مراقبون: الموقف الروسي في مجلس الأمن يضع حدا للرهانات المشككة

نقل الاعتراض الروسي على صيغة مشروع القرار الغربي العربي حول سورية الجدل الدائر في مجلس الأمن إلى مرحلة متقدمة تطرح من جهة الأسئلة حول دور المجلس في القضايا الدولية تبعده عن محاولات الغرب لتكريسه كسلطة تتجاوز في صلاحياتها سيادة الدول الوطنية وتملي عليها الاوامر وتضع حدا للرهانات المشككة بتغيير موقف روسيا تجاه سورية من جهة أخرى.
وانطلاقا من وصف فيتالي تشوركين المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة لمشروع القرار الأوروبي العربي بأنه خطوة خاطئة وإجراء مدمر بالنسبة لسورية يهدف لفرض نتيجة مسبقة للحوار السياسي الذي لم يبدأ بعد يتضح أن روسيا تجاوزت مناقشة مشروع القرار الى الغايات التي يريد الوصول اليها وطرح الاسئلة حول دور المجلس تاركة الباب مفتوحا للحوار للوصول الى اجماع دولي يأخذ بعين الاعتبار جميع عناصر الأزمة.
ولا يخفى على المتابعين للشأن الدولي أن الولايات المتحدة سلبت عبر السنوات الماضية الارادات السياسية لدول أعضاء في المنظمة الدولية وتجلى ذلك بوضوح في انقياد دول الخليج السلس للغرب واتخاذ مواقف تتعارض تماما مع مصلحة دول المنطقة إذ تعمل السعودية وقطر بحسب الصحفي في وكالة رويترز أندرو هاموند على تسهيل النيل من سورية وغيرها من الدول التي تقف ضد الهيمنة الامريكية متذرعة بمظلة عربية مؤكدا أن ما تتعرض له سورية ليس هجمة عربية بل خليجية بقيادة سعودية قطرية يتم فيها تبادل الأدوار بحسب الظروف.
واعتبر هاموند أن الأمور في سورية غير ما يتصوره هؤلاء مضيفا بذلك دليلا جديدا إلى مجموعة الأدلة التي تؤكد دور دول الخليج في تسليح المجموعات الارهابية في سورية ودعمها اعلاميا وسياسيا وتوفير الملاذات الأمنة لها.
ويرى مراقبون أن ما تشهده اروقة مجلس الأمن ستكون له نتائج مهمة في المرحلة القادمة حيث أن نجاح روسيا في فرض رؤيتها وإبعاد خطر التدخل الغربي في شؤون الدول ذات السيادة سيشكل نموذجا جديدا لم يألفه العمل الدولي منذ سنوات يعطي للنقاش حول اعادة النظر في اسلوب عمل مجلس الأمن دفعا جديدا تفرضه التحولات الكبرى في موازين القوى الدولية سياسيا واقتصاديا.
وبالعودة الى نتائج عمل الدبلوماسية الروسية في العام الماضي الذي قدمه وزير الخارجية سيرغي لافروف مؤخرا يمكن فهم طبيعة المعركة الدبلوماسية الدائرة حاليا في مجلس الأمن إذ أن روسيا حددت معايير واضحة لحل الأزمات الدولية تقوم على رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول معتبرة اياه خطا أحمر والاعتراض على الخطوات التي قد يتخذها أي طرف بشكل أحادي يتعارض مع مصالح الأطراف الأخرى وتعزيز الحوار والاستفادة من التجربة الكارثية للتدخل العسكري في ليبيا.
ويرى دبلوماسيون سابقون ومحللون روس من بينهم يوري زينين كبير الباحثين في جامعة العلاقات الدولية في موسكو و فيتشسلاف ماتوزوف الكاتب والمحلل السياسي الروسي وأنهار كوتشنيفا الخبيرة الروسية في الدراسات الشرقية ان جميع المراهنات على موقف روسي جديد تجاه الازمة السورية مصيرها الفشل كون روسيا تتعامل مع هذا الملف على إنه بوابة ستكرس الية جديدة لتعاطي مجلس الأمن مع الأزمات الدولية تأخذ بعين الاعتبار حق الشعوب بتقرير مصيرها وعدم القفز على الحقائق الموجودة على الأرض واعتماد الحوار اسلوبا للحل وعدم فرض شروط مسبقة مع مراعاة مصالح الاطراف جميعها بشكل لا يضر بالسلم والأمن الدوليين.
وفي هذا السياق رأت وكالة الصحافة الفرنسية في تحليل لها أن مشروع القرار الذي قدمته دول عربية والمجموعة الأوروبية والولايات المتحدة سيصطدم بالخطوط الحمراء التي وضعتها روسيا والتي تعارض أي اشارة الى عقوبات أو فرض أي نوع من الحظر على الاسلحة والحكم مسبقا على نتيجة أي حوار سياسي في سورية.
وبالمحصلة يعتبر كثير من المراقبين أن إصرار روسيا على رؤيتها لآلية الحل في سورية يعكس حقيقة الاوضاع على الساحة الدولية حيث يصارع الغرب للاحتفاظ بهيمنته على مجلس الأمن في حين تبرز روسيا وقوى اخرى كالصين و البرازيل و الهند كقوى عالمية معاصرة تؤكد حضورها ورؤيتها للمشهد الدولي لتتأكد مجددا أهمية سورية الاستراتيجية التي تحسم على أبوابها المعارك الكبرى متجاوزة التكتيكات والمصالح المؤقتة.
شام نيوز - سانا