مساءات سوريالية

عبد الفتاح العوض - الوطن

في مساءات الجمعة وما أدراك ما الجمعة في سورية تستطيع أن ترى عائلات سورية وقد افترشت المسطحات الخضراء المحدودة بدمشق.... ويمكن أيضاً أن يسمعوا صوت انفجار من مكان ما ثم يعاودوا الاستمتاع بسهرتهم بما يتوفر من فرصة الاستمتاع....

أيضاً في بيوت سورية كثيرة لم تعد نشرات الأخبار وجبتهم الرئيسية... ولم يعد النقاش الدائم حول الأزمة وتفاصيلها..... ثمة تغيير بدرجة الاهتمام يمكنك أن تلحظه من خلال أشكال مختلفة.. الذي يلفت السوريين الآن أن تتحدث عن الحل... فالأزمة عرفوها جيداً لكنهم لم يعرفوا الحل حتى الآن. وأيضاً في مساءات السوريين أصوات انفجارات وخوف يصيب الكبار والصغار على حد سواء ويحول أحلام الليل إلى كوابيس لا تنتهي مع النهار!!! وفي أحاديث قصص موت وغياب وإحساس بأن الموت في الحارة القريبة!!
هذا التغيير في سلوك السوريين للصنف الأول ولرواد المسطحات الخضراء لم ينتج عن عدم الاهتمام أو من الملل من المتابعة أو حتى من السلبية في التعاطي مع الأزمة... ببساطة ما حدث أن قسما كبيراً من السوريين وجدوا أنفسهم بلا فاعلية.. لا يستطيعون أن يقدموا أو يؤخروا في مزاد الدم الذي تعيشه سورية...
ومخاوف الصنف الثاني ليست مرض فوبيا من الأصوات القوية بل هي مخاوف مشروعة عايشوها بكل تفاصيلها القاسية.
في أدبيات السياسة يتحدثون عن العناصر الفاعلة. فإضافة إلى الفاعلين التقليديين في أي أزمة أصبح الآن.. حديث عن الفاعلين الجدد ثم يصبح الحديث عن الفاعلين المحتملين.
في الأزمة السورية لدينا كم من الفاعلين... التقليديون هما السلطة بالدرجة الأولى ولفترات طويلة تكاد تكون الوحيدة الفاعلة.. ثم المعارضة بكل اختلافاتها وتنوع أهدافها... الفاعلون الجدد في الأزمة السورية هم الدول الكبرى إضافة إلى أصدقاء الأمس الذين تحولوا إلى الضفة الأخرى... ثمة من يعتبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وتقنيات الاتصال كلها تحت يافطة الفاعلين الجدد... لكني أفضل تسميتها أدوات فعالة بأيدي الفاعلين مثلها مثل أنواع الأسلحة التي تستخدم في الأزمة.
لا بأس أثقلت عليكم بتنظير كان لا بد منه لأقول إن العامل الحاسم في الأزمة السورية هو فئة من السوريين لديها شجاعة المبادرة وطرح الحلول دون أن تخاف من العواقب ودون أن تتبع سياسة النأي بالنفس لأنها لن تكون قادرة على ذلك في وقت قادم. حتى الآن هذه الفئة لم تتبلور ولم تقدم شيئاً واكتفت بالمتابعة مع أنها أعلنت بصمت عدم رضاها عما يحدث ورأت كيف أن كل الأطراف تتعامل مع الأزمة من منطلق الأرباح والخسائر وعقلية من سيقضي على من أو بالحد الأدنى من سينتصر على من.
رجال المبادرة ينبغي أن يكون لديهم أكثر من موقف بلون صارخ يعلن عدم رضاه عن الدم السوري الذي نخسره هباء بل أيضاً يجب أن تتحول مشاعرهم إلى مبادرة سورية تقرب بل وتلزم كل الأطراف بمناقشتها.
المبادرة ستقود الأطراف جميعاً إلى الحل... لأني على قناعة أن الجميع بحاجة لمبادرة لا تجعل من طرف من الأطراف غالبا ولا الآخر مغلوبا
كما أننا على قناعة أن صناع الأزمة لا يحلونها... وأن صناعة الحل لن تكون إلا سورية القلب والقالب، وأن انتظار الحل من الخارج شبيه بانتظار غودو الذي لن يأتي وإن أتى تسبقه وتتبعه المصائب.
خلال الفترة الماضية صار التحليل المفضل عند السوريين أن أزمتهم أصبحت خارج سورية وأن حلها لعبة أمم وشخصياً أعتبر أن أي حل خارجي ليس حلاً وليس له نصيب من النجاح لسبب بسيط أن مصالح الدول متنافرة ولن تلتقي لاعتبارات كثيرة على مخرج خارجي لأزمتنا... بل إن مصلحة الجوار وما ومن بعده أن تكون سورية بأزمة مشغولة بدمائها وجنازاتها.
لكل هذا ليس من حل إلا بمبادرة سورية يقودها السوريون الذين لا يؤمنون بالخارج.... ودعنا نطرح هذا الموضوع للحوار.... نبدأ فيه من سؤال لماذا لم تقدم حتى الآن مبادرة سورية مقنعة.؟

طرق خفيف
(إن أفضل جندي هو الذي لا يقاتل والمقاتل المتمكن هو الذي ينجح بلا عنف وأعظم فاتح يكسب دون حرب وأنجح مدير يقود دون إصدار الأوامر، إن هذا ما يسمى ذكاء عدم الهجوم وما يطلق عليه سيادة الرجال) لاوتسو.
(لا تبحث عن الأخطاء ولكن ابحث عن العلاج) ويليام شكسبير.
(إن الشخص الذي يبالغ في التمسك بآرائه لا يجد من يتفق معه) لاوتسو.