مسلمون في مصر ينضمون الى الشرطة في الهجوم على الاقباط

اتخذت الاشتباكات التي وقعت امس في القاهرة بين الشرطة واقباط مصريين بعدا طائفيا, عندما انضم عشرات المسلمين الى العنف, حيث أظهرت لقطات تلفزيونية أن بعض رجال الشرطة رشقوا المتظاهرين بالحجارة. وقال شهود عيان إن عشرات المسلمين ألقوا حجارة على المتظاهرين المسيحيين.
وقتل متظاهر قبطي شاب امس الاربعاء بطلق ناري واصيب قرابة واحد وخمسين اخرين بينهم رجال شرطة في مواجهات وقعت في حي الطالبية (جنوب القاهرة) بين الشرطة والمواطنين الاقباط الذين كانوا يحتجون على قرار السلطات المحلية بوقف اعمال توسيع كنيسة.
وقال مصدر أمني - حسب صحيفة القدس العربي - إن قوات مكافحة الشغب استخدمت العصي والقنابل المسيلة للدموع ضد المتظاهرين، الذين كانوا يحتجون على أمر بوقف البناء في مبنى خدمات تابع لكنيسة السيدة العذراء والملاك ميخائيل بالمحافظة، بينما رشق المتظاهرون القوات بالحجارة، في حين ذكر مصدر طبي أن هناك مصابين بالرصاص.
ودان البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية في عظته الاسبوعية بكاتدرائية العباسية استخدام العنف ضد الاقباط من قبل الشرطة، محذرا من ان 'العنف يولد عنفا'.
وقال البابا انه تلقى اسئلة عن رأيه في المواجهات التي وقعت في الجيزة فقال: 'ارجو ان يتناول المحافظون ورجال الامن هذه الامور بحكمة وهدوء'. وتابع 'ربنا يعطي سلطة لبعض الناس لكي يستخدموها في (تحقيق) راحة الذين تحت سلطتهم لكن السلطة لا تستخدم (اي لا تتم ممارستها) بالعنف'. واكد ان 'العنف يولد عنفا'.
وعلق البابا شنودة على حرق منازل اقباط في قرية ابو طشت بمحافظة قنا (صعيد مصر) في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري قائلا 'ما معنى ان يتم حرق 20 بيتا بغير سبب والناس تفقد مساكنها وكل مقتنياتها'.
وتساءل 'اين رجال الامن؟' في اشارة ضمنية الى تواطؤ الشرطة وان رجال الامن لم يتدخلوا لحماية منازل الاقباط التي احرقت في هذه القرية بعد ان سرت شائعة عن علاقة عاطفية بين شابة مسلمة وشاب مسيحي. وتابع 'لو مسسنا نحن (الاقباط) احدا ولو من بعيد، تهيج الدنيا وتقوم'.
وشهدت الكاتدرائية احتجاجات من اقباط غاضبون وقال احدهم خلال العظة ان رجال الامن متواطئون مع جماعة الاخوان المسلمين، وان المسلمين يغلقون شوارع باكملها خلال صلاة الجمعة ولا يتعرض لهم احد.
وقالت وزارة الداخلية إن الشرطة ألقت القبض على 112 على الأقل من المتظاهرين الذين قدرت وكالة أنباء الشرق الأوسط عددهم بما يصل إلى ثلاثة آلاف. لكن بيانا أصدره النائب العام عبد المجيد محمود الذي بدأ معاونوه التحقيق في الأحداث قال إن الشرطة ألقت القبض على 133 متظاهرا. ونظمت المظاهرة أمام مبنى محافظة الجيزة.
وقال مصدر طبي إن أغلب المصابين نقلوا إلى مستشفى أم المصريين القريب من مبنى محافظة الجيزة لعلاجهم، وإن جثة القتيل - وهو شاب مسيحي يدعى مكاري جاد شاكر (19 عاما) - نقلت إلى مستشفى أم المصريين أيضا. وتابع أن ثلاثة من الجرحى أصيبوا بالرصاص وفي حالة خطيرة وأن أحدهم ويدعى حربي مملوك (30 عاما) نقل من مستشفى أم المصريين إلى مستشفى قصر العيني 'بين الحياة والموت'.
ويشكل الاقباط اكبر طائفة مسيحية في الشرق الاوسط. ويقدر عددهم بما يراوح بين 6 و10' من عدد سكان مصر البالغ 80 مليونا. ويشكو الاقباط بشكل دائم من انهم يعانون من تهميش وتمييز متزايدين منذ ثلاثين عاما، خصوصا في مجال الوظائف العامة.
وتكررت المواجهات الطائفية في مصر خلال السنوات الاخيرة لاسباب عديدة، من بينها القيود على بناء الكنائس او العلاقات العاطفية بين رجال ونساء مسلمين ومسيحيين في بلد لا يسمح بالزواج المدني.
ويقضي قانون يعرف باسم 'الخط الهمايوني' وهو موروث من العهد العثماني بألا يتم بناء كنيسة جديدة او توسيع اي كنيسة قائمة الا بقرار من رئيس الجمهورية الذي خول سلطاته في هذا المجال الى المحافظين.
من جانبهم دان مفكرون الحادثة وأكدوا أنها تبعث برسائل ودلالات معينة حول علاقة الدولة بالأقباط، متهمين الحزب الوطنى بـ«الغباء السياسي»، ومؤكدين أن الحزب سيخسر أصوات المسيحيين خلال الانتخابات المقبلة.
وقال كمال زاخر - وفقا لصحيفة المصري اليوم - إن هناك نوعا من الغباء السياسي لحكومة الحزب الوطني، لأنها اختارت توقيتا سيئا قبل الانتخابات لإحداث الصدام مع الأقباط، و«بالتالي سينصرف الأقباط عن التصويت لمرشحي الحزب، في الانتخابات المقبلة».
وطالب زاخر بعودة قرارات بناء الكنائس لرئيس الجمهورية، معتبرا أن «تجربة المحافظين» أثبتت فشلها، وتزيد العوائق والمشاكل مع الأقباط، وأشار إلى أن الأمن يتعامل باستعلاء مع الأقباط. وأرجع زاخر سبب وصول الأمر للعنف الشديد، إلى «فقدان الأقباط الثقة في النظام والأمن وحتى قادة الكنيسة» نتيجة تكرار الاعتداءات عليهم دون حماية وسط تعنت أمني.
وأكد حسين عبد الرازق من حزب التجمع اليساري ان الأحداث الأخيرة من احتقان طائفي نتيجة الفقر وانخفاض مستوى المعيشة وشعور الأقباط بالتمييز ضدهم منذ عام ١٩٧٢ في مسألة بناء دور العبادة وتولي المناصب العليا وفي الإعلام.
من جانبه، قال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، إن ما حدث محصلة تراكم طويل لشعور الأقباط بإهمال نظام الحكم لكل مطالبهم المشروعة.
شام نيوز - صحف