محللون: الثوار سيسيطرون على طرابلس في النهاية

أكدت مصادر ليبية أن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لن يغادر طرابلس إلا جثة هامدة، قائلة: "لن يتوجه إلى سرت حيث توجد قبيلته، ولا إلى أي جهة أخرى، بل سيبقى في طرابلس يقاتل حتى الموت".
وقالت المصادر، التي تنتمي لعائلة الزعيم الليبي، في اتصال هاتفي مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية من طرابلس: "القائد أكد في خطابه الأخير أنه باق في طرابلس، وقال إذا كان الشعب الليبي لا يحبه فإنه (القذافي) لا يستحق العيش يوما واحدا، وهو يعني ما قاله"، نافية ما تردد عن نيته التوجه إلى سرت ليبقى في حماية قبيلته (القذاذفة).
وأكدت المصادر أن القذافي وأبناءه يتحركون في طرابلس بشكل مستمر، قائلة: "القذافي وأنجاله يتحركون بشكل طبيعي في طرابلس، وحتى الحراسة التي معهم اعتيادية، القذافي الأب يتحرك برفقته خمس أو ست سيارات للحراسة، وأنجاله يتحركون في سيارتين؛ واحدة يستقلونها، والأخرى للحراسة"، مبررة خطاب القذافي يوم الجمعة من فوق سور القلعة الحمراء الملاصقة للساحة الخضراء في طرابلس بأنه تأكيد على أنه موجود في طرابلس، ولا يخشى الظهور في العلن وسط الناس.
ويقول محللون إنه ربما لن تتمكن القوة المسلحة وحدها من إنقاذ الزعيم الليبي معمر القذافي لكن حتى مع تقلص الجيش بسبب انحياز كثير من أفراده إلى المحتجين ما زال القذافي يملك من القوة العسكرية ما يمكنه من اثارة الفوضى أو ربما الحرب الأهلية.
ويرون ان النتيجة المتوقعة هي ان يستولي الثوار على العاصمة طرابلس في النهاية لينتهي الأمر بقتل القذافي أو القبض عليه مع مجموعة من أهم مؤيديه.
ويقول كثيرون ممن يعرفون القذافي انه سيقاتل حتى النهاية حتى على الرغم من ان الفرص تتضاءل أمام حكمه المستمر منذ 41 عاما بعد فقده السيطرة على عدة مدن وانشقاق كثير من جيشه عنه وتخلي مسؤولين ودبلوماسيين ليبيين أمام العالم عن صلتهم بالحكومة الليبية.
وخرجت أحياء فقيرة في طرابلس عليه صراحة خلال جنازة امس السبت وقال سكان بالعاصمة الليبية ان قوات الأمني تركت حي تاجوراء الذي يقطنه سكان من الطبقة المتوسطة بعد أيام من الاحتجاجات.
لكن هزيمة القذافي قد لا تحدث بهذه السلاسة وعلى المدى القصير ربما لا تكون الاحتمال الوحيد. وفيما يلي عدة سيناريوهات بديلة:
أن يصد القذافي التمرد على حكمه وتنتهي الأزمة مع المطالبين بسقوطه.
قال جون ماركس رئيس مركز معلومات عبر الحدود البريطاني الاستشاري ان القذافي مع امتلاكه لعدة آلاف من الجنود المدعومين بالمدرعات الثقيلة والمنتشرين حول العاصمة ومع القمع العنيف الذي يقوم به أنصاره المسلحون للمحتجين داخلها ربما كان لدى الزعيم الليبي ما يكفي من القوة العسكرية في الوقت الحالي لحرمان معارضيه من أي مكاسب في طرابلس.
وقال ماركس ان المعارضين في العاصمة ينتظرون "تعزيزات". لكنه قال ان التعزيزات قد لا تصل اذا نجح خميس نجل الزعيم الليبي في سحق التقدم على الطرق المؤدية للعاصمة بفرقته الثانية والثلاثين التي يقال انها فرقة قوية.
ويقول الخبراء الأمنيون انه بالإضافة إلى ان المئات وربما الآلاف من عناصر الأمن الداخلي المسلحة في طرابلس قد تقوم بدور جهاز الانذار أمام أي محاولة مفاجئة لتسلل المسلحين إلى العاصمة من المناطق الخارجة على حكم القذافي.
ويقول الخبراء العسكريون ان القذافي يستطيع جمع ما بين 10 إلى 12 ألف جندي إلى جانب الموالين له في الأجهزة الأمنية والمرتزقة. كما أنه يسيطر على مطار طرابلس ومينائها.
ومن الممكن أن تمنح الأزمة القذافي وقتا كافيا كي يمد جسورا اقتصادية او شبه عسكرية إلى اي من القبائل التي لم تعلن بعد انشقاقها عليه.
أن يفر القذافي من طرابلس ويبدأ حرب عصابات من الصحراء
بدوره قال سعد جابر المحامي الجزائري المقيم في لندن والذي يعرف عددا كبيرا من كبار مسؤولي النظام الليبي ان استمرار القذافي في الحكم قد اصبح مستحيلا.
وقال ان الامر اصبح الان يتعلق ببقاء القذافي على قيد الحياة لا بقائه في الحكم.
وأضاف ان القذافي سيخلق الظروف المناسبة لحرب عصابات وان هذا هو السبب الذي قاده إلى دعوة الليبيين إلى حمل السلاح.
ومن الممكن ان يفر القذافي إلى اراضي قبيلته في منطقة سبها الصحراوية الجنوبية ليحاول ضرب استقرار البلاد من هناك. كما ان من الممكن ان يتجه إلى مدينته سرت وهي خطوة تنطوي على خطورة لقربها من الشرق الذي سقط في ايدي المحتجين.
وقال جابر ان شخصا مثل القذافي بالتأكيد قد أقام لنفسه مخابئ في الصحراء وانه من هناك قد يبدأ القتال من أجل استعادة السيطرة على البلاد أو على جزء منها.
وقال جيف بورتر المحلل الأميركي المستقل انه يتصور ان الازمة ستنتهي بعملية بحث عن القذافي الذي قد يسقط من السلطة لكنه يفر مع جمع من الموالين له ليختفي لعدة اسابيع دون ان يعرف مكانه.
وتابع جابر ان وقت القذافي قد انتهى لكن السؤال يتعلق بمقدار الدمار الذي سيسببه قبل أن يرحل بالفعل.
واضاف ان مقدار الارتباك الذي قد تثيره هزيمة القذافي يعتمد على اخلاص قبيلته وأقاربه له.
وعند مرحلة ما قد تقرر قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها القذافي التفاوض مع القبائل الأخرى والاتفاق على وقف القتال.
ويقول الخبير الليبي منصور الكيخيا ان الانقسامات داخل قبيلة القذاذفة قد بدأت بالفعل بين المؤيدين للقذافي والمعارضين له. وتريد القذاذفة ان تفعل اي شيء حتى لا تتعرض للملاحقة من أي سلطة انتقامية جديدة في ليبيا ما بعد القذافي.
وحول سيناريو ان يشعل القذافي حربا اهلية حقيقية، يرى البعض أنه السيناريو الأرجح في الوقت الراهن. لكن ماركس قال انه قد يتصور أزمة بين "دولة عجيبة على هيئة مدينة تحكمها هذه الفئة من قوات القذافي بينما تحكم بقية البلاد المعارضة غير القادرة على الاستيلاء على العاصمة بسرعة. واذا استمر هذا الموقف فربما تقع البلاد في الحرب الأهلية".
وقال جابر انه كلما طالت فترة قمع القذافي للاحتجاجات كلما ازدادت صعوبة تفاوض قبيلته على تسوية سلمية.
وأضاف جابر انه يتصور ان يرضخ القذافي لنصائح أقرب اقاربه بالتفاوض مع زعماء القبائل الحليفة وكبار ضباط الجيش من أجل الحصول على الخروج الآمن من البلاد.
وقال انه لاحظ لجوء العديد من المنشقين من أنصار الزعيم الليبي إلى قبائلهم وهو ما يسلط الضوء في نظره على أهمية القبائل في تحديد مستقبل القذافي.
وتابع ان القذافي واقاربه قد يتفاوضوا مع القبائل الحليفة على وقف القتال بشرط السماح للقذافي بمغادرة البلاد دون محاكمة.
ومن المتوقع ألا ترحب دول كثيرة باستضافة القذافي. وبمجرد خروجه من ليبيا سيكون الزعيم الليبي عرضة لأي محاولة مستقبلية لتسليمه للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية لارتكاب جرائم حرب.