"مجمعات الدولة" بعد أن تحولت إلى "مولات حديثة"...

الروتين والبيروقراطية والمحسوبيات وتواضع الجودة و"الدقة القديمة"، مشكلات لطالما اتهم بها القطاع العام بكل جهاته، يقابلها الأسعار المرتفعة وقلة الحيلة في الحصول على الأوراق الرسمية المطلوبة، ومواجهة أي صعوبات أو تعقيدات محتملة يواجهها القطاع الخاص بكل فئاته.. مشكلات يعاني منها الطرفين وهناك إيجابيات تتمثل بالنفوذ والسلطة التي يتمتع بها القطاع العام، والجودة ومواكبة كل جديد يقدمها القطاع الخاص، ومع إيجابيات وسلبيات كل من هذا وذاك كان تكاتف العام والخاص والتعاون بينهما لتنفيذ شراكة مميزة تحقق ما لا يقدر كل منهما على تحقيقه منفصلا.
التجربة تحولت إلى واقع عملي على أرض الواقع تمثل في عدة نماذج منها "مجمع العباسيين" قديماً الذي تحول اليوم إلى مول حضاري هو"تايم سنتر" حديثاً كما يصفه صاحبه فهد درويش..
وعن دافعه لهذه التجربة أوضح درويش لشام نيوز أن فكرة التشاركية بين القطاعين كان الهدف منها بالدرجة الأولى تحقيق أكبر فائدة ممكنة "فردا وجماعة" ، وعلى الرغم من أن تجربته هذه لاقت حتى الآن النجاح المتوقع إلا أنه في خوفٍ وقلق دائم لعدم وجود ضمان حماية للمستثمر.
ويضيف درويش: "تجربتي مع القطاع العام ناجحة جداً، وهذا ما كنت أتوقعه وذلك لغنى هذا القطاع بالأبنية والمؤسسات والمعامل المنسية التي تنتظر من ينقذها بأمواله ويعيدها للحياة ثانية، ومن هذا المنطلق قررت استثمار "مجمع العباسيين" الذي يقع في منطقة راقية مليئة بالزوار والزبائن، واستعطت تحويله بالدعم الكبير الذي تلقيته من مؤسسة مهجورة يعمل فيها القليل من الموظفين ولايزوره إلا "المضطرين" إلى مول كبير يعمل فيه مئات الموظفين ويزوره مئات الزبائن يومياً".
تجربة التعاون بين القطاع العام والخاص حققت نتائج إيجابية في مختلف المجالات من أرباح كبيرة حقتها المؤسسة الاستهلاكية بعد أن كانت مؤسسة خاسرة لا يغطي دخلها نفقات موظفيها....إلى أسعار منافسة للسوق... إضافة إلى توفير فرص عمل لمئات الموظفين والذي عده البعض إنجاز في هذا الوقت الذي أصبح فيه ملايين المواطنين يعانون من مشكلة البطالة، هذا ما أكده محسن عبد الكريم مدير عام المؤسسة الاستهلاكية وعن دور كل من الطرفين في هذا العمل بين أن المؤسسة مسؤولة عن إدخال السلع وإخراجها ومراقبة الأسعار، وعمالها مسؤولين عن الإشراف الدائم على المجمع، أما القطاع الخاص فيقوم بالاستيراد وتسوق السلع من مصادر مختلفة ويتولى كل الأمور المتعلقة بالتمويل.
المجمع كان إنجازا حقيقيا لانقاذ "مجمع الخرابة"، كما كان يحلو للبعض تسميته، وإظهاره بمظهر لائق فتحول القبو من فرنٍ مهجور إلى صالات ألعاب ألكترونية حديثة للأطفال، وتحولت الطوابق الأخرى من محلات مهترأة إلى محلات ألبسة تحمل واجهاتها أسماء لأشهر الماركات العالمية، إضافة إلى مطاعم تتسع لآلاف الأشخاص وإلى مرآب خاص للسيارات.
ومن جهته أوضح عماد أبو فخر المدير العام للمجمع أن السلع في مثل هذه المجمعات تباع بأسعار أرخص من أسعار السوق ومنافسة لها من حيث السعر والجودة وذلك لغياب دور الوسيط بين المنتج والمستهلك، وهي بخدمة المواطن على مدار الـ 24 ساعة.
لم تكن تجربة درويش الوحيدة من نوعها حيث كان للسيدة منار بشور تجربة مماثلة، و ذلك بعد أن استطاعت بشور أن تعيد الحياة "لصالة الحرية" في مساكن برزة وتحولها إلى مول فيه عدد من الماركات العالمية في مجال الألبسة الرياضية والسبورات، من قبيل أديداس، ريبوك، الياشي، والعديد من الماركات العربية والعالمية الأخرى.
تجربتين لمجمعين تجاريين، ليستا وحيدتين في سوريا، في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص... يرى فيها المراقبون للوضع الاقتصادي الداخلي بادرةَ خيرٍ.. لشراكةٍ ينتظر أن تعمم على مستوىً أكبر.. وبنفس المردود خاصة مع اقتراب تطبيقها في قطاع الكهرباء والقطاعات الأخرى...
رهام محمد- شام نيوز