مسرحية مستلهمة من قصائد درويش

يستلهم المخرج الفلسطيني الشاب فراس روبي من اخر ما كتبه الشاعر الراحل محمود درويش (لا اريد لهذه القصيدة ان تنتهي) في تصميم عمل مسرحي يجمع فيه العديد من الفنون.
واختار روبي ان تكون احدى كلمات هذه القصيدة (ههنا الان) لتكون عنوانا لعمل مسرحي قدمه مساء السبت على خشبة مسرح (اللاز) في البلدة القديمة لمدينة عكا الساحلية شارك فيه كل من الراقصة منى مشيعل وبشار مرقص مستخدمين لغة الجسد على وقع قراءة الممثل عامر خليل للقصيدة بمصاحبة موسيقية.
وقال روبي بعد العرض: "الهدف من هذا العمل المسرحي هو تقديم جمالية قصيدة الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش من خلال فهمي لها ودعوتها للتمسك بالحياة. حاولنا قدر الامكان ان تعكس حركات الرقص التعبيري لمنى وبشار كلمات القصيدة بكل ما فيها من حب وجمال وحديث عن الروح والجسد والمكان."
واضاف "ينعكس سحر هذا المكان الذي يعود الى مئات السنين والى جانبه ميناء وبحر عكا على الاداء وهذا لا يعني ان العرض في اماكن اخرى سيكون اقل شأنا فحجارة فلسطين في حيفا والناصرة ورام الله والقدس هي ذات الحجارة."
بدأ العرض المسرحي على خشبة مسرح اللاز الذي تتسع قاعته لما يقارب مئة شخص بعد ان تم ترميم مبنى المسرح على يد المخرج الفلسطيني الراحل مازن غطاس بخروج الممثلين مما يشبه الخزانة وهما يحملان معهما صرة كبيرة تذكر الجمهور بتلك التي حملها اللاجئون معهم عند رحلوا او اجبروا على الرحيل عن منازلهم عام 1948 .
وقال روبي "يحمل العمل دلالات كثيرة اردنا فيها ان ننبش الذاكرة الفلسطينية على وقع كلمات شاعرها ولم ننس ان نشير الى ما تتعرض له عكا هذه الايام من محاولات تهجير لسكانها الاصليين وكان ذلك من خلال اغلاق ذلك الباب بالحجارة واعادة فتحه بعد ذلك."
وعلى وقع كلمات القصيدة تراقص الممثلان مستخدمين كل حواسهما لتجسيد الكلمات برقص تعبيري بجانب عرض للفيديو في خلفية المسرح لذات اللقطات. ومما جاء في القصيدة "اقتربَ الموت مني قليلاً فقلت له.. كان ليلي طويلاً فلا تحجب الشمسَ عنّي وأهديته وردةً مثل تلك… فأدى تحيته العسكرية للغيب ثم استدار وقال اذا ما أردتك يوماً وجدتك فاذهب."
واوضح روبي ان العمل "يحاكي الحالة الوجودية والنفسية والانسانية المواجهة للموت الحتمي بالتمسك بالحياة وتشبث الجسد بالروح والوعي والذاكرة حتى يطيل زمان الوجود ويجدد حلم الابدية."
ويأخذ روبي الجمهور الى خارج المسرح دون ان يغادر كراسيه عبر كاميرا ترافق منى لحظة خروجها من المسرح لتسير داخل مبنى قديم تبحث عن تلك الوردة الواردة في القصيدة "واهديته وردة مثل تلك" ليقدم بعد ذلك مشاهد مسجلة لها وهي تسير باتجاه البحر على وقع كلمات "حيث تكون الطفولة تغتسل الابدية في النهر.. زرقاء ..فلتأخذيني الى النهر."
ويبحث بشار عن روحه التي غادرت خشبة المسرح في تلك الصرة التي كانت معه منذ البداية ليخرج منها دمية كبيرة على شكل امرأة يؤدي معها حركات راقصة قبل ان تعود منى مرة اخرى الى خشبة المسرح ليواصلان معا تقديم العرض على مدار خمسين دقيقة دون ان ينطقا بكلمة واحدة.
وقال الممثل بشار مرقص بعد العرض لرويترز "في حضرة كلمات محمود درويش لا تحتاج ان تتكلم. كل ما تحتاج اليه ان تستمع. انا بالاصل ممثل وهذه تجربة اولى لي بتقديم الرقص التعبيري ..هذا عمل انساني عالمي يخاطب كل الناس ويخاطب فينا نحن الذاكرة."
اوضحت منى ان هذا العمل خرج الى النور بعد شهرين من التدريب على يد الفنانة رابعة مرقص وقالت "احببت ان اؤدي هذا الدور لاني بالاصل راقصة. ان تقدم عرضا في مثل هذا المكان الساحر على وقع كلمات شاعر كبير لابد ان يكون لذلك طعم خاص كما ان ردة فعل الجمهور اعطتنا دفعة كبيرة لاننا احسسنا انه احب العمل رغم انه يقدم ربما للمرة الاولى بهذا الشكل في المسرح الفلسطيني."
ورأى عدد ممن شاهدوا العرض ان المخرج نجح في الدمج بين الكلمات والرقص والفيديو الذي استخدمه. وقالت لانا خطيب بعد مشاهدتها العرض "تفاجأت بالعرض الرائع في البداية ظننت انه يتحدث عن قصة حب عادية ولكن بعد ذلك تأكدت انه يتحدث عن الروح والجسد."
ويستعد طاقم المسرحية لبدء جولة عرض على مسارح حيفا والناصرة والقدس ورام الله خلال الفترة القادمة بعد تقديم عرضين على خشبة مسرح اللاز في عكا.
شام نيوز - وكالات