محظورات الرواية بمؤتمر العجيلي

نبيل سليمان يتحدث في الندوة

انطلقت في مدينة الرقة فعاليات مهرجان العجيلي للرواية العربية في دورته السادسة، وسط رعاية رسمية وبحضور عشرات الروائيين العرب. وحملت هذه الدورة عنوان "محظورات الرواية العربية".

حفل افتتاح المهرجان الذي اقترن اسمه بالروائي الراحل العجيلي، غابت عنه أي صورة أو مادة فيلمية تعرض آثار الراحل وتجربته، لكن كلمات المشاركين كانت تؤكد قيمته الوطنية والإنسانية، وحضوره الراسخ في الذاكرة الثقافية العربية.

وتضمن حفل الافتتاح كلمة مدير ثقافة الرقة محمد العبادة، وكلمة المشاركين التي ألقاها الكاتب المغربي أحمد المديني، إضافة لكلمة راعي الحفل محافظ الرقة عدنان السخني، التي تناولت "عمق الحضارة السورية ومنطقة الفرات تحديداً"، وأشادت بـ"آثار الراحل العجيلي" ونوّهت بـ"حرية الكلمة المسؤولة" في سوريا.

ولاقت الفقرات التي قدّمتها فرقة الرقة للفنون الشعبية بقيادة إسماعيل العجيلي استحسان الجمهور الذي استطاع أن يكتشف جانباً من ثقافة المدينة وتراثها، ومنها عزف الربابة وشكل الغناء الذي تشترك فيه شاب وشابة يتطارحان الشعر الشعبي فيردّ كل منهما على قول الآخر.

 
حضور شعبي

 
من جهة أخرى، يعكس المهرجان عمق العلاقة بين المدينة الفراتية وأديبها الراحل، وهو ما أظهره الحضور الكثيف للمواطنين في حفل الافتتاح، وفي الكلمات التي ألقيت وأشارت إلى دوره في "تنشيط الوعي من أجل الرقي بأمته".

وقال العبادة في تصريح للجزيرة نت إنه "رغم قلة الإمكانيات المادية" و"بعد المدينة عن العاصمة السورية دمشق"، فإن الرقة حافظت على مهرجانها في دورته السادسة، وأظهر الكتّاب والإعلاميون العرب "وفاءهم" للعجيلي ومكانته الثقافية والإنسانية.

وحافظت الرقة لسنوات طويلة على إقامتها أكبر عدد من النشاطات الثقافية، آملة أن تشكل هوية "ثقافية خاصة" تخلصها من "أعباء التاريخ والبعد الديمغرافي"، ويأتي مهرجان العجيلي بوصفه دليلاً للوصول إلى تلك "الهوية المنشودة"، كما يقول منسق المهرجان الشاعر إبراهيم الزيدي.

الحضور الأجمل للمدينة الفراتية "الحائرة" تمثّل فيما قدّمته فرقة الرقة للفنون الشعبية التي يقودها إسماعيل العجيلي، فقد مزجت بين التراث في جميع أنحاء سوريا الطبيعية، ومنه تراث الجزيرة السورية (القريب من العراق) والتراث الحلبي واللبناني.

ورأى الروائي العراقي علي بدر المشارك في المهرجان أن موضوع الندوات "مهم ومثير وأساسي في الثقافة العربية"، ومرد ذلك أن "السلطة في العالم العربي دمرّت العلوم الإنسانية، واستحوذت على مراكز الدراسات الاجتماعية الخاصة".
 
 

تعويض الفراغ


وقال بدر -في تصريح للجزيرة نت- إن "انتهاك السلطة" دفع الرواية "لتعويض هذا الفراغ وأصبحت وثيقة تحليل سياسي واجتماعي وثقافي، وجاءت السلطة لتطوّق الرواية، وهنا تتمثل أهمية هذا المؤتمر الذي يقوم على قراءة المحظورات في الرواية".

لكن "المحظورات في الرواية العربية، لم تلفت علي بدر وحده، فقد أشار محافظ الرقة السخني إلى "خصوصية المجتمع العربي"، داعيا إلى عدم القيام "بصناعة محظورات وهمية تساهم بشكل أو بآخر في تقييد الإنسان وشلّ حركته ولجم نوازعه نحو ما يليق به من الحرية التي فُطر عليها".

ونوّه السخني إلى أن الراحل العجيلي "لم يسع إلى خرق المحظور بأشكاله المعروفة خرقاً يؤذي مشاعر الناس، ويؤلب عليه الجمهور".

وبين خطاب السلطة الذي "يومئ إلى المحظور ويراقبه"، وخطاب الهامش الذي يمثله الرقص والغناء الشعبي بمحاولاته "اختراق السائد"، تتجلى فكرة السلطة على الثقافة الرسمية المدونة، فيما يحتال الإنسان على "كسر تابواته" من خلال أغنية شعبية تبوح بتفاصيل العلاقة مع الحبيب، وتبحث عن "بطلها الخاص بها"، ليظل هذا التحدي ماثلاُ أمام المؤتمرين في مؤتمر "المحظورات في الرواية العربية" بالرقة، لعلهم يتجاوزون عتبة ما.

وفي تسع جلسات على مدار ثلاثة أيام يتباحث المشاركون في "المحظورات"، ومن أبرز المشاركين: الروائي التونسي الحبيب السالمي، والروائي العراقي علي بدر، والروائي السوري نبيل سليمان، والروائي الأردني جمال ناجي، والكاتب المغربي أحمد المديني، واللبناني د. عبد المجيد زراقط.

 

شام نيوز- الجزيرة نت