مسرحية الميراث تواصل عروضها على خشبة القباني بدمشق

 

تواصل فرقة المسرح القومي تقديم عرضها المسرحي الاجتماعي الميراث تأليف الشاعر الراحل ممدوح عدوان إخراج الفنان محمود خضور وذلك مساء كل يوم على مسرح القباني بدمشق.

وتروي مسرحية الميراث حكاية زوج غني حصل على ماله بطرق غير مشروعة لينشأ صراع يحتدم بين زوجته وأخته على تقسيم ثروته بعيد موته إلا أنه في إحدى المرات التي يتظاهر فيها بالموت يتفاجأ بكل من الأخت والزوجة كيف تقومان بسرقته وهو مازال على قيد الحياة ليذهب الزوج بعدها في رحلة مدتها ثلاثة أشهر مستهلكاً كل أمواله حتى لا يحصل عليها أحد بعد موته.

واستطاع مخرج العرض محمود خضور تقديم روءيته الخاصة عن نص الراحل ممدوح عدوان من خلال اشتغاله على نبرة مختلفة لكل من الشخصيات الثلاث في العرض مقدماً ما يشبه مرافعات مطولة عن قيمة الإنسان ودوره في مواجهة التضحية بقيمه الإنسانية أمام سطوة المال والمصالح الشخصية حيث جعل خضور من أبطاله على الخشبة مكاناً للمكاشفة والبوح لإسقاط الأقنعة عن الوجوه في مصارحة شفافة وظف عبرها استثنائية النص الذي تصدى لتحقيقه.

وتركز شغل المخرج في هذا العرض على نوعين من الصراع الأول تمحور داخل كل شخصية على شكل صراع ديناميكي جواني لإبراز مدى الإغتراب الذي يعاني منه الإنسان أمام مرآة النفس وحقيقة نواياها اتجاه الآخر فيما تبين الصراع الثاني في احتدام أفقي بين شخصيات المسرحية إذ حاولت كل منها الإفادة من المساحة النفسية والجسدية المتروكة لها على الخشبة وفق منطق الاعتراف المؤلم بوحشية ما قامت به في سعيها الحثيث للحصول على الثروة والمكانة الاجتماعية وكيف فقدت أثناء هذا السعي كل مبررات وجودها وتعايشها مع الطبيعة الإنسانية الخيرة.

وتأتي تجربة محمود خضور في هذا العرض بعد أن حقق العديد من نصوص الراحل ممدوح عدوان كنصه هاملت يستيقظ متأخراً عام 1978م إضافة للمسرحية التي قدمها عن نص من إعداد الأديب الراحل تحت عنوان ساعي بريد نيرودا عام 2002 ليتمكن في الميراث من اقتفاء سلسلة من الخيارات الفنية المرتكزة على الشغل مع الممثل المسرحي للوصول إلى جوهرية دور الممثل في اللعبة المسرحية بعيداً عن التكنولوجيا التي يقدمها البعض على الخشبة كمعادل رئيسي في إدارة عناصر العرض المسرحي.

ويلجأ خضور إلى إتاحة المساحات الكافية لممثليه بغية تحقيق توازن أصلي وحاسم في نبش ذاكرة هذا الممثل أثناء عمله على الشخصية المسرحية موظفاً أدواته النفسية والجسدية محققاً حضوره الاستثنائي على الخشبة.

ويعتمد العرض طوال ساعة من الزمن على توليف عناصر الديكور والإضاءة الواقعيين على أسلوب المسرح الطبيعي في تتالي مناظره ولوحاته وفق عقدة الحدث الدرامي المتصاعد الذي تتكشف من خلاله مآرب الشخصيات الثلاث عبر تقسيم مساحات الخشبة إلى ما يشبه التقاطع البصري لردود أفعال تتوزع حسب تسارع حوارات متينة ومدروسة تاركةً فرصة كافية للمتلقي في استنتاج موضوع المسرحية من غير اللجوء إلى المبالغة في توزيع الضوء على الخشبة.

يذكر أن عرض "الميراث" من تمثيل: يوسف مقبل-ريم درويش-لمى الشمندي.

إضاءة: نصر الله سفر, ديكور: زهير العربي, موسيقا: نزيه أسعد, ملابس: ربيع الحسين, ماكياج: هناء برماوي, مساعد مخرج: كميل أبو صعب, والعرض من إنتاج وزارة الثقافة المديرية العامة للمسارح والموسيقا.