محافظ درعا يشرح للتلاميذ حقيقة الأحداث التي شهدتها مدينتهم...

يتابعون مع معلميهم ما فاتهم من معارف، عازمين على النجاح، يدعون زملاءهم المتغيبين إلى العودة بسرعة إلى الصفوف، فالشوق إلى مشاركتهم الحصة الدراسية والمرح في باحة المدرسة طال.
هكذا كان المشهد في منطقة «المحطة» بمدينة درعا أمس التي شهدت زيارة وزير التربية صالح الراشد برفقة محافظ درعا محمد خالد الهنوس وأعضاء مديرية تربية درعا إلى عدد من مدارس المدينة للاطلاع على حسن سير العملية التعليمية فيها، قال خلالها الوزير: إن حضورنا في درعا اليوم بين أبنائنا الطلاب والأسرة التعليمية إنما هو رسالة لكل من أراد النيل من سورية، ونقول لهم هذه هي سورية بطلابها وشبابها ومدرسيها وكل أهلها، وها هي مدارسنا فيها جميع أبنائنا الطلبة يمارسون تعليمهم بكل خير وأمان والحمد للـه.
وأشار الراشد إلى أن «كوادر العملية التعليمية بذلت خلال الفترة الماضية جهداً لاستقرار العملية التعليمية وضمان حسن سيرها بالشكل المريح «ونحن نتجه إلى مرحلة الامتحانات الانتقالية والعامة بعد اتخاذ جميع الإجراءات لضمان حسن سير هذه العملية». وأضاف: أنقل رسالة إلى الزملاء المدرسين لبذل ما بوسعهم لترميم حالة الضعف التي اعترت بعض المدارس وأؤكد أن جميع من في وزارة التربية وعد ببذل أقصى ما يستطيع لهذا الهدف.
وما كان للتلميذة غيداء حامد من الصف العاشر إلا أن عبرت لـ«الوطن» كما غيرها من التلاميذ عما يجول في خاطرها، وقالت: يقال لنا الكثير وما يحكى ونسمعه من البعض أحياناً جعلنا لا نعرف من هم المخربون الحقيقيون الذي أساؤوا للبلد وذهب نتيجة ذلك شهداء، ويقال لنا أيضاً: «إن من يخرج على شاشة التلفزيون السوري معترفاً بجرائمه متعامل مع النظام ويتقاضى أموالاً مقابل اعترافاته غير الصحيحة وبعد إعطائهم الأمان بأنهم لن يحاسبوا بعدها رغم اعترافاتهم هذه».
هذا السؤال وجهته «الوطن» إلى كل من الراشد والهنوس لإجابة التلاميذ عنه، فأكد الوزير قائلاً: إن الأوامر الصارمة التي صدرت عن القيادة السورية بعدم التعرض للمتظاهرين بإطلاق النار تم الالتزام بحذافيرها ونحن لا نريدكم في الوقت الحالي التفكير إلا في امتحاناتكم المقبلة وبمستقبلكم.
أما المحافظ الهنوس فرد على سؤال التلاميذ قائلاً: يجب أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: «من أطلق النار على القوات المسلحة والشرطة وعناصر الأمن وعلى يد من يسقط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى؟»، واستدرك قائلاً: يا أبنائي كانت هناك عملية مشتركة من قبل البعض القلة وليس الجميع، فمواطنو درعا شعب رائع وعروبي ووطني وكريم وشهم، والقلائل جداً كانوا يطلقون النار لخلق الفتنة الطائفية يا أبنائي وهذا هو الواقع، أما الشعب في درعا فلا يفعل ذلك لأن أهل درعا هم أهلنا وطوال العمر كانوا في المقدمة في حب الوطن وحب الحزب والقائد ولكن البعض دخلوا على الخط وأطلقوا النار على الجهتين فقتلوا من المتظاهرين ومن رجال الأمن على حد سواء، ونقول هذا الكلام بصدق ولسنا خائفين من أحد ولكن ما يهمنا هو أن تعودوا إلى المدارس لتتعلموا وتدخلوا الجامعات ولو أن هناك خطراً على حياتكم كما يشاع لما سمحنا لكم بالعودة إلى المدرسة لأننا نخاف عليكم أكثر من أنفسنا.
كما بحث الوزير مع المدرسين والتلاميذ آلية التعاون للتعويض عما فات من خلال حصص إضافية للانتهاء من المنهاج الدراسي والاستعداد للامتحانات النهائية.
وشدد الوزير أمام التلاميذ على ضرورة أن يقوم كل تلميذ عاد إلى المدرسة بتشجيع زملائه المتغيبين وإقناعهم بالعودة إلى صفوف الدراسة، واطمأن في الوقت نفسه على أوضاعهم الدراسية التي مرت مؤخراً بظروف قاسية، وأجاب بعد الاستماع إليهم على جميع التساؤلات الصريحة التي طرحوها بكل براءة سواء المتعلقة بالمناهج أو بالأحداث التي مرت بها البلاد مؤخراً.
كما وجه الوزير تعليماته إلى الكوادر التدريسية في تلك المدارس بضرورة الإسراع في المنهاج وتعويض النقص عبر حصص دراسية إضافية يمكن للمدرسين تقديمها بناءً على رغبة التلاميذ.
وشدد الوزير على ضرورة أن يتسلح التلاميذ بمساعدة مدرسيهم بالشجاعة والوعي للتخلص من الآثار السلبية للأحداث الأخيرة، ووجه الأساتذة والمعلمات بضرورة التعاون مع التلاميذ وتقديم الإجابات عن كل ما يشغل بالهم خصوصاً فيما يتعلق بالامتحانات المقبلة والتجربة التي مروا بها.
كما استمع وزير التربية خلال جولته من الموجهين التربويين والاختصاصيين ورؤساء الشعب بمديرية التربية إلى الإجراءات المتخذة استعداداً للامتحانات الانتقالية والعامة ولاسيما بعد صدور مرسوم إضافة دورة امتحانية ثانية لطلاب الثانوية العامة وجاهزية المراكز الامتحانية وتوافر الأجواء المريحة للطلاب.
التلميذة ربا الزعبي من الصف الرابع قالت لـ«الوطن»: إنها مشتاقة كثيراً لرفاقها المتغيبين عن المدرسة ولم يسعها إلا أن تناديهم عبر الوطن بالقول: «اشتقت لكم كثيراً عودوا إلى المدرسة».
محمد القادري في الصف الرابع لا يقدر على إحصاء الأيام التي تغيب فيها قسراً عن المدرسة بدقة ولكنه فرح بعودته لمتابعة دروسه إلى جانب زملائه، وكذلك الطالب محمد الكردي الذي اشتاق إلى أصدقائه في الصف والمدرسة.
المدرسة منتهى بكرية سعيدة بعودة تلاميذها إلى الصف منذ يومين وتقوم بحل أسئلة مشابهة لأسئلة الامتحان وتعترف بتجاوب الطلاب معها رغم الظروف القاسية التي عاشها الجميع.
وقالت: إن نسبة الغياب بسيطة في الصف ورغم الظروف والصعوبات التي مررنا بها إلا أن الوضع جيد على حاله خصوصاً مع حالة الأمان والاستقرار في المدينة التي وفرتها لنا الدولة «ونحاول قدر الإمكان العمل على توعية التلاميذ والأهالي بأن الأمور عادت طبيعية وأننا في حالة جيدة جداً رغم الأسابيع التي عشناها في الألم والخوف فلم نكن نتوقع أن يحصل هذا في بلدنا وحمى اللـه سورية وقائد سورية».
وتتحدث مدرسة أخرى لـ«الوطن» عن أن كل ما يجب أن يعرفه الطالب في الوقت الحالي هو أن الامتحانات قادمة وعليه النجاح والتفوق مشيرةً إلى أن إدراكهم ومعرفتهم بأن الجيش العربي السوري جاء ليحميهم هي من مهمة الأهالي أنفسهم وكذلك الكادر التدريسي.
وقال مدير مدرسة «ثانوية بنات درعا المحطة» في تصريح لـ«الوطن»: إن هناك 358 طالبة عدد الحضور منهن حتى الآن 176 طالبة فقط علماً أن الانقطاع عن الدوام دام ثلاثة أسابيع، ما يعني أن نسبة الحضور قد بلغت نحو 50% تقريباً.
المدرسة خلود هنداوي مدرسة المعلوماتية تصف نسبة الحضور بأنها جيدة أكثر من أي وقت سابق مع محاولات تعويض ما فات التلميذات من دروس. «وأتمنى منهن الالتحاق كي يعلمن كيف يتقدمن للامتحانات ويحصلن على الفرصة المتساوية مع باقي التلميذات في مدرستهن».
أما التلميذة دينا محاميد في الصف السابع فلم تتغيب سوى يوم واحد عن المدرسة وقالت: «ما يهم الآن هو الالتفات إلى الامتحانات المقبلة خصوصاً بعد شعور الأمان الذي ساد مؤخراً في المدينة».
أما التلميذة إلهام مقداد فعبرت عن فرحتها بالعودة إلى المدرسة ولكنها حزينة بسقوط عدد كبير من الشهداء من الشعب السوري.
وديمة الضاهر غابت أسبوعين وتحاول مع زميلاتها تعويض النقص في الدروس وتنادي زميلاتها في القرى المحيطة بدرعا بالعودة إلى حياة المدرسة الطبيعية.