مراد: قانون الإعلام الجديد.. الحرية تحت سقف المسؤولية

 أكد رئيس اتحاد الصحفيين الياس مراد أن قانون الإعلام الذي يجري الإعداد له حالياً سيكون مكملاً لقانون الأحزاب، انطلاقاً من الإيمان بأن اجتماع الحرية الإعلامية والحرية الحزبية في بوتقة واحدة من شأنه بالضرورة خلق بيئة جديدة في المجتمع تقوم على الرقابة والمنافسة لتنتهي أخيراً بالشفافية، موضحاً بأن القانون الجديد ليس وليد اللحظة وإنما جرى الإعداد للمسودة الخاصة به والتي حملت عنوان "قانون المطبوعات" منذ حوالى السنتين، مبيناً أنه تم اقتراح تعديل مضمون قانون الإعلام ليوافق التطور الكبير والمستجدات التقنية والعلمية التي اجتاحت عالم الإعلام والاتصالات خلال العقد الأخير، ليُعنى بالتالي هذا القانون بالإعلام المرئي والمسموع، والصحافة المكتوبة والإعلام الإلكتروني والمستجدات التي طرأت عليه ممثلة بشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، بطريقة تفضي بالنتيجة إلى إيجاد بيئة صحية للتنافس بين المؤسسات والتنافس بين الصحفيين على حد سواء وبالتالي الوصول إلى أعلى مستويات النجاح ليس على الصعيد المحلي فحسب وإنما على مستوى الوطن العربي.

 

وأشار مراد إلى أن القانون الجديد سيأخذ بعين الاعتبار إضافة لما سبق مجموعة من المعطيات أولها ما يتعلق بدراسة ماهية المؤسسات التي سيتم الترخيص لها سواء كانت مؤسسات فردية أم مؤسسات شركات ومن ثم مراقبة الجهة أو المرجعية التي ستتكفل بتقديم التمويل اللازم لها ومعرفة ما إن كانت مرتبطة بجهات خارجية قد تخطط لضرب وحدة الوطن واختراق أمنه فكرياً وسياسياً وثقافياً، وأما المعطى الثاني فيتعلق بأهمية الارتقاء بصحافة الأحزاب وتوسيع هامش التطرق إلى قضايا المجتمع، من خلال دعوة الحكومة إلى دعم هذه الصحف وتمويلها لتكون قادرة على الانطلاق بقوة لمنافسة الصحف الأخرى مع التركيز بذات الوقت على مدى أهمية استقلالية المطبوعة، مؤكداً على أن المعيار الرئيسي لكل هذه الخطا سيكون تحت سقف القانون الناظم الذي ينادي بالحرية المسؤولة التي تكمن هنا في ثوابت الوطن المطبوعة في قلوب الجميع.

 

وحول السؤال عن أهم البنود التي تجد إدارة الاتحاد ضرورة تشميلها ضمن القانون قال مراد: لدينا عدة مقترحات ستبدأ بالمطالبة برفع عقوبة السجن كلياً عن الصحفيين لتكون الغرامة المالية أو تطبيق العقوبات التأديبية والوظيفية هي البديل، هذا من جهة، ومن أخرى سيتم اقتراح إنشاء محكمة خاصة للتعاون مع الصحفيين وحل مشاكل "التقاضي في الصحافة "لتجنيب الصحفيين القاطنين في محافظات بعيدة قطع مئات الأميال لحضور جلسة محاكمة في حال ارتكابهم لمخالفة ما أو قيام البعض برفع الدعاوى عليهم والحرص على محاكمة الصحفي عبر حضور وكيل له.

 

هذا وقد شدد رئيس اتحاد الصحفيين أخيراً على ضرورة التطبيق العملي لبند حرية الإعلام والرقابة المنصوص عليه أصلاً في قانون الإعلام الحالي والذي لم يتم حتى فترة قريبة ترجمته إلى المستوى المأمول، مضيفاً: لا ننكر وجود مشكلات أثقلت لفترة طويلة كاهل الإعلام السوري بدءاً من تصدر إعلام الحكومة على حساب إعلام الدولة ومروراً بوجود مؤسسات استغنت عن الإعلام لتبحث عن الإعلان والربح المادي وانتهاءً بابتعاد الصحفي في بعض الأحيان عن الأخلاق المهنية انطلاقاً من دوافع شخصية، مؤكداً ضرورة الترفع عن جميع هذه المشكلات، وهو ليس بالأمر الصعب لأن الحكومة رغم ذلك كانت ولا تزال تحرص على الاهتمام بالإعلام والعمل الصحفي بهدف التعافي نهائياً من هذه الأمراض، كاشفاً في نهاية حديثه عن وجود نية قريبة لإحداث مكاتب صحفية ترافق نشوء مؤسسات وإدارات جديدة في الدولة أولاً بهدف الاستفادة من الطاقات الهائلة لدى خريجي كلية الإعلام وثانياً بهدف امتصاص جزء من هؤلاء الخريجين ودمجهم مباشرة في سوق العمل.

 

 

 

العريضي: الحرية والمسؤولية وجهان لعملة واحدة

 

 

 

وأما عن مدى حاجتنا لوجود قانون جديد للإعلام له من المرونة ما يساعده على مواجهة تحديات هذه المرحلة فقد رأى د.يحيى العريضي عميد كلية الإعلام في جامعة دمشق أنه بات من اللازم بوجود هذا المد الإعلامي الجارف الذي حوّل الكون إلى قرية إعلامية صغيرة (مكتوبة ومرئية ومسموعة) مراعاة قضيتين أساسيتين: الأولى: مراقبة وقوننة المواد الوافدة عبر هذا المد، والثانية: مراعاة هامش الحرية وجعلها بلا حدود شريطة أن تكون تحت طائلة المسؤولية.

 

وأوضح العريضي أن وجود القانون لا يعني الحد من الحرية وبذات الوقت تطبيق الحرية لا يعني غياب القوننة وإنما العملية هي عبارة عن عملية مزج بين المفهومين، فوجود القانون يضمن ممارسة حرية بعيدة كل البعد عن الفوضى والسلبية التي تسيطر على الطبيعة البشرية في بعض الأحيان، ما يعني بالضرورة الوصول إلى إعلام حقيقي على قدر عال من المصداقية يلبي تطلعات الفرد والمجتمع بآن معاً، حيث أن الطرفين سيعملان وفق منطق واحد "بقدر ما أعطيت من حرية بقدر ما يُحتّم عليّ ضوابط بالمسؤولية" وهذا في واقع الأمر هو ما ينتظره الجميع من صدور قانون جديد للإعلام.

 

وحول سؤال عن مقدار استعداد إعلامنا بمفهومه الحالي لتطبيق تلك النظرية بشكلها الفاعل قال العريضي: لا يوجد مستحيل مع تواجد نية صادقة تحوّل المستحيل إلى حقيقة راهنة على الأرض، فعندما تضع أي مؤسسة إعلامية نصب عينيها السعي لنيل ثقة المتلقي واستقطاب اهتمام الرأي العام، فهذا يعني أن المؤسسة حددت لنفسها مسبقاً المضي وفق أجندة دقيقة ومدروسة ستؤتي ثمارها لاحقاً، ذلك أن التغيير أو الانتقال من حالة إلى أخرى لا يمكن أن يتحقق بين ليلة وضحاها، وأيضاً عملية جذب المتلقي ومن ثم توصل الوسيلة الإعلامية للشهرة المرغوبة يتطلب بذل سنوات من الجهد والعمل لحصد النتائج، ولعلَّ الإعلام الخارجي الذي استهدف سورية مؤخراً وثقته الكبرى بإحداث الأثر المطلوب في نفوس مستقبليه أكبر مثال على ذلك فهو لم يأت من العدم وهذه المؤسسات عملت لسنوات وعقود طويلة حتى احتلت لنفسها موقعاً رحباً في عقول المتلقين لدرجة بات فيها المتلقي نفسه على استعداد لاستقبال أيّة معلومة تصدر عن تلك الوسائل على اعتبار أنها حقيقة ناصعة في حين أن الواقع ينفي هذا الادعاء تماماً، مؤكداً بأن المسألة في نهاية الأمر تعتمد على الطريقة التي تعتمدها الوسيلة بدايةً للاستحواذ على الرأي العام والسيطرة عليه.

 

وأوضح العريضي بأن نسبة نجاح إعلامنا المحلي في خلق بيئة صحية سليمة تقوم على تبني الرأي الآخر وصياغة سلوك سليم للتواصل مع المجتمع ليس صعب المنال، فعندما يكون الوطن هو المؤسسة العليا التي نعمل عبرها ولأجلها، وعندما يأخذ الإعلامي دور العين الساهرة على حماية بلده وشعبه بسرد الوقائع والأحداث بشفافية مطلقة ودون تزليف أو تحوير فمن المؤكد أن النتائج الباهرة ستأتي أسرع من المتوقع.

 

شام نيوز- البعث