مجلة امريكية تنتقد بشدة حوافز اوباما لاسرائيل

 

انتقدت مجلة "فورين بوليسي" الامريكية سخاء الحوافز الاميركية لاسرائيل مقابل موافقة حكومة رئيس وزرائها على تجميد البناء الاستيطاني موقتاً تسعين يوما, مشككة بقدرة ادارة الرئيس باراك اوباما على ممارسة ضغط فعلي على اسرائيل بسبب قوة اللوبي الاسرائيلي في اميركا.

وقال الكاتب ستيفن وولت في مقاله:

"احاول تحديد رأيي في المحاولة الاخيرة لاعادة تنشيط عملية السلام الاسرائيلية -الفلسطينية. والى حد كبير اجدني متفقاً مع زميلي في "فورين بوليسي" مارك لينتش على ان من الصعب رؤية كيف يمكن ان تفضي (هذه المحاولة) الى أي مكان.

فحتى لو حصل تجميد جديد جزئي للبناء الاستيطاني لمدة تسعين يوماً، فليس هناك من يعتقد أن بالامكان التوصل الى اتفاق قابل للحياة على الوضع النهائي ضمن تلك الفترة الزمنية. وافضل ما يمكن ان نأمل به هو اتفاق من نوع ما على الحدود، غير انني متشائم حتى بالنسبة الى ذلك.

ولكن لأضع جانباً شكوكي المعتادة واسأل سؤالاً مختلفاً: ما الذي يستطيع فريق اوباما عمله لزيادة فرص السلام ولايعودو ابداً الى  مسألة تجميد الاستيطان مرةً اخرى، وضماناً بأننا سنظل ندافع عن اسرائيل في الامم المتحدة، بالاضافة ربما الى حفنة هدايا اخرى.

يضاف الى هذا اننا وافقنا على ان نترك القدس الشرقية خارج الصفقة بالرغم من ان هذا من الامور الرئيسية المقلقة للجانب الفلسطيني. وعموماً، حصل نتنياهو على مكافأة كبيرة مقابل كونه مشاكساً. وللوهلة الاولى يبدو ان لا شيء سيمنعه من وقف بعض (ولكن ليس كل) البناء، والثبات لتسعين يوماً، يعود بعدها للعمل كالمعتاد.

وهنا المعضلة: بالنظر الى قوة اللوبي الاسرائيلي، من غير الواقعي الاعتقاد بان ادارة اوباما ستكون قادرة على ممارسة أي ضغط علني على اسرائيل. اذ سيتكفل الكونغرس بأن تحصل اسرائيل على حزمة المساعدات السنوية لها، وسيجعل المدافعون العنيدون عنها مثل الجمهوري اريك كانتور من المستحيل بالنسبة الى اوباما استخدام وسيلة الضغط التي يمكن ان تكون في متناول يده. وكما اشرت آنفاً، ستضمن تلك القوى نفسها ان تواصل الولايات المتحدة ممارسة حق النقض (الفيتو) ضد أي قرارات غير مناسبة في مجلس الامن الدولي وان تصد الجهود الدولية الرامية الى اثارة اسئلة حول برنامج اسرائيل النووي.

وعليه فما الذي يمكن لاي رئيس ان يفعله؟ ان لدى اوباما وفريقه دافعا قويا لكي تؤتي مغامرته الاخيرة أُكُلَها. فقد ظل اوباما يتراجع منذ خطابه في القاهرة (وهو ما لا يمكن ان يكون امرا مقبولا)، وربما يشعر جورج ميتشل بالقلق من ان تنتهي سيرته الطويلة في الخدمة العامة بالوقوع في هوة الفشل الذريع، وأراهن على ان مستشار شؤون الشرق الاوسط دينيس روس يرغب في اثبات انه ليس في نهاية الامر "محامي اسرائيل". ومن المؤكد ان كل فرد في فريقه يدرك ان استسلاما اخر سيخرج اي امل لتحسين العلاقات الاميركية مع العالم العربي والاسلامي عن مساره. ولكن على اعتبار ان الضغط العلني ليس واردا، فما هي الاوراق التي يمكن لميتشل وروس وكلينتون واوباما الافادة منها في اللعبة؟

ان اقتراحي في هذا الشأن هو الآتي: اذا افترضنا ان المحادثات المباشرة ستستأنف برعاية الولايات المتحدة، فانه لا بد من ابلاغ حكومة اسرائيل والسلطة الفلسطينية ان الولايات المتحدة ستراقب وتسجل بعناية مَن فعل ومن قال اي شيء، ولن تتردد الولايات المتحدة في الاعلان عن قيام اي طرف بتقديم مطالب سخيفة وباستخدام اساليب التعطيل او برفض تقديم تنازلات معقولة.

وعلى خلاف ما حصل في كامب ديفيد العام 2000، عندما لم يُسجل اي شيء ولم يتم تبادل اي خرائط (بسبب الاصرار الاسرائيلي) فاننا هذه المرة سنعمل على منع اي طرف من القيام بالكثير من التلاعب اللفظي بعد الحدث. وبكلمة اخرى، فإن على الولايات المتحدة ان تبلغ كل طرف اننا سنقوم بالعمل كوسيط شريف بخلاف ما كان الامر عليه، واذا رفض اي طرف القيام بدوره، فاننا سنكشف عن نشوزه امام اعين المجتمع الدولي. وما هو اكثر اهمية انه لا يمكن لهذا البيان ان يكون خدعة: فاذا انهارت المحادثات، فان الادارة (الاميركية) لا بد لها ان تكون مستعدة للتوجه نحو البيانات العلنية.

ولا بد لنا ان نتذكر: ان الهدف من هذا هو قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وليس مجموعة من القطاعات غير المسلحة وغير المتصل بعضها ببعض. وقد اوضح الرؤساء كلينتون وبوش واوباما كلهم بوضوح ان البديل الوحيد الذي يمكن للولايات المتحدة ان تسانده هو دولة للفلسطينيين قابلة للحياة. وهذا هو ما دعا اليه قرار التقسيم الدولي الاصلي الذي صدر العام 1947، اما البدائل الاخرى كلها (ديمقراطية ثنائية الجنسية، تطهير عرقي او حكم عنصري دائم) فهي اما ليست عملية او متناقضة مباشرة مع القيم الاميركية.

وقد تنجح هذه المقاربة فعلاً لان النقاش العلني بشأن هذا الموضوع بدأ في الانطلاق واصبح يصعب كثيرا الدوران لتثبيت وجهة نظر أحادية الجانب. ثم ان الكثير من الاسرائيليين بدأوا يشعرون بالقلق مما يرون انه تصاعد في الحملة الدولية لـ"نزع الشرعية" عن بلادهم. وافضل طريقة لمواجهة هذه الحملة تكمن في انهاء الاحتلال وترسيم حدود معترف بها دوليا. وعلى خلاف هذا الامر، اذا نظر الناس الى اسرائيل بصفتها العقبة الرئيسة في وجه السلام، فلا بد ان تتصاعد حدة الانتقاد الدولي لها. وبالنظر الى دواعي القلق هذه، فان تهديداً بالكشف علنا عن مسيرة التفاوض قد يؤدي الغرض المطلوب منه بالفعل.

 

شام نيوز - FOREIGN POLICY