مبارك يقسم المعارضة

فشلت جماعات المعارضة التي تطالب بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك في التوصل لموقف مشترك قبل مفاوضات مع عمر سليمان نائب الرئيس لإخراج مصر من أسوأ أزمة في 30 عاما.
وقال الاخوان المسلمون أمس السبت إنهم سيدخلون في حوار مع عمر سليمان نائب الرئيس المصري بعد أن رفضوا عرضا بالحوار من قبل.
وقال التلفزيون الحكومي ان سليمان بدأ السبت اجتماعات مع شخصيات مستقلة ومن المعارضة لبحث الخيارات التي تركز على كيفية ضمان اجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ظل التقيد بالدستور.
ولم يذكر التلفزيون اسماء الجماعات التي اجتمع معها سليمان.
ويتضمن الاقتراح الذي تدعو إليه مجموعة تطلق على نفسها اسم "لجنة الحكماء" تسلم سليمان صلاحيات رئيس الجمهورية لفترة مؤقتة انتظارا لإجراء انتخابات.
ولكن بعض الشخصيات المعارضة ترى أن ذلك سيعني أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستجري وفق الشروط الجائرة ذاتها التي جرت بها الانتخابات في السابقة. وهم يريدون اولا تشكيل برلمان جديد لتغيير الدستور لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية ديمقراطية.
وتواجه مصر خطر فراغ السلطة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على حكومة مؤقتة.
ويستند اقتراح "لجنة الحكماء" على المادة 139 من الدستور التي تسمح لمبارك بنقل صلاحياته لنائبه بينما يحتفظ بمنصبه كرئيس للدولة.
وأثناء المفاوضات أعلن التلفزيون المصري أن هيئة مكتب الحزب الوطني الحاكم بما في ذلك جمال مبارك نجل الرئيس قدموا استقالاتهم.
وسارعت المعارضة إلى رفض الاستقالات في الحزب الوطني باعتبارها خدعة.
وقال محمد حبيب القيادي في جماعة الاخوان المسلمين ان هذا الاجراء " محاولة لتحسين صورة الحزب ولكن لن تغني عن الهدف الحقيقي للثورة وهو اسقاط النظام بدءا باستقالة الرئيس مبارك".
وقال ضياء رشوان من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو لجنة الحكماء "كان آخر شيء مادة 139 التي تعطي عمر سليمان صلاحيات تنفيذية" بينما يظل مبارك رئيسا للدولة.
ويتيح تسليم السلطة لسليمان حلا وسطا محتملا بين مطلب المحتجين بأن يتنحي مبارك من منصبه على الفور وقراره المعلن بأن يبقى في منصبه حتى نهاية فترة ولايته في سبتمبر أيلول المقبل.
وقال رشوان إن جميع فصائل وقوى المعارضة بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين التي تتمتع بنفوذ قوي دعيت لإجراء محادثات يوم السبت لكنها اختلفت بشأن بعض القضايا بينما لم يكن بعضها مستعدا لبقاء مبارك حتى لو كان بقاؤه بشكل رمزي.
وأضاف أن المشاورات متصلة لإنهاء هذه الأزمة. وتابع قائلا إن حركة الشباب لا تقبل وجود مبارك بأي صورة أو شكل. وأضاف أن لجنة الحكماء تحاول إقناعهم بقبوله والتوصل إلى حل وسط.
وقال إن الثورة الاجتماعية غير المسبوقة التي استحوذت على مصر تتطلب تضحية من مبارك إذا وصلت المشاورات إلى طريق مسدود.
وقال رشوان إن الرئيس حكم مصر 30 عاما وإن مصر تستحق أن يضحي ويترك سلطته قبل ستة أشهر من انتهاء فترة ولايته. والنقطة المتبقية هي إيجاد رحيل مشرف دون أي إهانة لأن الأمور لو ظلت على حالها فإن الأمور لن تكون جيدة.
وتتألف جماعات المعارضة الرئيسية من الإخوان المسلمين والجمعية الوطنية للتغيير التي يرأسها الدكتور محمد البرادعي وحركة كفاية وتمثل حركة 6 أبريل الشباب وحزب الوفد الليبرالي وحزب التجمع اليساري.
وحتى لو اتفقت جميع أحزاب المعارضة على الاقتراح فإن المادة 82 من الدستور قد تمثل تعقيدا قانونيا. وتنص المادة على أنه بينما يمكن للرئيس أن ينقل صلاحياته لنائبه فإنه لا يسمح للنائب بأن يطلب إدخال تعديلات دستورية أو حل مجلسي الشعب والشورى.
وإذا تم التمسك بهذه المادة سيكون من المستحيل على الحكومة التي يقودها سليمان إجراء التعديلات الدستورية التي وعد بها الرئيس استجابة للاحتجاجات.
وبدون التعديلات الدستورية فإن الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في سبتمبر أيلول ستجرى في ظل القواعد نفسها التي تقول أحزاب المعارضة إنها تضع كل الأوراق في صالح الحزب الحاكم الذي يتزعمه مبارك وتستبعد فعليا أي منافسة فعالة.
وقال الإخوان المسلمون إن المباحثات لا تزال جارية بين اطراف المعارضة بحثا عن أرضية مشتركة.
وقال محمد مرسي وهو عضو كبير في جماعة الإخوان المسلمين لرويترز إنه لا يوجد إلى الآن اتفاق بين أحزاب المعارضة المختلفة على سيناريو واحد.
وأضاف إن الجماعة تقترح أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية الصلاحيات وفقا لما يقضي الدستور لأن البرلمان علق فعليا منذ اندلاع الاضطرابات في مصر.
وقال مرسي إن رئيس المحكمة الدستورية سيدعو عندئذ إلى انتخابات برلمانية ويمكن للبرلمان المنتخب أن يدخل التعديلات الضرورية على بنود الدستور لإجراء انتخابات رئاسية عادلة ونزيهة.
وأضاف ان معظم بنود الدستور تتعلق بالرئيس والرئيس يجب أن يرحل لذلك نحاول إيجاد مخرج دستوري إذا لم يعد الرئيس موجودا في منصبه.
في هذه الاثناء أشاد ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي السابق بالرئيس المصري حسني مبارك ووصفه بأنه "رجل صالح" وصديق قوي للولايات المتحدة لكنه قال إن الشعب هو الذي سيقرر مصيره كزعيم.
وقال تشيني خلال جلسة يتلقى فيها أسئلة في لقاء لتكريم الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان "إنه رجل صالح.. إنه صديق صالح وحليف للولايات المتحدة ونحتاج لتذكر ذلك".
ومضى يقول "في النهاية أيا كان من سيأتي في الفترة القادمة سيحدده الشعب المصري".
وتحث الولايات المتحدة مصر على بدء الانتقال السلس للديمقراطية على الفور بعد أيام من الاحتجاجات الحاشدة لإنهاء حكم مبارك المستمر منذ 30 عاما.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الجمعة إن عهد قمع المعارضة السياسية في مصر قد ولى وإنه يأمل أن يتخذ مبارك القرار السليم.
ولم يذكر تشيني الذي كثيرا ما ينتقد أوباما آراء بشأن طريقة تعامل أوباما مع الأزمة لكنه قال إن من المهم القيام بجهود دبلوماسية بشكل غير معلن.
ومضى يقول "من الصعب للغاية على زعيم أجنبي ما التصرف بناء على نصيحة أمريكية بطريقة ملحوظة".
وكان تشيني وزيرا للدفاع الأمريكي عام 1990 عندما غزا العراق الكويت. وقال إن مبارك كان مساهما حيويا في رد الفعل العسكري ضد العراق ومنح حقوقا للطائرات الأمريكية بالتحليق في المجال الجوي المصري وساهم بقوات في الحرب.
ورفض أن يذكر تكهنات بشأن مستقبل مبارك.
وأردف قائلا "لا أدري. لكني أعتقد أيضا أن هناك وقتا يحل على الجميع يتعين فيه الانسحاب والمضي قدما".
وقال "نصل إلى المرحلة التي تتوالى فيها السنين ويصبح التعامل مع الأعباء أكثر صعوبة. لكن كما قلت هذا قرار لا يمكن أن يتخذه سوى المصريين".
من جانبه أعرب الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز عن شكره العميق لما قام به الرئيس المصري حسني مبارك الذي "حال دون نشوب حرب في المنطقة وأنقذ بذلك حياة العديد من الاشخاص"، مشيرا الى أن الحكومة الاسرائيلية لن تنسى ابدا ما قدمه مبارك من اجل السلام في المنطقة.
وحذر بيريز في خطاب ألقاه في القدس مساء يوم السبت 5 شباط أمام 430 برلمانيا اوروبيا في مؤتمر اللوبي المؤيد لاسرائيل، حذر من احتمال تولي الاخوان المسلمين الحكم في مصر.
شام نيوز - وكالات