا مع زملائهم في قائمة ( أ )في السعي لكسب رضى الحكومات السابقة وشركائها, وتباروا بالفرار من أي واجب لإحقاق حق, ومن أي حق في استجواب أو توجيه اللوم وحتى العتب لأي مسؤول, ليصبح الوزير السوري علامة فارقة ومسجلة, مثله مثل الديك الرومي, إنه المسؤول الوحيد في العالم الذي لا تتم مساءلته إلى الدرجة التي تمكن الحكومات السورية أن تتبجح أنها الوحيدة في العالم التي لم تمنح الفرصة لأي عضو مجلس شعب من كافة القوائم والأحزاب أن تسول له نفسه الأمارة بالسوء أن يقدم طلب استجواب لأي مسؤول!.
نعم إنه مجلس الشعب السوري الذي يضم تحت قبته الشاهدة على المأساة مائتان وخمسون صامتاً ومتثائباً ومتوسلاً!.
لن ندخل الآن في تحليل وتفنيد ما حصل, ربما اعتقد " الزملاء" أن الحكومة هي محط ثقة القيادة, وطالما هي كذلك فإن الطعن بأي من جهابذتها قد يعتبر طعناً بالقيادة!, متغافلين أنهم عيون القيادة وأدوات الشعب لمحاسبة كل عابث ومستهتر وساكت عن الحق, ولكنهم جميعاً وقطعاً بدون أي استثناء لم يحترموا الأمانة, ولم يشأ أي منهم أو يجرؤ على رفع صوته أو يحتج بعناد المؤتمن على أي موبقة من الموبقات العديدة والصارخة التي ارتكبت بحق المواطن والتنمية وبحق الكرامة الوطنية.
كل منهم الآن يبرر تقصيره بالادعاء أن المشاكل كبيرة ومراكز النفوذ هائلة وأنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان, ولكن من الذي منع أي منهم من رفع صوته والاحتجاج على الإدارة غير الشفافة لجلسات المجلس ولسوء عمل الحكومة, ومن منع أي منهم من تقديم استقالته من العمل النيابي أمام ناخبيه وأمام زملائه احتجاجاً على منعه من ممارسة دوره المقدس وواجبه وأمانة ناخبيه؟!
سوريا اليوم على أبواب استحقاق جديد في ظروف مفصلية لا تشفع لأحد بالاستهتار, وعلينا الاعتراف بأن أعضاء المجلس الحاليين ضمن خانتين لا ثالث لهما, فهم إما لا يستطيعون التصدي للأخطاء والتجاوزات, وإما أنهم لا يريدون ذلك, وفي كلتا الحالتين لا حاجة للشعب السوري لأي منهم تحت قبة البرلمان في الدورة التشريعية القادمة,
المشكلة الحقيقية أن ينجح أي منهم في الانتخابات, لأن ذلك يدل على أزمة عميقة إما في الأحزاب التي ترشح شخصيات غير مناسبة, وإما في الناخبين المصرين على أن يلدغوا من الجحر أكثر من مرة, وربما تكون الأزمة في قانون الانتخاب, وربما في الانتخاب عينه.
على كل حال ينبغي وفور نجاح أي منهم وقبل أن يقسم مجدداً وقبل أن يستلم وسادته في البرلمان تشكيل لجنة وطنية من المتخصصين والتكنوقراط, ولا بأس بالاستعانة بخبراء علم نفس اجتماعي دوليين للبحث في أسباب تلك الكارثة الوطنية لا قدر الله.
إنه من غير اللائق بالشعب السوري وغير الدال على نضوجه أن ينجح أي نائب حالي في المجلس الجديد حتى ولو كان البديل أكثر استهتاراً.
إن ألف باء نجاح السلطة التشريعية تبدأ بالإطاحة ب(أ,ب) مجلس الشعب الحالي دون أدنى استثناء.