مزيد من التحريض

زياد غصن - تشرين
توقع الكثير من المتابعين أن يشهد أداء بعض الفضائيات العربية تغيراً ملحوظاً مع الإعلان عن توصل سورية واللجنة الوزارية العربية لخطة عمل حول الوضع في سورية، وذلك بغية الإسهام في توفير البيئة المناسبة لتنفيذ خطة العمل عبر وقف الحملة التحريضية اليومية ونشر الأكاذيب...
لكن ما حدث كان العكس تماماً، فالقنوات المتزعمة لحملة الافتراء ونشر الأكاذيب التي تم فضحها ودحضها دائماً بالحقائق، زادت من وتيرة عملها بشكل مكثف خلال الأيام القليلة الماضية، لا بل يمكن القول إنها فتحت جبهة جديدة حاولت من خلالها تعكير صفو أجواء العيد في بعض المحافظات، وإشاعة جو من عدم التفاؤل بإمكانية نجاح الجهود العربية في مساعدة سورية على حل أزمتها...
والسؤال: ما الخطوة التي يمكن أن تتخذها اللجنة الوزارية العربية حيال ما ترتكبه هذه القنوات من خروقات مهنية والأهم إسهامها في عرقلة جهود اللجنة ومساعيها؟! هل ستغض الطرف عن ممارساتها بحجة استقلالية الإعلام وحرية التعبير حتى لو كان ما تقوله كذباً وتحريضاً على القتل؟! أم إنها ستبادر إلى اتخاذ قرار تحت سقف الجامعة العربية يمنع هذه القنوات وغيرها من الكذب على أقل تقدير أو بلغة أخرى إلزامها التقيد بميثاق الشرف الإعلامي الذي تم إعلانه قبل سنوات من وزراء الإعلام العرب؟!.
إن تخفي بعض الجهات العربية خلف حجة استقلالية وسائل الإعلام لتبرير عدم اتخاذها مواقف إجرائية وقانونية ضد تلك القنوات، أمر فاقد للمصداقية والمنطق لسببين اثنين هما:
-الأول أن وسائل الإعلام على اختلاف أشكالها وملكيتها تتحرى وتسعى لتحقيق أهداف الممول، سواء أقامها المالك كمشروع تجاري أو كمشروع فكري وثقافي، وبالتالي فإن الحديث عن الاستقلالية لا أساس له من الصحة في دول العالم كافة حتى في تلك التي تتغنى بحرية الإعلام، فالأهم هنا يتمثل في تحديد ماهية أهداف الممول ومدى شرعيتها وانسجامها مع القوانين والأنظمة المطبقة في كل بلد.
- السبب الثاني يتعلق بحالة الانحراف التي تغلف أداء بعض هذه الوسائل، فتعارض عملها وتناقضه مع ميثاق العمل الصحفي والتقاليد والأخلاق المهنية العامة يحولانها إلى وسائل خطرة على المجتمع والمتلقي، الأمر الذي يخضعها للقانون والمساءلة وثمة أمثلة عالمية كثيرة في هذا المجال.. فكيف إذا تحولت إلى أداة للتحريض على القتل والتخريب وقناة اتصال آمنة لنقل أوامر للمسلحين والمخربين؟!.
عندما تم الإعلان عن الاتفاق السوري - العربي قلنا: إن مسؤولية الجامعة العربية لإخراج هذا الإنجاز إلى حيز الوجود موازية تماماً من حيث حجمها وأهميتها لمسؤولية الجانب السوري، إذ كنا نأمل مثلاً أن تتخذ اللجنة الوزارية العربية خطوة عملية توقف من خلالها الحملة التحريضية للقنوات الفضائية العربية، وخاصة تلك التي تفبرك وتبث الأكاذيب وتشجع على الفتنة الطائفية... إلا أنها لم تفعل ذلك حتى الآن!!.
لذلك فإن استمرار تعاطي بعض وسائل الإعلام العربية مع الأحداث في سورية بالطريقة نفسها السائدة منذ عدة أشهر وبلغة تصعيدية أكبر رغم الاتفاق الموقع مع الجامعة، لا يمكن تفسيره إلا وفق واحد من خيارين:
إما أن هناك دولاً عربية تعمل على أجندة مخفية ضد سورية في الوقت الذي تعلن فيه ظاهرياً دعمها لجهود الجامعة العربية، أو أن الدول الغربية الحريصة على إفشال المسعى العربي تجند هذه الوسائل، التي أثبتت الوثائق عمالتها وتبعيتها لأجهزة استخبارات خارجية، للتصعيد ومزيد من الكذب والتحريض.. وربما يجتمع الخياران معاً.