"مسطرة" قوانين القطاع العام

الصفحة الأخيرة

زياد غصن-شام إف إم


إذا ما قُدّر لمشروع قانون الوظيفة أو الخدمة العامة أن يصدر قريباً، فهذا يعني إنهاء واحدة من أهم المشكلات التي تواجه المؤسسات العامة.

فقانون العاملين الأساسي، الصادر قبل حوالي ثلاثة عقود ونيف والمعدل في العام 2004، تعامل مع جميع المؤسسات العامة بمسطرة واحدة، متجاهلاً خصوصية عمل كلٍّ منها، مهام ومسؤولية كل عامل، والأهم أنه سد الباب أمام تطبيق النظم الإدارية المتطورة في مقاربة ملف الموارد البشرية.

ولهذا كنا دوماً نقول: إن ما يطبق على شركة صناعية من إجراءات إدارية ومالية لا يمكن أن يطبق على شركة صرفٍ صحي، أو على مؤسسة إعلامية، أو حتى على الوحدات الإدارية.

وهذا للأسف لا يتعلق فقط بملف الموارد البشرية المحكوم بقانون العاملين الأساسي، وإنما كذلك بقوانين أخرى كقانون العقود، والذي ينظم مشتريات جميع المؤسسات العامة وعقودها الاستثمارية والخدمية أياً كان حجم أعمالها ونوعية المشروعات التي تسعى لتنفيذها.

فمثلاً شراء اليوم حفّارة نفط أو تجهيزات تقنية لبئر غاز أو حتى طائرة مدنية يخضع للإجراءات نفسها التي تطبقها المؤسسة السورية للتجارة عندما تريد شراء معلبات غذائية من التجار لبيعها في صالاتها.

دون شك هذه سخرية مؤلمة، جعلت المؤسسات العامة تدفع أثماناً باهظة جراء هذا النوع من "المساواة" الكارثية، ولدرجة أن معظم المؤسسات فشلت في تحقيق المهام والوظائف التي وجدت من أجلها.

لكن ما البديل؟

البديل يكمن في العمل على محورين:

- الأول يتمثل في التوجه الحكومي إلى وضع تشريعاتٍ عامة تنظم سياسات العمل والإدارة في المؤسسات والجهات العامة، وفي جميع مجالات التوظيف، الرواتب والتعويضات، المشتريات والعقود وغير ذلك، لكن دون الدخول في التفاصيل.

- والمحور الثاني يتعلق بمنح المؤسسات العامة صلاحيات واسعة في تشريعات إحداثها بما يتناسب مع خصوصية عملها واحتياجاتها ونوعية المشروعات والمهام التي تنفذها.

ولضمان أن يكون تنفيذ المحورين ناجحاً، لابد من توسيع دائرة الحوار والنقاش حول مضمون مشاريع التشريعات ومضمونها، وإلا فإننا بعد فترة بسيطة من إصدارها سنكون في مواجهة موجة من الانتقادات والتشكيك، كما يحدث اليوم مع مسار ومعايير شغل المناصب، والتي تسببت بخسارة الدولة للعديد من الكفاءات والكوادر الخبيرة.