مجموعات مسلحة تطلق النار من وادي خالد (شمال لبنان) باتجاه الجيش السوري

ماذا يجري في وادي خالد على الحدود اللبنانية الشمالية مع سوريا؟ وهل يراد لهذه المنطقة التي تعيش كفاف يومها والمتاخمة لمثيلاتها من القرى السورية، أن تكون كبش الفداء لصراع سياسي بدأ يخرج عن إطاره الطبيعي ليضع المنطقة برمتها على فوهة بركان أمني لا يدري أحد متى يرمي بحممه على كامل محافظة عكار؟ وهل من يريد أن يستخدم المناطق المتقدمة في وادي خالد لاستهداف الجيش السوري وجره الى ما بعد حدوده، وإرباكه سياسيا بانتهاك السيادة اللبنانية، والنيل بالتالي من هيبة ودور الجيش اللبناني؟

 


الثابت في وادي خالد أن الأهالي يعيشون حالة لا يحسدون عليها من الخوف على المصير وعلى مستقبل منطقتهم، وعلى الرزق اليومي الذي انقطع بفعل التطورات الأمنية في الداخل السوري والدعم العلني للمعارضة من قبل بعض الأطراف السياسية اللبنانية، ما أدى الى إغلاق العديد من المعابر غير الشرعية التي كانت تشكل الرئة الأساسية التي يتنفس منها الأهالي الذين لهم في الداخل السوري أكثر بكثير مما لهم في المناطق اللبنانية الأخرى.
ويمكن القول أن أبناء وادي خالد لا سيما أولئك الذين يقطنون في البلدات المتقدمة على الحدود لجهة الجسر الغربي المطل على العريضة السورية، ومعبر الريداني المطل على بلدة المشيرفة ذات الأغلبية اللبنانية، بدأوا يشعرون بحراجة الموقف الأمني في الاسبوعين الأخيرين بعدما عاد التوتر ليرخي بثقله على مناطقهم بفعل دخول وخروج مجموعات قال شهود عيان انها "مسلحة وتعمل على استهداف حرس الحدود من قوات الأمن السورية"، وتأكد ذلك مع عثور الجيش اللبناني على كميات من الذخائر وقذائف "الأر بي جي" عند المعبر المذكور قبل أيام قليلة، الأمر الذي يطرح سلسلة تساؤلات:
ـ هل صحيح أن ثمة مجموعات مسلحة تتواجد في وادي خالد وتتحرك يوميا مع مغيب الشمس وتتواصل وتتناغم وتنسق مع مسؤولين عكاريين من توجهات سياسية محددة وتخضع لتدريبات من قبل خبراء عسكريين فرنسيين، أو من قبل خبراء لبنانيين يحملون جنسيات فرنسية؟

  

 


ـ هل صحيح أن هذه المجموعات باشرت باختبار قدراتها على الاغارة الليلية على الهجانة السورية وقوات الأمن في الداخل السوري وتطلق الرصاص والقذائف الصاروخية وكان آخرها إطلاق قذائف «هاون» من مناطق متقدمة عند الحدود في الاسبوع الماضي؟

 
ـ هل صحيح أن ثمة مجموعات سورية تنسق مع هذه المجموعات اللبنانية وترسم لها خارطة الطريق للمواجهة واستهداف قوات الأمن ومحاصرتها بين فكي كماشة من الداخل السوري ومن الحدود اللبنانية؟
ـ ماذا عن صحة المعلومات حول وجود مجموعات دينية أصولية مسلحة سورية ولبنانية تنسق فيما بينها؟

 


ـ هل هناك ضباط وعناصر سوريون منشقون يتخذون من وادي خالد مكانا لاقامتهم؟ ولماذا أدعى مؤخرا أحد الأشخاص السوريين ويطلق على نفسه اسم "أبو حمزة" أنه نقيب "منشق" عن الجيش السوري وأنه يتواصل مع مجموعات "منشقة" في الداخل السوري، وهو كان دخل الى مستشفى اليوسف في عكار قبل يومين على أساس أنه مواطن سوري يدعى أحمد الحسين وكان مصابا بطلق ناري في عينه لكن الأطباء وجدوا أن الأمر لا يعدو لكمة على عينه أدت الى جرح بليغ فيها... ولم يكن قد عرف عن نفسه بأنه عسكري!

  


ـ هل صحيح أن الرصاص الذي أصاب قبل أيام منازل في وادي خالد لم يكن عن طريق الخطأ، وإنما كان ردا من الجيش السوري على مصادر نيران، خصوصا أن شهود عيان وجدوا كثيرا من الأطفال يلهون بكميات من مظاريف لرصاص "الكلاشينكوف" عثروا عليها في أحياء المناطق المتاخمة؟

 
ـ هل صحيح أن المجموعات المسلحة باتت تمتلك كميات من الأسلحة التي تستخدم في حرب العصابات بما في ذلك المناظير الليلية (صناعة فرنسية) ما يجعلها جاهزة للمواجهة؟

 


ـ لمن تعود كميات الأسلحة وقذائف "الأر بي جي" التي عثر عليها عند الحدود قبل أيام؟ ومن هم الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون مدججين بالسلاح على الدراجات النارية؟ ومن يموّل كل هؤلاء؟ ومن يشتري هذا السلاح؟ ومن يغطي هذه التحركات؟
في المقابل، فان يضع أبناء وادي خالد سلسلة أسئلة برسم الجيش اللبناني ومن بينها: لماذا لا يتواجد الجيش اللبناني في المناطق المتقدمة إلا عندما تدعو الحاجة؟ ولماذا لا تعلن قيادة الجيش عن المهام التي تقوم بها من مداهمات وتوقيفات للتخفيف عن كاهل المنطقة وطمأنة المواطنين؟ وهل هناك من يحاول أن يحرج الجيش في وادي خالد تمهيدا لاخراجه خصوصا بعد زيارة وفد الأمانة العامة لقوى 14 آذار الى المنطقة تحت شعار فك الحصار الأمني عن وادي خالد؟ ولماذا تدأب بعض الأطراف السياسية على تصوير الجيش بأنه يقمع الحريات في حين أن الدخول والخروج من والى وادي خالد متاح للجميع؟ وهل الضغط الذي يمارس على الجيش اللبناني تحت الشعار الفضفاض المتعلق بحقوق الانسان وسلامة وأمن النازحين، جعله يتراجع أو ينكفئ عن بعض المهام الأمنية وملاحقة بعض المتورطين بالملف السوري؟ أم أن الجيش يستعد بعد هذه التطورات لدخول واسع الى المنطقة لوضع حد لكل ما يجري؟
يبدو واضحا أن أكثرية أبناء الوادي يريدون انتشار الجيش اللبناني والنأي بأنفسهم عن كل ما يجري في سوريا، وهم يتطلعون الى انتهاء الأزمة في الداخل ليستعيدوا حياتهم الطبيعية مع أقرانهم السوريين الذين تربطهم بهم علاقات عائلية وتجارية مختلفة.

 


وتشير المعلومات إلى أن عددا من وجهاء العشائر بدأوا يطالبون بعقد اجتماع موسع لمختلف عشائر الوادي للخروج بتوصية واحدة مفادها تحييد منطقتهم عن أي صراع أمني على خلفية ما يجري في سوريا ومطالبة الجيش اللبناني بأن يأخذ دوره كاملا.
وفي هذا الإطار، لا تخفي فاعليات من وادي خالد قلقها حيال تطور الأوضاع الأمنية على الحدود اللبنانية ـ السورية خصوصا أنهم لا ينكرون وجود مجموعات مسلحة تعمل على إطلاق النار باتجاه الجيش السوري كما حصل في اليومين الماضيين.

 


ويؤكد هؤلاء أن "ليس لدينا القدرة على طرد هذه المجموعات المسلحة من المنطقة لكننا عقدنا اجتماعا منذ فترة وقمنا بالتعاون مع الأهالي القاطنين على محاذاة أحد المعابر الترابية التي كان يستعد المسلحون الى إطلاق النار منها الى داخل الأراضي السورية، لمنعهم من الاقتراب من المعبر، كما يقوم أصحاب المنازل بحراسة المنطقة ليلا".

شام نيوز. السفير