ماذا يشرب سكان الأحياء المتاخمة للعاصمة؟!

 

 

شام نيوز - وجيه موسى

 

 

أحياء ومناطق وبلدات متاخمة للعاصمة دمشق إذا ما فكرت مرة زيارتها لقضاء يوم في ربوعها ترى العجب العجاب وتسمع قصصاً ولا بالخيال ففي الصباح الباكر يبدأ مشوار الازدحام الفوضوي الذي لا يمكنك تحديد مصدره أهو اكتظاظ الناس، أم أسراب باعة كل شيء من الغاز إلى الماء والمتقاطرون بآلياتهم المختلفة والمتنوعة.

بائع المياه استعار"طويطة" بائع المازوت بعد رفع الدعم عنه، متبعا كل "طويطة" بنداء فيجة .. فيجة وأخر بقين .. بقين وثالث من جبل الشيخ ".

 لقد اعتادت تلك الأحياء على هؤلاء الباعة ومياههم، وأصبح التزود من خزاناتهم المحملة على عربات "التركتورات أو الشاحنات الصغيرة كالهوندا والسوزوكي و الأكثر على "طرطيرات" عادة يومية لساكنيها، والذين أعلنوا بذلك مقاطعتهم لصنابير المياه التي تصل بيوتهم، وعدم الثقة بمحتوى مياهها، والتي على الرغم من كونها - كما قيل لهم - مياه آبار صالحة للشرب، إلا أن استخدامها بقي مقتصراً على الغسيل والجلي والاستحمام والاستخدامات الأخرى البعيدة عن الشرب.

 

مياه غير صالحة للبشر


ويوضح الأهالي في  تلك المناطق والأحياء بأن هناك من يبيع مياهاً مصدرها نبع الفيجة، كما أن هناك آخرين يبيعون مياهاً مصدرها نبع بقين، وآخرين يقولون أن مصدرها جبل الشيخ وفي كل الأحوال يبقى مصدر المياه معتمداً بالدرجة الأولى على ذمة أصحابها، لعدم إمكانية التحقق من صدق المصدر.

ويتحدث (محمد الجبر) أحد سكان منطقة السيدة زينب مفرق حجيرة بأن هناك من نشتري منه المياه باستمرار بسعر ليرة  لكل ليتر، وفي حال غيابه لسبب من الأسباب، فإننا نلجأ إلى المياه المعبأة كمصدر بديل آخر، لأن المياه الرئيسية في المنازل غير صالحة للشرب لارتفاع نسبة النترات المسموح بها حسب المواصفات القياسية السورية وارتفاع نسبة الكلس أيضا وذلك استنادا للتحليل الذي أجرته المؤسسة العامة لمياه الشرب و الصرف الصحي في مخابر وزارة الإسكان والتعمير على جميع الآبار التي تزود مناطق " السيدة زينب مفرق حجيرة وسبينة وجديدة عرطوز وشبعا و البحدلية ".

وبناء عليه فإن المياه المنزلية غير صالحة حتى للاستخدام المنزلي، ولكن إيقاف استثمار هذه الآبار سيؤدي لخلق أزمة مائية لا يوجد مصادر بديلة لها ، وهذا ما ورد حرفيا في الكتاب الموجه إلى محافظة القنيطرة من المؤسسة على ضوء تلك التحليل . ولدينا صورة عن تلك التحاليل ونسخة من ذاك الكتاب الموجه إلى المحافظة، وهناك كتاب موجه من فرع القنيطرة إلى الشعبة الثانية المعنية بتلك المناطق يحذر فيه الأهالي من استخدام تلك المياه.

ويضيف الجبر لذلك نعتمد على شراء مياه الشرب من الباعة الجوالين رغم عدم معرفة المصدر الذي أتت منه، ويبقى لون كأس الشاي هو الذي يحدد جودة هذه المياه، فإن كانت صافية، فالمياه جيدة والى الآن ننتظر الحل لهذه المشكلة التي تهدد صحة أطفالنا وعائلاتنا.

 

 

 ويقول( حسين طعمة) من شبعا في الغوطة الغربية إن شبكة المياه في شبعا من أقدم شبكات في المنطقة حسب ما ذكره رئيس وحدة المياه في المليحة وان اهتراء الشبكة أدى إلى تلوثها بمياه الصرف الصحي فهي غير صالحة للشرب فيقتصر استخدامها على الغسيل والشطف والاستحمام، رغم وجود محطات تحليه منزلية للتخلص من التلوث  لكنها لم تفلح هذه المحطات بمعالجتها، وهذا ما أكدته تحاليل  مخابر وزارة الصحة التي أجريت بتاريخ 16/9/2010 وأثبتت بأنها غير مقبولة جرثوميا حسب المواصفات القياسية السورية ، وهذه هي الحال منذ أكثر من عدة سنوات ولدينا نتائج التحاليل التي أجريت في مخابر وزارة الصحة .

ويضيف طعمة حتى الحلول البديلة ليست أمنة، وهي اللجوء إلى الباعة الجوالين من أجل الحصول على ماء صالح للشرب فهي مجهولة المصدر، وليس بإمكاننا التأكد من مصادرها حتى المصادر المعروفة وهي تلك المناهل التي يستجر منها هؤلاء الباعة تبقى مجهولة المصدر الحقيقي، وهي أيضا غير صالحة للشرب بحسب أخر تحليل لمياه هؤلاء الباعة الذين يملؤون الدنيا بضجيجهم وزماميرهم وعرباتهم منذ الصباح الباكر وحتى المساء مما أثار الاستياء منهم ومن مياههم  وإزعاجاتهم الدائمة.

ويطالب طعمة الجهات المعنية بالعمل على إيجاد حل لهذه المشكلة على ضوء ما حصل في المليحة من تأمين مناهل تزود بمياه الفيجة وتوزع عبر باعة يتم الترخيص لهم من قبل المؤسسة العامة للمياه أصولا وخاصة بعد أن تم الدمج بين المدينة والريف. وهذا ما أكده لنا احد المسؤولين في المؤسسة العامة للمياه .

 

عقوبات مجمدة

 

ربما يكون المصدر الحقيقي لهذه المياه التي تغزو آلياتها تلك الأحياء والمناطق جوهر التحقيق الذي نسعى للحصول على أجوبته، وإذا ما استبعدنا الفكرة التي يصر معظم من سألناهم من الموزعين على صحتها بكونها فعلاً مياه معدنية نقية تعبأ من ينابيع بقين وعين الفيجة.. وذلك لنفي أكثر من مصدر معني في هذا الموضوع الأمر، وتأكيدهم أنه يمنع تعبئة خزانات كبيرة لجهات خاصة من هذه المصادر، ومن ناحية أخرى فلو صدق الكلام لتضاعف سعر هذه الخدمة عن الأسعار التي تحدث عنها الناس، لكون هذه السيارات التي توزع المياه تعمل على المازوت السلعة التي لم يعد خافياً على أحد غلاء ثمنها.

 

وكثرة تلك الآليات وانتشارها، يجعلك تعتقد أنه لا مشكلة في توزيعها أو المتاجرة بها، لكن الإجابة  من المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في محافظة دمشق بعد سؤالها إن كان يتم الترخيص لهذه السيارات بطريقة نظامية، وإن كانت تمتلك إحصائيات لانتشارها أو أماكن توزعها في الأرياف وعن عددها التقريبي كانت مفاجئة نوعاً ما، إذ ذكرت المؤسسة أنه وبحسب المرسوم التشريعي رقم (42) القاضي بتحديد عقوبة التهريب للمواد المدعومة من قبل الدولة أو حيازتها بكميات تزيد عن الحدود الطبيعية دون مسوغ قانوني بالاعتقال من 6 سنوات إلى 12 سنة وبمصادرة وسائط النقل التي استخدمت في التهريب أو الشروع فيه.

وبما أن مادة المياه ووفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3/ م.و بتاريخ 5-1- 2009 الذي حدد في مادته الأولى المواد المدعوم سعرها، ومن بينها مياه الشرب، فالمعاملة بالمثل أيضاً، وحيث إن المؤسسة العامة تقوم بتوزيع مياه الشرب على جميع القاطنين ضمن منطقة عملها استناداً لاشتراكات أصولية من خلال منشآت معدة لهذه الغاية في المناطق (مصادر مائية)، فإنه من غير المسموح قانونياً لأية جهة من جهات القطاع الخاص أو العام أن تقوم بتوزيع مياه الشرب بأية طريقة كانت طالما لا تملك الترخيص بذلك من مؤسسات المياه ووفق شروطها.

ووفقاً لإجابات المؤسسة، فإن مياه الباعة الجوالين مجهولة المصدر، ولا تمت بأية صلة لمياه عين الفيجة، وأثبتت أغلب التحاليل التي أجرتها مديريات الصحة أنها ملوثة وغير صالحة للشرب.

 

اختبار الشاي

 

بين إصرار موزعي سيارات هذه الخدمة والكثير من زبائنهم على جودة هذه المياه ونجاحها في اختبارات "الشاي" التي تجرى لها من قبلهم، وتأكيد المؤسسة العامة للمياه بأن مياه الباعة الجوالين مجهولة المصدر وملوثة بإثبات التحاليل، يحق لنا أن نسأل: لماذا تنتشر هذه السيارات على هذه الصورة الواسعة، ولماذا يزداد جمهورها اتساعاً يوماً بعد يوم، معلناً بشكل واضح فقدان الثقة بالمياه الحكومية؟.

والسؤال المطروح هل أشرب من مياه نظامية موزعة معروفة المصدر وتراقب لكنني غير مقتنع بها لما أشاهده وألاحظه وخاصة في كأس الشاي أم أشتري من باعة جوالين وأشرب كأساً صافية أيهما أفضل؟