مدير هيئة المواصفات ومدير الرقابة: الرقابة ضرورية ولا يشكو منها إلا المخالفون

ما زالت مفاعيل قرار الرقابة على المستوردات تلقي بظلالها على الأطراف المعنية جميعاً، أي المستوردين والجمارك والجهات الوصائية والمستهلكين والشركتين المعتمدتين لمنح شهادة المطابقة للمنتج والسعر والكمية وبلد المنشأ، وهما بيرو فيرتاس الفرنسية، وإس جي إس السويسرية، وهكذا راحت بعض هذه الأطراف، أو كلها بعبارة أدق، تتقاذف كرة الأسعار الملتهبة وتوزع الاتهام تلو الآخر للجهة أو الجهات التي تتحمل مسؤولية ذلك كله، ولكن أين يقف برنامج الرقابة على المستوردات؟ ومن خلفه هيئة المواصفات والمقاييس من هذه (المعمعة)، وكيف تدافع أو لنقل تبرر ما يلمسه المستهلكون من جنون في الأسعار؟ هذه الأسئلة وأخرى معها شكّلت مادة نقاش مستفيض لـ (الاقتصادي) مع المدير العام للهيئة الكيميائي وفيق الجردي ومدير برنامج الرقابة على المستوردات محمد عبد الوهاب، علماً أن الإجابات هنا ستكون على لسان الشخصين معاً.. وهذه بعض محطات النقاش.

 كثرة السلع المزورة

  • لنبدأ من القرار نفسه، ما هي مبرّراته ودواعيه؟ ألم تكن انسيابية عملية الاستيراد جيدة والأمور (ماشية) كما يقال؟

  مبرّرات هذا القرار تتلخص بحماية المستهلك والصناعة المحلية، حيث كثرت في الآونة الأخيرة السلع المقلّدة والمزوّرة بعلم أو دون علم المستوردين حتى أصبحت تشكّل خطراً على حياة الناس، إذ لا تراعي هذه السلع أبسط الاشتراطات الصحية في حال المنتجات الغذائية والمشروبات، أما بالنسبة للصناعة المحلية، فقد أصبحت الكثير من السلع المستوردة المثيلة تنافسها على نحو لافت، وبالتالي كان لا بد من تحقيق عدالة المنافسة، وهذا ما أوجد البرنامج من أجل تطبيقه بشكل أو بآخر.

 

• ولكن كثيراً ما يشكو المستوردون من أن المواصفات السورية لم تعد تواكب نظيرتها الأوروبية مثلاً، ما حقيقة ذلك؟

  دعنا نؤكّد لكم حقيقة مهمة، وهي أن جميع المواصفات المحلية والإقليمية والدولية تقريباً أصبحت تنبع من المصدر ذاته مع بعض الاختلافات البسيطة هنا أو هناك، فمثلاً يشترط لدينا في سورية كتابة اسم المستورد على المادة الغذائية (العبوة)، فهل يؤثر ذلك على المواصفات ليقال إننا نطبّق مواصفات غير تلك التي تطبّقها الدول الأوروبية، وواقع الحال أن مواصفاتنا جيدة إلى الحد الذي تطلب فيه منا بعض الدول تخفيفها، وهي بالمناسبة اشتراطات أكثر منها مواصفات ورقمها 3040، ونؤكد لكم بأنها أهم من الأوروبية، هذا ما نعرفه ونعمل به، ومن لديه أمثلة محدّدة فليتقدم بها إلينا، فالأمر لا يتعلق بمستورد أو تاجر بعينه، بل بأنظمة وقوانين عامة.

 

 

  تأخر الإجراءات

  • وثمّة شكوى أخرى تتعلق بتأخير البضاعة المستوردة نتيجة إجراءات التحقّق الطويلة؟

  هذا ليس شيئاً خاصاً بسورية، فالمواصفات والتحقق منها يكادان يكونان موحدين حول العالم، حيث لا توافق الدول على إدخال سلع تضر بالبيئة أو الحيوان، كما أن ثقافة المواصفة ما زالت غير موجودة لدى الكثير من التجار والصناعيين لدينا، وعلى العموم ليس مهمة هؤلاء أن يتحققوا من المواصفات بأنفسهم، بل هذه مهمة جهات مختصة في هذا المجال، ومنها بطبيعة الحال شركات الرقابة على المستوردات، وعادة لا تنزعج من تطبيق هذه المواصفات سوى الجهات التي ترغب أن تخالفها، أما الجهات التي تحرص على إدخال سلع نظامية وضمن المواصفات المطلوبة، فلا تتذمر أبداً، وقد تسلّمت شركتا المراقبة المعتمدتين في سورية تعليمات الاستيراد الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة.

 

ونشير هنا إلى أن المستورد النظامي الطبيعي أو الاعتباري الذي يستورد من جهات نظامية لن يتأثر بالبرنامج، لأنه يستطيع تأمين تقارير الاختبار وكل الثبوتيات اللازمة للمطابقة، وبالمقابل فإن غير النظامي لا يمكنه إحضار ذلك لأنه يتعامل مع مورّدين متطفّلين على الصناعة، وبالتالي فإنه من الأفضل عدم دخول منتجاتهم إلى البلاد.

 

    التكلفة

  • كم يكلّف الحصول على شهادة المراقبة، وما هي النسبة التي تتقاضاها الهيئة من هاتين الشركتين؟

  يتراوح رسم الحصول على الشهادة بين 5-8 بالألف تبعاً لقيمة الشحنة، أما الشحنات التي تصل قيمتها إلى 60 ألف دولار فما دون، فإن هذا الرسم يكون بحدود 270 دولاراً وبشكل مقطوع، وحصة الحكومة منها هي 20%، تذهب 15 منها للخزينة، و5 لحساب مخصّص لتطوير عمل الهيئة وإناء مخابر معتمدة تديرها كوادر محلية.

 

  اتهام

  • وما قولكم في اتهام البرنامج بأنه تسبّب بارتفاع أسعار السلع المستوردة عموماً وخاصة السيارات؟

  هذه إشاعة ألصقت بالبرنامج، وهي غير صحيحة إطلاقاً، حيث إن ارتفاع أسعار السيارات بدأ قبل تطبيق البرنامج وورود أية شحن ة بأكثر من شهر، علماً أن رسم الشهادة على السيارة الواحدة لا يتجاوز في حدّه الأعلى خمسة آلاف ليرة سورية، وهو مبلغ زهيد مقابل ضمان جودة هذه السيارة، وهنا لا بدّ من التأكيد على أن ما يحدث في سوق السيارات هو استغلال للمستهلكين غير مبرّر، كما أن التصريح الذي يقدّمه مستوردو السيارات حول الأسعار إلى الجهات المعنية يختلف كثيراً عن أسعار البيع في الأسواق، وبالتالي يذهب الفرق بين السعرين إلى جيوب المستوردين بدلاً من أن يذهب إلى خزينة الدولة وإلى المستهلكين عبر تخفيض الأسعار، ولعل هذا ما يفسّر الانتشار والتوسّع العنكبوتي لتجارة السيارات في البلاد.

  أيضاً لا بد من التذكير بأن رسم شهادة المطابقة يدفعه المصدّر وليس المستورد، وهو مبلغ لا يذكر، ولكن الذي يحصل أن المستوردين جعلوا من هذه النسبة شمّاعة لتعليق أخطائهم، فضلاً عن أن هؤلاء يبرّرون رفع الأسعار أحياناً برسم الطابع بالرغم من أن قيمته أقل من واحد بالمئة.

 

    شهادات المطابقة

  • وماذا عن شهادات المطابقة، والشركات الحاصلة على شارة المطابقة؟

  تم إصدار 799 شهادة لبضائع مصدّرة إلى دول عربية وأجنبية، أما عدد الشركات الحاصلة على شارة المطابقة، فهو 27 شركة من أنشطة مختلفة كالمصاعد والمنظفات والدهانات والمواد الغذائية والإسمنت والأدوات الكهربائية والمنزلية ومواد التجميل وغيرها.

 

• وما هي الأنشطة التي تقوم بها الهيئة في مجال المعايرة والقياس؟

  هذه الأنشطة عبارة عن إعداد وإصدار المواصفات الخاصة بالمعايرة والقياس والمكاييل والخزانات وإعطاؤها شهادة من خلال وجود سيارة معايرة لدى الهيئة، وهي عبارة عن مخبر متنقل، إضافة لمعايرة الذهب من خلال جهاز متطوّر لدى الهيئة.

 

• وما الذي تقوم به الهيئة لإصدار وتحديث المواصفات السورية؟

  تواكب الهيئة التطوّرات والمستجدات التي تحدث حول العالم في مجال عملها، وهي الجهة الوحيدة المخوّلة بإصدار وتحديث المواصفات السورية، وقد قامت بإصدار 75 مواصفة خلال العام الجاري، علماً أنها أصدرت منذ إحداثها وحتى تاريخه نحو 4000 مواصفة، كما تقوم الهيئة بإصدار مجلة فصلية تعنى بالمواصفات ونشر ثقافتها وتأهيل الكوادر عبر الدورات التدريبية داخلياً وخارجياً، إلى جانب أنشطة تطوير المخابر بالتعاون مع غرف الصناعة والتجارة ومع برنامج الاتحاد الأوروبي المسمّى تعزيز البنية التحتية للجودة.

 

 

 

شام نيوز- الاقتصادي