ماركيز يكسب معركة قضائية استمرت 17 عاماً حول «موت معلن»

ربما كان قليلون في العالم اليوم يتذكرون «جريمة قتل» معينة ارتكبت في 1951 لولا قلم أشهر كتاب أميركا اللاتينية غابرييل غارثيا ماركيز. فقد صارت تلك الجريمة الإلهام الذي استقى منه روايته القصيرة «قصة موت معلن» التي نشرها في 1981 وصارت إحدى الكلاسيكيات الأدبية وساهمت في ترسيخ مكانة ماركيز كأحد أبرز الروائيين المعاصرين في العالم قاطبة.
جريمة 1951 تتعلق بشاب يدعى كييتانو حينتيل شيمينتو استيقظ من نومه وقد نسي تهديده بالجريمة التي سترتكب في حقه في ذلك اليوم وتودي بحياته. وفي غضون ساعات كان طالب الطب الكولومبي هذا قد فارق الحياة إذ طعن مرارا جزاء اتهامه بأنه فض بكارة عروس لرجل آخر.
على أن خليط الحقائق والخيال الذي نسج منه ماركيز روايته قاد أيضا الى اتهامه من قبل رجل يدعى ميغويل ريس بالينسيا بأنه استعار، من دون إذنه، قصة حياته وأسبغها على شخصية الرواية الرئيسية، بياردو سان رومان. ووصل الأمر بهذا الرجل الى حد رفعه دعوى قضائية على الكاتب الكولومبي مطالبا بثروة هائلة تعويضا له.
وفي رواية «قصة موت معلن» يتزوج سان رومان (الشخصية المتنازع حولها بين ماركيز ومتهمه) فتاة جميلة. لكن يعيدها الى أهلها في ليلة زفافهما بعدما اكتشف انها ليست عذراء كما كان يظن. ويجن جنون أهلها ويجبرون الفتاة على الإفصاح عن الشخص الذي فض عذريتها فتشير الى شاب يسمى سانتياغو نصار. ويعلن أخواها على الملأ نيتهما في قتل هذا الأخير وهو ما يحدث في اليوم الذي يحددانه لهذا.
ووصلت القضية ذروتها الأسبوع الجاري في ختام المعركة القضائية التي استمرت 17 عاما، عندما أفلح الكاتب، الذي نال «نوبل للآداب» العام 1982، في تفنيد مزاعم الرجل بحيث أصدرت محكمة مدينة بارانكيلا الكولومبية العليا حكمها بأن بالينسيا ليس أهلا للتعويض الذي يطالب به.
وكان بالينسيا قد رفع دعواه في 1994 قائلا إن ماركيز استقى سيرة حياته لبناء شخصية الرواية الرئيسية، من دون عقد مسبق بينهما أو نصيب من أموال الرواية الهائلة التي عادت عليه. وطالب في الدعوى بما لا يقل عن 50% من هذه العائدات وأن يعتمد اسمه كاتبا مشاركا بشكل رسمي.
يذكر أن ماركيز لا ينكر أنه وجد الإلهام لشخصية نصار الخيالية في شخصية شيمينتو الحقيقية، وشخصية العريس الذي يرفض عروسته على شخصية بالينسيا لأن هذا هو ما حدث لهذا الأخير. لكنه يصر على أن الرواية ككل، من أسماء وأماكن ونسيج درامي، من نسج خياله.
ويوم الثلاثاء أصدرت المحكمة قرارها بأنها توافق على أن «مئات الأعمال الروائية والمسرحية والسينمائية تستقي مواضيعها من أحداث حقيقية وتضعها في منظورات خاصة لا تعني أن للأشخاص المعنيين بها الحق التلقائي في الربح التجاري وراء العمل الفني».
ورفضت المحكمة ايضا مطلب بالينسيا بأن يعتبر كاتبا مشاركا للرواية باعتبار أنه «ما كان ليسرد أحداث هذه الرواية على النحو الذي سطره مؤلفها غابرييل غاثيا ماركيز، أو ليكتبها باللغة الأدبية التي صاغها هذا الأخير بها. ولهذا فإن المحكمة تعتبر «قصة موت معلن» عملا أصيلا وليست سرقة أدبية على أي نحو كان».
ونقلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن ألفونسو غوميز مينديز، محامي ماركيز في القضية، قوله إن قرار المحكمة «جدير بالاحتفاء به». وأضاف ان السبب في هذا هو أنه «يرسخ حقيقة أن الفنون والآداب معنية بتقديم مواد مستقاة من الواقع لكنها ليست هذا الواقع بنفسه. وهذا مثل امرأة تقف أمام فنان يرسم جسدها وتطالبه فيما بعد بحقها في ثمن اللوحة. صحيح أن جسدها هو موضوع اللوحة، لكن اللوحة نفسها شيء مستقل عنها وملكيتها تعود للفنان صاحب الريشة والألوان التي أنجزتها».
شام نيوز - ايلاف